الأصول الإيرانية لمشاة البحرية الدكتورة رندة ماروني/23 تموز/2019
بالرغم من أنها مستقرة في لبنان دون معارضة تذكر، وبالرغم من إنضباط عمل المؤسسات على وقع رغباتها، وبالرغم من الإنصياع المسجل والتملق في محاباتها، إلا أنها ستدفع ثمن أفعالها.
ستدفع ثمن أفعالها لفاتورة أميركية وليس لحساب لبناني، حيث لا حسيب ولا رقيب، فلقد وافق مجلس النواب الأميركي على خطة تسمح بالوصول إلى الأصول الإيرانية في بنك لوكسمبورغ لدفع تعويضات لأسر ضحايا تفجير ١٩٨٣ في مشاة البحرية الأميركية في بيروت.
وكان قد وافق مجلس الشيوخ قبل أسبوعين على نسخة مشروع للقانون المعد من قبل ممثل الحزب الجمهوري عن ولاية إينديانا، كراك بينس، وشقيق نائب الرئيس الاميركي، مايك بنس. وبالرغم من أن الصراع الأميركي الإيراني اليوم يحمل في ثناياه أهدافا مختلفة عن الأمس إلا أن الولايات المتحدة لا تهمل ملاحقة ومتابعة حتى لو بعد حين، كما في المقابل لا يتوانى النظام الإيراني عن فعل أي شيء للوصول إلى أهدافه حتى لو إستغرق منه ذلك عمل شاق ووقت طويل وتأني بالحياكة حتى الإنجاز.
وبالرغم من فترة الهدوء الطويلة التي سادت العلاقة بين الطرفين حيث رقد خلالها شعار الشيطان الأكبر، إلا أنه تجدد بعد وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على رأس الحزب الجمهوري الذي إستشعر خطر سياسة الإدارة الأميركية السابقة إتجاه طهران، الأمر الذي سمح لإيران بالتمدد بشكل كبير في الأراضي العربية، والإستقواء لدرجة إعلان القمر الشيعي والتحضير لولادة إمبراطورية فارسية جديدة.
إمبراطورية فارسية مترامية الأطراف لم تكن في حسبان صانعي حركات الربيع العربي، ومفتعلي إستنهاض الفئات المهمشة، هذه الحركات التي إستفاد منها النظام الإيراني عدا في سوريا للأسباب المعروفة طائفيا، فعادوا واصطدموا بجموح وطموح لا حدود لهما تجسدا في محاولة حثيثة لبناء إمبراطورية مترامية الأطراف متسلحة بالنووي المنتظر لتبدأ مواجهة جديدة مع النظام الإيراني لمنعه من الحصول على السلاح النووي وكبح جماح أحلامه التوسعية، تمظهرت مؤخرا فيما عرف بحرب الناقلات.
وفي سياق حرب الناقلات، فلقد أعلن الرئيس الاميركي أمس عن تمكن القوات الأميركية من الإطاحة بطائرة دون طيار تابعة للنظام الإيراني، حيث أنها كانت تقترب لمسافة قريبة جدا من السفن وطواقمها وتهدد أمنها ولا تولي أي إهتمام للتنبيهات المتعددة.
وفي خضم المواجهة المحتدمة أعلنت الولايات المتحدة عن عقوبات جديدة هدفها توجيه ضربة للشبكة الدولية التي يستخدمها النظام التي تعمل على شراء وتهريب المعدات والمواد النووية، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأميركية يوم الخميس أن العقوبات التي فرضت ضد خمسة أفراد وسبع شركات تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، وأعلن موقع الخزانة الأميركية، مكتب مراقبة الأصول الخارجية، OFAC، أن وزارة الخزانة الأميركية عملت ضد شبكة شركات وهمية للتغطية وضد ممثليها الذين كانوا يعملون على تنفيذ وتجهيز المواد الحساسة من أجل عناصر محظورة في البرنامج النووي للنظام الإيراني.
ولقد كانت الكيانات والأفراد المستهدفة يوم الخميس متواجدون في الصين وإيران وبلجيكا، ويعملون كشبكة إمدادات ومعدات لشركة تكنولوجيا الطرد المركزي الإيرانية TESA، وهي تلعب دورا هاما في برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني وتقوم بتصنيع أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في مواقع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وينص بيان الخزانة على أن وزارة الخزانة تعمل على إغلاق المنشآت وشبكة التزويد والإمداد النووي الإيراني والتي تم ربطها بشركات سرية للتغطية مقرها الصين وبلجيكا، ولقد تحدث جون بولتون، المستشار الأمني للبيت الأبيض حول الجولة الجديدة من العقوبات الأميركية وقال فيما يتعلق بالبرنامج النووي للنظام الإيراني بأن أحد أسوأ الأخطاء التي أحدثها الإتفاق مع النظام الإيراني والذي أصبح واضحا تماما هو السماح للنظام بتطبيق برنامج لتخصيب اليورانيوم، وأضاف في تغريدة له على تويتر، يجب الا يسمح للنظام الإيراني بتخصيب اليورانيوم، سيستمر الضغط الأقصى حتى يتخلى النظام الإيراني عن طموحاته النووية وأنشطته المدمرة.
وفي الوقت نفسه، تم إيقاف سفينتي الشحن الإيرانيتين في البرازيل لعدة أسابيع حيث رستا السفينتان المسماتان بافندا وترمه، في المياه الساحلية لميناء باراناغوا بولاية بارانا في جنوب البرازيل، وقال مسؤولو الميناء أن السفينتين اللتين قدمتا قبل بضعة أشهر من أجل نقل حمولة اليوريا التي تستخدم في إنتاج الأسمدة إلى البرازيل وكان من المقرر إعادتها إلى إيران محملة بشحنة الذرة، إلا أن العقوبات حالت دون ذلك وحالت دون التزود بالوقود والعودة إلى ادراجها سالمة.
هذا الصراع الأميركي- الإيراني المتجدد والمختلف اليوم عن الأمس أعاد فتح كل الملفات لتستقدمها الذاكرة وتحدد لها مسارا قانونيا، وبالرغم من أن إيران مستقرة في لبنان دون مواجهة تذكر بالرغم من الآثار السلبية المترتبة على الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية، إلا أنها ستدفع الثمن عما فعلته منذ زمن
ستدفع الثمن
عما فعلته
منذ زمن
بقانون صارم
يسترجع المحن
يقاضي تاريخ
بالذاكرة مختزن
فر من قفص
أفلت الرسن
إستذكر أشلاء
وسحائب الدخن
نثرت طحين
مطحونة طحن
ولملمت قطعا
ووضعت كفن
فقرر بحزم
وبإسم الوطن
بأنها ستحاسب
وستدفع الثمن
عما فعلته
منذ زمن.