الحلقة الحادية عشرة من كتاب الكولونيل شربل بركات الجديد: “لبنان الذي نهوى”… عناوين حلقة اليوم/التحولات الكبرى في الشرق الأوسط بعد الحادي عشر من ايلول 2001/نتائج حرب 2006!؟
التحولات الكبرى في الشرق الأوسط بعد الحادي عشر من ايلول 2001 في الحادي عشر من ايلول 2001 قام عناصر من تنظيم القاعدة التي مقرها افغانستان بهجومات متعددة باستخدام طائرات مدنية على مراكز منتقاة في الولايات المتحدة، ومنها “مركز التجارة العالمي” في نيويورك حيث هدم البرجان اللذان يمثلان أحد رموز المدينة، كما هوجم البنتاغون مقر وزارة الدفاع الأميركية، وأسقطت طائرة كانت تحاول الوصول إلى البيت الأبيض. هذه الهجمات كانت ترمز إلى أن الارهاب العالمي يمكنه الوصول حيث يشاء، ومن هنا كان القرار الأميركي بالقضاء على الأرهاب العالمي، ولذا بدأت الولايات المتحدة التحضير لضرب منظمة القاعدة في أفغانستان وحيثما تواجدت. فقامت القوات الأميركية بمشاركة قوات دول حليفة بعمليات انزال في أفغانستان واحتلالها وقلب نظام الحكم فيها والذي كانت تسيطر عليه حركة طالبان الاسلامية المتطرفة. كانت عمليات القاعدة مؤشرا مهما للدول المتحضرة بضرورة القضاء على الأرهاب واجتثاثه من جذوره لأنه أصبح يشكل خطرا على كل الدول المتقدمة. وهكذا بدأ اللبنانيون يحلمون بأن زمن الارهاب إلى أفول وأن نتيجة التحرك الدولي ستنعكس بشكل إيجابي على لبنان فتنتهي فيه سيطرة السوريين وجماعات الأرهاب مثل حزب الله وبقايا التنظيمات الارهابية الأخرى. وبما أن الرئيس العراقي صدام حسين في أثناء قمعه للتحركات التي جرت في البصرة والمناطق الكردية استعمل أسلحة محظورة وكانت الأمم المتحدة أتخذت اجراءات بحقه منعت من خلالها تصدير النفط إلا بموحب ما سمي ببرنامج “النفط مقابل الغذاء”، وما إليه من العقوبات جعلت الحكومة الأميركية تتخذ قرار احتلال العراق للتفتيش على أسلحة الدمار الشامل التي كان يملكها وبالتالي فقد سيطر الجيش الأميركي على العراق. خلال هذه الفترة وفي الرابع من أيار 2003 أنهى وزير الخارجية الأميركي الجنرال كولن باول زيارته لسوريا ولبنان بعد أن التقى الرئيس الأسد شدد على الأمور التالية: ضرورة نشر الجيش اللبناني على الحدود مع اسرائيل وانهاء دور حزب الله، وتوقف سوريا عن عرقلة مساعي السلام بين اسرائيل والفلسطينيين، والامتناع عن التدخل في العراق، والأهتمام بالشأن الداخلي السوري فلم يعد لها أي دور اقليمي. في اشارة منه على ما يبدو لانتهاء الدور السوري في لبنان أيضا، والتوقف عن دعم وتبني جماعات الارهاب في المنطقة. في الثاني من أيلول 2004 وبعد مساعي متعددة من اللبنانيين المغتربين وزيارات قامت بها وفود لبنانية من الانتشار ومشاريع تطالب الأمم المتحدة بانهاء سيطرة السوريين والارهاب على لبنان، أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا حمل الرقم 1559 يطلب إلى القوات السورية الخروج من لبنان، وعدم التدخل بالانتخابات الرئاسية، كما طلب تسليم كافة الأسلحة من المليشيات اللبنانية وغير اللبنانية المتواجدة على أرض لبنان، ومن ضمنها سلاح حزب الله وأسلحة المخيمات والمراكز التي اقامتها سوريا لتنظيمات موالية لها، واعتبار قوات الدولة اللبنانية الشرعية وحدها المخولة بحمل السلاح وفرض الأمن على طول البلاد وعرضها. هذا القرار الذي تم عرضه من قبل فرنسا والولايات المتحدة كان قد تطلب الكثير من العمل في أروقة الأمم المتحدة حيث أقنعت روسيا بعدم المعارضة، ووقفت بعض الدول العربية ايضا بجانبه، كما الدول الأعضاء في دورة مجلس الأمن الدولي في تلك الفترة، ومن هنا فإن الفضل في صدوره يعود لتلك المجموعة من الناشيطين السياسيين اللبنانيين في بلاد الاغتراب، الذين لم يألوا جهدا لمساعدة بلدهم الأم على التخلص من الاحتلال والهينمة على قراره السياسي، وتركه يعود ليلتحلق بركب الدول السيدة والحرة التي تسعى إلى خير مواطنيها. قامت قيامة سوريا وأزلامها بالطبع وبدأ التفتيش عمن وراء هذا القرار ووراء اقناع الدول الكبرى باتخاذه، ومن هنا صب السوريون غضبهم على الرئيس الحريري الذي أنكر أي دور له في هذا القرار، ولكنه بداخله كان فرحا بصدوره. وما كان من الماكينة السورية – الإيرانية إلا أن قامت باغتياله في انفجار في الرابع عشر من شباط 2005 حيث كان متوجها من مجلس النواب قاصدا منزله في محلة قريطم، بالرغم من التجديد للرئيس لحود الذي كان الرئيس الحريري معارضا له في البدء، ولكن زيارته الاجبارية لعنجر حيث هدده رستم غزالة مسؤول المخابرات السورية في لبنان، ما جعله يحضر جلسة التجديد للرئيس بيده المكسورة والمجبرة، والتي جرى حولها المثير من اللغط، وبالرغم من موقفه هذا، فقد قتل في الانفجار الكبير الذي نتج عن الف كيلو من المواد المتفجرة، حيث لاقى 22 شخص حتفهم كان هو والوزير باسل فليحان ومرافقيهم وبعض المارة من ضمنهم. وردا على هذا الاغتيال قامت القوى السياسية المعارضة للاحتلال السوري، بتنظيم مظاهرات مستمرة حول ضريح الرئيس الحريري في ساحة الشهداء تطالب بالانسحاب السوري من لبنان، وتنفيذ القرار الدولي 1559 وسقوط الحكومة. وقد قدم الرئيس عمر كرامي استقالته وحكومته في 28 شباط 2005 أي بعد اسبوعين على مقتل الرئيس الحريري. في الثامن من آذار 2005 دعى حزب الله لمظاهرة حاشدة في ساحة رياض الصلح للرد على المطالبين بخروج الجيش السوري والمحتشدين في ساحة الشهداء، وكان شعارها “شكرا سوريا” وطالبت بمنع تدخل الولايات المتحدة وفرنسا في الشؤون اللبنانية، وبقدسية “المقاومة” والدعم لمواقف سوريا في لبنان. وقد قدّر عدد المشاركين الذين أجبر الكثيرين منهم على الحضور، بحوالي ما يزيد عن المئة ألف شخص، وهو عدد مقبول لساحة كساحة رياض الصلح. وقد تكلم نصرالله وبعض الخطباء مطالبين بعدم تدخل أميركا في الشأن اللبناني، وبأن سوريا هي من خلّص لبنان من الحروب الداخلية، وحزب الله هو المقاومة الوطني التي تحميه. في الربع عشر من آذار، اي بعد أسبوع على مظاهرة حزب الله، دعت الأحزاب والقوى السيادية والاستقلالية إلى مظاهرة صاخبة في ساحة الشهداء ضمت قرابة المليون ونصف وكانت من أكبر ما شهد لبنان في تاريخه من مظاهرات، وقد رفعت فيها يافطات تطالب بتنفيذ القرار 1559 وبخروج السوريين من لبنان واستعادة السيادة والاستقلال. وهذا ما دفع المجتمع الدولي الذي كان يراقب ما يحصل إلى اتخاذ قرار الضغط على الرئيس السوري لتنفيذ انسحاب جيشه من لبنان. ولذا فقد سمحت سوريا بتشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، كان أعضاؤها الأربعة عشر جميعهم غير مرشحين للانتخابات، وكانت مهمتها مواكبة الانسحاب السوري، والذي تم في السادس والعشرين من نيسان 2005 أي بعد شهر تقريبا من المظاهرة الكبرى، ومن ثم الاشراف على الانتخابات النيابية الجديدة. في الثامن من ايار 2005 عاد العماد عون من منفاه الفرنسي بعد 15 عاما على خروجه مذلولا أمام الهجوم السوري على القصر الجمهوري، والذي فرض سيطرة سوريا على كامل التراب اللبناني مجددا. وكانت عودته إشارة إضافية لانتصار الخط الوطني المقاوم للاحتلال السوري وعودة السيادة إلى البلد. في آخر ايار 2005 جرت الانتخابات النيابية وعلى مدة شهر كامل قسمت على اربعة مناطق، أي في كل نهاية اسبوع منطقة، وقد سبقها اتفاق بين القوى السيادية الممثلة بالرئيس السنيورة والزعيم الدرزي جنبلاط مع الرئيس بري وحزب الله سمي بالاتفاق الرباعي، والذي اعترف لحزب الله بحقه في التمثيل النيابي للمرة الأولى. هذه الانتخابات أعطت حزب الله تمثيلا موازيا لتمثيل أمل، وقد نال كل من الثنائي الشيعي 14 عضوا في المجلس الجديد، بينما نال المستقبل 36 عضو وجنبلاط 16 وعون الذي لم يتحالف مع أحد نال 15 عضو وظهر كقوة مسيحية على الأرض، وقد نال حزب القوات اللبنانية 6 أعضاء والكتائب 5 أعضاء، وكانت هذه اجمالا الكتل الكبرى بينما كانت حصص المستقلين مقبولة في الجانبين. ولكن العماد عون الذي كان قد أجرى محادثات قبل عودته من باريس مع السوريين بواسطة بقرادوني وأميل لحود الأبن ومبعوثه الخاص إلى دمشق فايز القزي، لم يكن راضيا على الحلف الرباعي واعتبر بأن تسميته بالتسونامي من قبل جنبلاط يدل على خوف قيام جبهة مسيحية قوية، ما دفع إلى هذا التحالف الرباعي الذي سيفشل الخط السيادي. وكان ادخال حزب الله من ضمن التركيبة السياسية محاولة من قبل السنيورة وجنبلاط لحثه على التخلي عن سلاحه والعمل من داخل المؤسسات الدستورية بحسب ادعائهم، ولكن وبعد الانتخابات ونتائجها فوجئ الجميع باعلان مار مخايل الذي جرى بين عون ونصرالله، حيث أعلن عن اتفاق الكتلتين حول كافة الأمور المطروحة في البلد، ما اعتبر بحسب العماد عون استباقا لأي تفاهم بين السنة والشيعة والدروز، للعودة إلى حشر المسيحيين وعدم اعطائهم حقهم ودورهم في ادارة البلاد. هذه الخطوة أعطت للعماد عون مجالا كبيرا للمناورة، وبدل أن يكون هو محشورا في زاوية سياسية محدودة المجال، بدى وكأنه قادر على اللعب على كافة الحبال، ولكنه اضطر إلى التراجع في بعض طروحاته العقائدية؛ ومنها تسمية فترة الاحتلال السوري بأنها “تجربة شابتها بعض الاخطاء” ومن ثم القبول بقدسية سلاح “المقاومة” وحتى “زوال خطر اسرائيل”. وهذا بالضبط ما كان يسعى له حزب الله وسوريا وإيران، لأن القرار الدولي 1559 كان جاهزا للتنفيذ كون الولايات المتحدة لا تزال بكامل قوتها في المنطقة، والظروف ملائمة لفرض تنفيذ هذا القرار، وكل ما تريده أيران وحزب الله أن لا يفرض عليه تسليم سلاحه وانهاء دوره “المقاوم”، والذي تختبئ خلفه كل المشاريع المستقبلية والأهداف البعيدة المدى التي رسمتها الأجهزة الإيرانية لاستعمال لبنان كدولة تابعة لولاية الفقيه تأتمر بأوامره وتعادي من يعادي وتحالف من يحالف. وقد كان العماد عون في زيارته إلى الولايات المتحدة قد ساهم في قرار الكونغرس الأميركي “محاسبة سوريا”، وهو القرار الذي ساعد على تفهم الحاجة لخروج سوريا وبالتالي قبول الولايات المتحدة بمشروع القرار الدولي 1559، ومن هنا فقد كانت مقاربته من قبل السوريين تخطيط يرمي إلى استيعابه وتحويل سياسته ومطاليبه لتصبح مشابهة لبقية السياسيين الراضخين لحزب الله والمشروع الإيراني – السوري. وقد يكون العماد عون حاول التذاكي والظهور بمظهر من ينتظر أن يقوم العالم بنزع سلاح الحزب وبالتالي فهو يؤمن تحالفا مع مركب اساسي على صعيد الوطن وهو الطائفة الشيعية والتي تدين بالولاء لحزب الله بأكثريتها، كونها غرر بها واعتبرته ساهم في خروج اسرائيل واستتباب الأمن في الجنوب. ولكنه تعامى عما كان يقوله من خطورة بقاء السلاح بيد فئة تلتزم بأوامر من خارج البلاد وتنفذها بدون حساب لمصالح اللبنانيين. بعد اعتبار حزب الله هذا حزبا سياسيا لبنانيا ودخوله الندوة البرلمانية من الباب الواسع، وبعد اعتراف العماد عون له بأنه جزء اساسي من التركيبة اللبنانية والتغاضي عن تبعيته لإيران، عاد حزب الله إلى القيام بعمليات عبر الحدود تهدد الأمن والاستقرار، حيث وبعد عدد من الاشتباكات الغير مبررة في تشرين الثاني وكانون الأول 2005 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1655 والذي صدر في 31 كانون الثاني 2006 وطالب الحكومة اللبنانية ببسط سيادتها على كامل الأراضي اللبنانية ومنع الاعتداء عبر الخط الأزرق، ما حث على إجراء حوار لاقناع هذا الحزب بالتوقف عن القيام باي اعتداء عير الحدود كمقدمة لتنفيذ القرار 1559 طوعا وبدون الحاجة لاستعمال القوة. وهكذا بدأت جلسات الحوار التي كانت ترمي إلى حل هذه المعضلة. وبعد أولى الجلسات التي توسّم منها الجميع بالخير صدر عن مجلس الأمن الدولي القرار 1680 الصادر في حزيران 2006 والذي يطلب وقف تهريب الأسلحة عبر الحدود مع سوريا إلى لبنان، ما يشكل خطرا على الأمن ولا يتماشى مع النية التي تظهرها جلسات الحوار لتنفيذ القرارات الدولية وخاصة 1559، وقد طُلب من السيد نصر الله في جلسات الحوار هذه أن يلتزم بوقف العمليات العسكرية عبر الحدود، والتقييد بمفهوم حق الدولة وحدها باعلان الحرب. وقد وعد نصرالله بالالتزام، ولكن لتقوم مجموعة من عناصر هذا الحزب في 12 تموز 2006 باجتياز الحدود اللبنانية الاسرائيلية واختطاف جنود اسرائيليين من داخل الأراضي الاسرائيلية في عملية أشرف على تنفيذها قاسم سليماني قائد الحرس الثوري الإيراني بنفسه وخطط لها عماد مغنية، بحسب ما جاء على لسان السيد نصرالله، في أحد خطاباته بعد مقتل سليماني، وبدون علمه على ما يبدو. كانت ردة فعل اسرائيل عنيفة جدا، وكان العالم كله ينتظر أن ينتج عن هذه المعركة نهاية حزب الله كتنظيم مسلح، وتسليم سلاحه للدولة وأنهاء مفهوم الساحة عن الحدود اللبنانية. وبعد عمليات قتل فيها أكثر من الفي شخص ودمر الجنوب وتهجر أهله، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 1701 والمستند على القرارات السابقة ومن ضمنها 1559 و1655 و1680. وقد نص القرار 1701 على نشر الجيش اللبناني على الحدود بمساعدة قوات الأمم المتحدة ومنع تواجد أي سلاح خارج هذه القوات بين نهر الليطاني والحدود الدولية، وعمل الدولة على تنفيذ القرار 1559 وانهاء اي وجود مسلح خارج قوات الشرعية. ولكن رئيس الحكومة يومها لم يقبل بأن يوضع القرار تحت البند السابع فينفذ تحت اشراف الأمم المتحدة، ما سمح لحزب الله بالادعاء بأنه ربح الحرب وغلب اسرائيل، ولذا فله وحده الحق بالدفاع عن لبنان. ما أوقف جلسات الحوار كليا، وحوّل الموضوع إلى صراع على السلطة بدأه حزب الله وأعوانه، وخاصة التيار الوطني الحر، باعتصام في ساحة رياض الصلح ومحاصرة مقر الحكومة وعودة العنف إلى الحلبة الداخلية شيئا فشيئا.
نتائج حرب 2006 كانت نتائج حرب 2006 على لبنان وخيمة، خاصة لأنه، وبدل أن يتعظ اللبنانيون من التدمير والخسائر بالأرواح التي مني بها المدنيون، وبدل أن يستغل الحزب وزعماؤه هذه المأساة لتحويله إلى حزب سياسي يلتزم بالقرارات الدولية ويسلم سلاحه للدولة التي يتمثل فيها، وبدل أن يعصى الأوامر الايرانية التي زجته وبيئته في كل هذه الخسائر وبدون سبب، إلا ما كانت المفاوضات بين إيران والمجموعة الأوروبية، والتي تدور حول البرنامج النووي الإيراني، تتطلبه ربما، كنوع من الضغوط التي يمكن أن تمارسها إيران على المجتمع الدولي، وبعكس توقعات الرئيس السنيورة الذي صرح بأنه “قومي عربي” ولا يمكنه أن يلتزم بتنفيذ القرارات الدولية تحت البند السابع للأمم المتحدة، وهي نظريات تجاوزها الزمن وستظهر خطأها الأيام، إذ أن التوجه الإيراني في اخضاع الدول العربية بالقوة لا يمكن أن يماشي ما كان يسمى زمن عبد الناصر بالقومية العربية التي تغنى بها الرئيس السنيورة وبعض الحالمين، فإن النتائج الحاسمة كانت بعكس كل التوقعات. فحزب الله عاد للاعتماد على الخطط “الالهية” وأوامر المرشد، فصوّر كل تلك المآسي بأنها نصرا من عند الله، وطالما بقي بعض قادة الحزب أحياء فإن المعركة مستمرة ولو مني المجتمع والبيئة الحاضنة والدولة بكل الخسائر التي لا يمكن أن يتصورها عقل. ومن هنا عاد الخطاب التحريضي إلى الظهور بعد تلقي المساعدات العربية، وخاصة مساعدات قطر، التي كانت بدأت تلتزم خط الأخوان المسلمين والذي لا يختلف كثيرا عن الخط الخميني، ولو تميزا من حيث المرجعية، فكليهما ينادي باعادة صياغة الأنظمة بناءً على نظريات المراجع الفقهية، وكليهما يستعملان العنف وسيلة للوصول إلى السلطة وفرض الشريعة قانونا وحيدا، وكليهما يصبوان إلى تصدير تجربة الحكم الاسلامي، ولكن بالطبع وعندما ينتهيان من محاربة العالم الحر والنظريات التقدمية، يختلفان على الحكم وتوزيع المغانم. من هنا كانت مساهمة قطر مقبولة ومشكورة عند جماعة إيران، وكل ما تبقى من مساعدات الدول العربية والأجنبية ظل الكلام عنها خجولا بعض الشيء. وكانت حفلة توزيع المساعدات واعادة الاعمار هي القضية الأساسية في كل هذه المعمعة. فالشيعة المتضررون اصلا من جراء عمليات الحزب، أُسكتوا بالأموال التي صرفت كتعويضات، والتيار الوطني الحر الذي كان يجب أن ينقلب على اتفاق مار مخايل كونه رأى مساوئ سلاح الحزب ونتائجه على لبنان وكل الدمار الذي نتج عنه، رضي بالاستمرار فقط بسبب الحصة من المغانم التي ستطال المنظورين من جماعته في مشاريع اعادة الاعمار وتوزيع المساعدات. أما السنيورة وجنبلاط وبقية المتزعمين فيما كان يسمى يومها تجمع 14 آذار فارتضوا بفتات الأموال المغدقة لاعادة الاعمار، وخافوا من مواجهة حزب الله وعودة تمدده، مع أنه كان في أضعف حالاته، وكانت وقفتهم المائعة هي ما أعطاه النفس للقيام من جديد. وهكذا فقد لبنان كدولة ونظام، عقله الراجح ورؤيته في أدارة البلاد، وما يجب أن تتحلى به السلطة من بعد نظر وتخطيط للمستقبل والمحاسبة وأخذ العبر، وهو دور من يحكم، وفقد من يجلس على الكراسي كل هذه لأنه تاه في مجالات الاستفادة الشخصية واقتسام المكاسب التي نتجت عن بؤس الناس وشقائهم، فتغيّرت المفاهيم وسقط المنطق، ما سيؤدي إلى سقوط الدولة ككل لاحقا، واعتباره أمرا بديهيا وسهل الحصول، لأن الوعي العام للمأساة قتل في مهده، وغُلّب الربح البسيط المؤقت والعابر على رجاحة العقل وادراك نتائج التصرفات الغير محسوبة، ومن هنا يمكننا تفهّم سقوط الدولة والمؤسسات بسرعة لم تتجازو السنوات العشر. كان حزب الله قد سوّق في الثمانينات لعمليات الانتحار الفردية في سبيل الأمة، وها هو بعد حرب 2006 يسوّق، وبدون خجل، لعملية الانتحار الجماعي لخدمة مشاريع وأوامر الولي الفقيه. فهو رأى بأم العين أنه لم يعد هناك من قيم تحكم المجتمع، ولا من قادة يمثلون رؤية بعيدة الأمد أو يرتبطون بمواثيق دولية ويلتزمون بجدية المواقف، وهم بتصرفاتهم هذه ابعدوا الدول التي تحترم نفسها عنهم، ولذا فهو لم يعد يهاب أحدا، سيما وأنه يمكنه شراء كل العقول وكل المناصب، وإن بقي من المناضلين في سبيل المثل العليا فهو مستعد لقتلهم بدم بارد وتهديد كل من تسوّله نفسه الاعتراض. وهكذا أصبح لدى نصرالله الجرأة على المجاهرة بأنه جندني في ولاية الفقيه وبأن رواتب وأسلحة وأوامر حزب الله من إيران وهو يعمل للتحضير لقدوم صاحب الزمان الامام المهدي ويتلقى أوامره ومهماته من الولي الفقيه. كل ما قيل إذاً عن أن الحرب في لبنان قامت بين، من يريدون لبنان دولة عربية ملتزمة بقضايا الأمة، وبين من يريدونه دولة مستقلة تعمل لصالح شعبها وتعتبر نفسها من ضمن المجموعة العربية في المواقف والتعاون والعمل على تأمين الرفاه لشعوبها، سقط مع هذا الحزب الذي يشبه الشيوعية في الطروحات الأممية، ولكن الأمة هنا هي أمة الشيعة المسلمون أتباع الأمام المغدور، ما يميز بين المواطنين على اساس مذهبي ضيق، ويسعى لسيطرة أمة غريبة عن العرب على بلادهم وثرواتهم وشعوبهم. وما كانت محاولة سوريا بعد حرب التحرير التي كان أطلقها العماد عون والتي جرت الويلات على اللبنانيين قصفا وتفجيرا، بأنها حرب على عروبة لبنان وعلى التمميز بين المواطنين، فإذا بطروحات هذا الحزب، حليف النظام السوري وأسياده، غريبة عجيبة اين منها سيطرة فئة لبنانية على موارد الدولة أو التهرب من الالتزام بمواقف الأمة العربية. فمع هؤلاء تغيرت الأمة تغييرا جذريا وحيثما حاولت التوسع قسمتها بين شيعة وسنة واستعادت الجدل التاريخي والأحقاد الموروثة، ولكن ما يجمعها مع القوى الجديدة التي انتشرت في المحيط والتي أعتبرت بأنها من سيخلص الأمة، هو معاداتها لاسرائيل وأميركا بالطبع. فأميركا هي رمز العالم الحر والمتقدم الذي تسعى هذه الفئات العائدة من غياهب التاريخ إلى عدم التشبه به، وإسرائيل هي ربيبة أميركا. ومن هذا المنطلق يصبح كل تصرف مقبول وكل طرح منطقي، فمحاولة تخريب الدول العربية النفطية والغنية في الخليج العربي كمقدمة لسيطرة نظام الملالي عليها هي واجب مقدس، وتحجيم دور مصر كدولة عربية كبيرة وفاعلة في المنطقة يصبح ايضا مبررا. لم يكتف حزب الله، بعد ثورة الأرز التي انطلقت في 14 آذار 2005 وأدت إلى الانسحاب السوري، باغتيال الرئيس الحريري، إنما قام بسلسلة طويلة من الاغتيالات والتي كان العماد عون قد علم أو تنبأ بها قبل عودته من منفاه الباريسي، إذ أعلم مساعديه بأنهم لن يتعرضوا للاغتيال، وهذا قبل أن ينجح بالانتخابات وقبل أن يوقع على اتفاق مار مخايل، فهل كان اتفاقه مع السوريين قبل عودته جعله يعرف منهم بعض تفاصيل سلاح الاغتيالات المزمع استخدامه؟ هذه السلسلة الجديدة من الاغتيالات ولو أنها كانت بدأت قبل حرب تموز 2006 إلا أنها في حد ذاتها كانت مشروعا منفصلا عن تلك الحرب وبرنامجا مخصصا لارهاب الزعماء والمنظورين من قادة الرأي، لكي يسود مجددا الخوف ويهيمن التسلط الذي عودنا عليه السوريون، وقد بدأت الموجة الجديدة بالصحافي سمير قصير الذي اغتيل في 2 حزيران 2005 وأثناء الانتخابات النيابية، ومن ثم طالت رئيس الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي في 22 حزيران من السنة نفسها، وفي 12 تموز جرت محاولة اغتيال وزير الدفاع الياس المر. فهل إن السنيورة وجنبلاط، اللذان زارا بعض الدول الأوروبية لمحاولة اقناعها بترك موضوع حزب الله ليُحل داخليا بدل تنفيذ القرار الدولي 1559، استوعبا بعد هذه الاغتيالات خطة حزب الله وبرنامجه بقتل كل من يقف في دربه؟ أم انهما خافا من المواجهة مرة أخرى واحتميا خلف موضوع الحوار الوطني؟ في 18 تموز 2005 أطلق سراح قائد القوات اللبنانية سمير جعجع من سجن وزارة الدفاع بعد 11 سنة على توقيفه ظلما كما ظهر، ومن ثم جرت محاولة اغتيال الصحافية مي الشدياق في 21 ايلول 2005 ثم اغتيال الاعلامي جبران التويني في 12 كانون أول اي قبل نهاية 2005 سنة الاغتيالات تلك. وفي مطلع السنة الجديدة اي بعد اغتيال التويني بدأت جلسات الحوار في المجلس النيابي في 20 آذار 2006 وتركزت من حيث المبدأ على النقاط التالية: كشف الحقيقة في اغتيال الرئيس الحريري والاغتيالات الأخرى، وتنفيذ القرار الدولي 1559 وملحقاته، اي ترسيم الحدود مع سوريا ومصير سلاح “المقاومة”. واستمرت هذه الجلسات حتى بدء حرب “لو كنت أعلم” في تموز 2006 . كان رد حزب الله على تخاذل السنيورة وعدم اقدامه على انهاء دوره بعد الحرب التي افتعلها بدون سبب، وبطلب مساعدة الأمم المتحدة والعالم كله الذي ينتظر إشارة منه، خاصة بعد كل ما أدت اليه تلك الحرب من نتائج مؤلمة، كان هذا الرد إذا بانقضاضه على حكومة السنيورة، بدءً بالمطالبة بتغييرها في تشرين الأول 2006 ووصفها بحكومة فيلتمان ومن ثم الضغط لاستقالة خمسة وزراء منها. ومن سخريات القدر أن يذكرنا تصرف السنيورة بموقف الرئيس الجميل حينما ساير سوريا فانقضت عليه، وها إن السنيورة يتبع نفس المنهج فيقطف بدون شك نفس النتائج، فهل كان طاقم المستشارين نفسه أم أنه تبنى نفس الطروحات؟ أو أن عقدة إسرائيل وقفت في الحالتين ضد المصالح الشخصية والوطنية على السواء؟ أو أن موقف سوريا هو نفسه بغض النظر عن الحاكم وهو يتلخص باطلاق يدها للسيطرة على لبنان بدون منازع؟ فالرئيس السنيورة يوم قبل أن يتضمن البيان الوزاري لحكومته كلمة “مقاومة” بدل جملة “تنفيذ القرار الدولي1559 كاملا” والذي كان سيريح لبنان من عبئ استدراج التعدي وينهي مفهوم الساحة مرة لكل المرات، ها هو يحصد ما زرع، خاصة وأن نصرالله، الذي كان وعد بعدم القيام باي تصرف منفرد يؤدي إلى ردات فعل عنيفة على لبنان، قد أساء إلى كل اللبنانيين المجتمعين على طاولة الحوار، والتزم بأوامر إيران بدل مصلحة الشعب اللبناني الذي يدّعي العمل على حمايته. ولذا فقد عاد الرئيس السنيورة وخسر مبادرة المجتمع الدولي لمساعدة لبنان، وفرصته أن يطالب هو بوضع تنفيذ القرار 1701 تحت البند السابع ليضمن تنفيذه ويحمي راسه، كونه لن يجروء على مواجهة حزب الله مباشرة ولن يتخلص من قتلته، والأمر البديهي أن يطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بتحمّل تبعات تنفيذه على مسؤوليتهم. ومن هنا استمر مسلسل الاغتيالات فتم في 21 تشرين الثاني من سنة 2006 اغتيال النائب عن حزب الكتائب وابن الرئيس أمين الجميل وزير الصناعة والشخصية الواعدة بيار الجميل بدم بارد وباطلاق النار المباشر عليه في جديدة المتن عقر دار الكتائب في المتن الجنوبي حيث كان والده رئيس اقليم المتن الكتائبي طيلة فترة الحرب ويعتز بأنه حمى هذه المنطقة وحافظ على وحدتها وعدم تعرضها للشرزمة. ويستمر المسلسل تباعا في الثالث عشر من حزيران 2007 حيث يقتل النائب في كتلة تيار المستقبل وليد عيدو وابنه وبعض المارة في انفجار سيارة استهدفته في محلة المنارة. بعد المطالبة باسقاط الحكومة أنزل نصرالله جماعته وجماعة عون لاحتلال ساحة رياض الصلح وشل عمل الحكومة والحركة في وسط بيروت التجاري لمدة سنة كاملة، تخللتها حرب نهر البارد التي أظهر فيها الجيش اللبناني عن بسالة واضحة وقتال عنيف، بالرغم من تصرّف قائده ميشال سليمان الذي كان “يسن اسنانه” على ما يبدو للتربع على الكرسي الرئاسي. وكان بدأ يُظهر بعض التودد لحزب الله، مثلا يوم أوقف الجيش شاحنة تهرب السلاح من سوريا مخالفة القرار الدولي 1680 وأطلقها بناءً على طلب الحزب مدعيا بأن الحكومة لم تغيّر أوامرها تجاه سلاح “المقاومة” بعد، ومن ثم في حادثة عين الرمانة التي أطلق الجيش فيها النار على المعتدين من جماعة الحزب، فما كان منه إلا أن أوقف الضابط المسؤول بدل تهنئته لفرضه القانون والحفاظ على هيبة الجيش. وما سنراه لاحقا بعد أن يصبح رئيسا للبلاد عندما يُسقط حزب الله طوافة عسكرية تابعة للجيش في مرتقعات سجد في 29 آب 2008 ويقتل قائدها الضابط سامر حنا، فتمر الحادثة بدون معاقبة هؤلاء المعتدين على الجيش. وهو لم يكن غريبا عن التعامل مع السوريين زمن الوصاية ويعرف حدوده معهم. وقد كان نصرالله حذّر من أن مخيم نهر البارد خط أحمر لأن شاكر العبسي وفتح الاسلام كانا لعبة سورية للعودة إلى لبنان كما عادت زمن الرئيس أمين الجميل في 1983. ولكن هذه المرة كان قائد العمليات في الجيش العميد فرنسوا الحاج قد اتخذ قرار المواجهة قبل وصول العماد سليمان، حيث بدأت عمليات تطويق المخيم الذي التجاء اليه قتلة العسكريين الأثني عشر في 20 ايار 2007 وبالرغم من أن العماد سليمان حاول تخويف الحكومة من المضي بالهجوم على جماعة العبسي بعدد القتلى الممكن توقعه (حوالي 300 قتيل كما أعلن)، سيما وأن رسالة نصرالله وصلته واضحة. ولكن الجيش تمكن، وبالرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه باستشهاد 163 من خيرة جنوده وضباطه، تمكن من دحر مقاومة العبسي وقتل حوالي 222 من عناصره والقبض على حوالي 400 منهم بعد انتهاء القتال واحتلال كل الأبنية والمنشآت وتنظيف المخيم من المسلحين، ولو أنه تم تهريب العبسي ومجموعة من 11 عنصرا بطريقة مشكوك فيها، كما قيل. وفي خلال هذه المدة وبعد عودته من الامارت يتم اغتيال النائب أنطوان غانم في 19 أيلول 2007 ما جعل النواب والمنظورين من تجمع 14 آذار يهربون ويختبئون خوفا على حياتهم لأن لا قدرة لأحد على حمايتهم. وإذا بنا نشهد نفس الوضع المتردي الذي واجهه لبنان في 1983 – 1984 حيث قررت سوريا الاقتصاص منه وإرهاب أهله ليتسنى لها العودة وبسط سلطتها من جديد. ولم ينسَ حزب الله وسوريا تصرف العميد الحاج فقاما بالتخطيط لاغتياله بدم بارد وبواسطة سيارة مفخخة في بعبدا عقر دار وزارة الدفاع، ولم يتوصل التحقيق إلى أية نتائج، كالعادة، في جرائم القتل التي يقوم بها حزب الله هذا، ما يشير إلى غض نظر من قبل القائد، والذي كان قدم أوراق اعتماده، والسماح، ربما، بلفلفة الموضوع وعدم المضي فيه لتلقين كل من يجروء على معارضة يد سوريا وإيران الطويلة المدى، أي الحزب، درسا لا ينسى. لم يغيّر نصرالله قراره بازاحة السنيورة بالرغم من انتصار الجيش في حرب البارد، وبقيت عناصره تفرض حصارا على مجلس الوزراء وعلى مركز العاصمة التجارية. في هذه الأثناء كان التحقيق بجريمة الرئيس الحريري يجري في لبنان مع المحقق الألماني ديتليف ميليس وطاقمه ولم يكن قد انتقل طاقم التحقيق بعد إلى لاهاي حيث انشأت لاحقا محكمة خاصة بلبنان لمتابعة التقصي حول هذه الأحداث. وقد تمكن النقيب في الأمن الداخلي وسام عيد من حل بعض الخيوط وكشف أدلة دامغة تشير إلى المجموعة التي نفذت العملية، ولذا فقد تم اغتياله في 25 كانون الثاني 2008 بسيارة مفخخة كالعادة. ثم وفي 7 ايار 2008 قام حزب الله بانقلابه المسلح الذي نفذته جماعة “القمصان السود” واحتل العاصمة ردا على قرار الحكومة بوقف تنفيذ مد خطوط الهاتف المستقل والتابع لحزب الله وبدون اشراف وزارة البريد والبرق والهاتف وباستعمال أراض بدون وجه حق ما زاد مدماكا على صلاحيات الدويلة ضمن الدولة. ومن جهة أخرى حاولت الحكومة نزع كاميرات المراقبة التي وضعها الحزب لمراقبة كل من يدخل عبر المطار الدولي وكان تبين بأنها هي من أعلمت بدخول النائب جبران تويني فتم اغتياله في اليوم الثاني. وهكذا وبعد أحتلاله لبيروت وخوفا من التطويق إذا ما جرب أحد عزل الضاحية الجنوبية عن البقاع، حاول الحزب احتلال الشوف معقل الوزير جنبلاط. ولكن قلة من الفلاحين الأشداء المتعلقين بأرضهم لقنوه درسا هناك، ولو أن بقية القوى السيادية لم تقم بواجبها في مساندة الدروز والاعتراض على عملية بيروت ما جعل جنبلاط يشعر بوقوفه وحيدا في الساحة ويفهم بأن عرس 14 آذار انتهى. ولذا فقد قبل الجميع بالتوجه إلى قطر، راعية الأخوان وصنو إيران في تمويل الارهاب بكفوف بيضاء وبسمة عامرة، حيث ساهمت الهدايا بوضع اتفاق جديد جاء بالعماد سليمان رئيسا للجمهورية المتعثرة مع لحود المجدد له من قبل السوريين مخالفا للقرار 1559، وذلك إثر انتهاء مؤتمر الدوحة في 28 ايار 2008، ما أطلق مجددا يد حزب الله وجماعته بالحكم ولو تحت اسم سعد الحريري كرئيس حكومة يملك ولا يحكم كما جرى سابقا مع الرئيس الجميل. في هذه المعمعة والحلول المفروضة بالترهيب والترغيب كان العماد عون قد خسر فرصته للوصول إلى رئاسة الجمهورية كما وعد، ولكنه لم يعد باستطاعته التراجع عن دعم حزب الله أو أنه لم يعد يرغب بذلك، ما أخلى الساحة السياسية والأمنية لازلام سوريا وقد أصبح أحدهم لتكملة عملية الانقضاض والسيطرة. وهكذا استمرت التفجيرات هنا وهناك والاغتيالات المتنقلة لارهاب الناس الطريقة الوحيدة التي يتقنها النظام السوري وأزلامه والحرس الثوري الإيراني اللاعب الأساسي على الساحة اللبنانية.
الصور في أسفل من اليمين/الشهيد وسام عيد/الشهيد وسام حنا/الشهيد فرنسوا الحاج