لا بد من نقلة نوعية في إدارة المرحلة شارل الياس شرتوني/13 تشرين الثاني/2019
*حزب الله مدعو إلى التخلي عن سياسة احتجاز البلاد ضمن محدداته وأولوياته السياسية الداخلية والإقليمية، والتفاهم مع بقية الفرقاء على أولويات المرحلة الإصلاحية الداخلية، وضرورة الخروج من واقع ازدواجية المسارات وتطويع الحياة السياسية لمفكرته السياسية وأولوياتها.
ان حال المراوحة التي تعيشها البلاد بعد انقضاء شهر على الحراكات المدنية قد دخلت في مرحلة تآكلية ان لم تأخذ الأحداث باتجاه خطة عمل مرحلية تقوم على الاعتبارات التالية: تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمحور مداخلتها حول النقاط التالية :
أ- فتح ملفات الفساد برمتها عبر تشكيل هيئه وطنية لمقاضاة الفساد ووضع آلية تحقيقية وقانونية وإجرائية تنقلنا من حالة المعاينة والمعاناة إلى حالة المقاضاة الفعلية؛
ب- تشكيل هيئة طوارىء مالية واقتصادية واجتماعية من اجل معالجة مسائل الاستقرار المالي وتحفيز الحياة الاقتصادية وإيجاد فرص العمل ومعالجة القضايا التربوية والصحية الملحة على نحو يقينا الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وتردداته على السلم الأهلي؛
ج- تأليف هيئة الإعداد لقانون انتخابي تمثيلي من اجل اجراء انتخابات نيابية تترجم الحراكات الاجتماعية والسياسية على مستوى المؤسسات التمثيلية وتعمل على وضع الخيارات التأسيسية للجمهورية الثالثة.
هذه المقاربة هي السبيل الوحيد من اجل الخروج من دائرة المراوحة الحالية إلى مرحلة المشاركة الفعلية في عملية الانتقال من واقع الأزمة المفتوحة إلى واقع اصلاحي فعلي، عنوانه ترجمة الحراكات المدنية إلى مشاركة فعلية في صياغة المراحل الانتقالية وإخراج البلاد من واقع الفراغ المدمر لأية سبل اصلاحية واقعية وتراكمية.
هذه المقاربة تعني القبول بدخول مختلف الفرقاء في منطق التسوية البناءة والإقلاع عن الخيارات السياسية الاحادية والمطلقة والاسرة للحياة الوطنية الجامعة، هذا يعني بالتحديد ان حزب الله مدعو إلى التخلي عن سياسة احتجاز البلاد ضمن محدداته وأولوياته السياسية الداخلية والإقليمية، والتفاهم مع بقية الفرقاء على أولويات المرحلة الإصلاحية الداخلية، وضرورة الخروج من واقع ازدواجية المسارات وتطويع الحياة السياسية لمفكرته السياسية وأولوياتها.
لقد دخلنا في مرحلة انعدام الوزن ومفارقاتها، ولا بد من العودة عن هذا المسار قبل الدخول في مخاطر الاشتراكات النزاعية المفتوحة على نزاعات المنطقة ومنزلقاتها الخطرة؛ كما لابد ان تؤسس الحراكات المدنية لديناميكية سياسية جديدة تخرجنا من واقع الطلاق بين المجتمع المدني ودوائر العمل السياسي والحكومي، وتضع حدا للاقفالات الاوليغارشية التي حكمت البلاد على مدى ثلاثة عقود ودمرت العقود الاجتماعية برمتها، واحالتنا إلى واقع الفساد العميم والتنازع الهمجي للمصالح والعنف المعمم على كل مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ان أهمية الحراكات المدنية التي نشأت منذ شهر تكمن في اعادة صياغتها للديناميكيات الوطنية والمدنية والسياسية والاجتماعية على قاعدة تشاركية وتفاعلية وتواصلية تشكل المنطلق الجديد للميثاق الوطني والعقود الاجتماعية الواجب إنتاجها.
نحن في منعطف تاريخي فلا بد من التعاطي مع إملاءاته على النحو الذي تمليه فرادته وأهميته التأسيسية في حياتنا الوطنية.