أحمد الأسعد: بيت القصيد سلاح حزب الله

94

بيت القصيد سلاح حزب الله
أحمد الأسعد/01 كانون الأول/17

إذا صحّ أن المخرج من أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري سيكون في تطبيق ما تضمّنه البيان الوزاري عن موضوع النأي بلبنان عن صراعات المنطقة، فإن هذا الإستقالة لن تكون أثمرت سوى العودة إلى صيغة ضبابية مطاطية لا تحقق الهدف المنشود.
فالتسوية التي تظهّرت في البيان الوزاري للحكومة الحاليّة لم تكن سوى مجرّد كلام من دون طعم أو رائحة كالعادة، إذ هي صيغت بأسلوب غامض مكّن كل طرف من ترجمتها وفق ما يناسبه وما يتوافق مع مصالحه، وهي لم تأت بجديد باستثناء بعض الإضافات التجميليّة السخيفة التي لا تقدّم ولا تؤخّر عملياً.
من السذاجة التصديق بأنّ مجرّد كون رئيس الحكومة سعد الحريري أعلن استقاله سيدفع إيران إلى أن تأمر حزب الله بعدم الانخراط في مشاكل المنطقة بعد اليوم. فحزب الله هو أهم أداة بيد النظام الإيراني، وهذا النظام لن يتخلّى حتماً عن هذه الأداة الثمينة فقط من أجل استرضاء الحريري.
ولذلك، لا ينخدعنّ أحد من اللبنانيين بأن العودة إلى البيان الوزاري ستحقق مطلب النأي بالنفس على الأرض، و ستشكّل انتصاراً تاريخياً. وأصلاُ، لن يكون الإكتفاء بهذه الخطوة الصوَرية لن يكون في الواقع سوى تنازل جديد، وخفض إضافي لِسقف الطموح بدولة لا ينازعها أي طرف على سلطتها وسيادتها.
إن تركيز الطبقة السياسيّة، بمعظم مكوّناتها، ينصبّ راهناً على مجرّد سحب عناصر “حزب الله” وسلاحه من الدول العربيّة التي يقاتل فيها أو ينشط بطريقة أخرى لصالح إيران. لكنّ المسألة، في الحقيقة، أبعد بكثير من ذلك، وجوهرُها يتمثّل في امتلاك الحزب سلاحاً، وقراراً عسكرياً وأمنياً مستقلاً تماماً عن الدولة ومؤسساتها.
إن كل ما يجري هو انحراف حقيقي عن جوهر المشكلة ألا وهو سلاح الحزب وجناحه العسكري وجهازه الأمني في لبنان. وحتى ولو لم يكن حلّ هذه المشكلة عملياً، متاحاً حالياً، فهو يجب أن يبقى أساس الخطاب السيادي، والمطلب الأساسيّ، ومن الخطأ الاستراتيجي أن يتم تجاهله أو تبرير عدم التطرق إليه بالحرص على الإستقرار، ومن باب الواقعية السياسية.
إنّ دعوة البعض إلى عدم التطرّق إلى موضوع السلاح اليوم هي مجرّد تكريس للمشكلة الحقيقيّة، ويشكّل هدية استراتيجية إلى حزب الله.
في منطق سيادة الدولة، لا تصحّ مقوله أن القناعة كنز لا يفنى. فإما أن تكون للدولة سيادة كاملة، أو تكون هذه السيادة منقوصة وبالتالي غائبة. لا حلّ وسطاً، ولا تنازلات ممكنة، ولا يمكن الإكتفاء بجزء من السيادة. سيادة الدولة لا تحتمل التنازلات والتسويات، وسقفها ثابت لا يمكن خفضه، والإكتفاء بما تيسّر منه. وبالتالي، فإن خفض سقف المطالب السيادية إلى مستوى النأي بلبنان عن صراعات المنطقة، لا يحقق المنشود. فتورّط حزب الله في هذه النزاعات نتيجة وضع شاذ هو امتلاكه السلاح. هو فرعٌ فحسب، أما الأصل فهو السلاح غير الشرعي. وبالتالي فإن الحلّ الجذري وبيت القصيد هو حصر السلاح والقرار العسكري والأمني في أيدي الدولة، وهو كفيل حَلَّ مشكلة إقحام لبنان في كل حروب المنطقة.