فلنمنعْه “بالقوّة”! عقل العويط/النهار/24 كانون الثاني 2017
مَن هم المجرمون؟ إنّهم أنا. أنتَ. أنتِ. نحن.
إنّهم هؤلاء جميعاً. هؤلاء المجرمون “يُقال” إنّهم يريدون الآن الاستيلاء على القرنة السوداء لإقامة منتجعات سياحية للتزلج والترفيه.
الذين لا يعرفون “مَن” هي القرنة السوداء، فليعرفوها جيّداً: إنها 3093 متراً علوّاً، درّة جبل المكمل، وذروته المطلّة على العالم، بكبريائها، وأنفتها، وأوجاع شموسها وثلوجها وينابيعها وأحلامها وأسرارها الدهرية. المجرمون هم المجرمون.
وهم يريدون لبنان من أعاليه إلى أسافله. ويريدونه من غيومه، من سقفه السموي، من قرنته السوداء، من صنّينه، ومن حرمونه، إلى رحاب بحره الأزرق المتوسط. يريدونه كلّه.
يريدون كلّ شيء فيه. حتى الهواء. بل حتى الخيال. ولن يتركوا لـ”لبنان” شيئاً. ولا حتّى كمشة تراب. ولا أرزة. ولا نبع ماء. ولا جرحاً نازفاً للحرية.
ماذا يبقى من لبنان؟ تبقى النفايات. فقط النفايات. ومن طينة النفايات، هذه الطبقة السياسية الكريمة.
كنتُ أسأل مَن هم المجرمون؟ إنّهم نحن خصوصاً. لماذا نحن؟ لأننا الرأي العام “البغل”، وهي التسمية الجليلة التي أطلقها على هذا الرأي العام، صديقنا المصيب جداً، أديبنا الشيخ سعيد تقي الدين.
نعم، نحن البغال، كلاب الدهر، قطيع الماعز والغنم الذي سيساق غداً إلى صناديق الاقتراع بملء إرادته، وبكامل قواه العقلية والبدنية، للتجديد لهذه الطبقة السافلة.
للعلم والخبر، لن يقف في وجوههم سدّ، ولا أيّ شيء.
سينجحون حتماً. وسيحصدون الفصول كلّها. ولن يتركوا لا يابساً ولا أخضر.
من أين تأتيهم هذه القوّة؟ منّا نحن.
غداً سنجدّد لهم الولاء. إن غداً لناظره قريب. وهم، إذا كانوا حقّاً يريدون القرنة السوداء، فسيحصلون عليها بالطرق المشروعة والقانونية جداً.
وسيملكون الصكوك قريباً. هذا إذا لم يكونوا قد حصلوا على وثائقها الرسمية، بعرق الجبين طبعاً، وبالسجلات العدلية النظيفة جداً وتماماً.
بعد قليل لن يبقى لأحدٍ منّا مقبرة ليدفن موتاه.
نحن البغال، كلاب الدهر، منستاهل أكثر من هيك. فشو ناطرين، لكي نمنع إمرار المشروع؟! فلنمنعْه بالدعوة إلى إعلان القرنة السوداء محميةً طبيعية!