الجيش عزّز مواقعه في القاع والأهالي متمسكون بأرضهم شباب من الهرمل جنباً إلى جنب في مطاردة الإرهابيين
بعلبك- وسام إسماعيل/النهار/29 حزيران 2016
إذا كان تدفق الانتحاريين الى بلدة القاع وتنفيذهم ست عمليات تفجير، يؤشّر الى قرار بتصعيد العمليات الإرهابية، فإن تشبث الأهالي بأرضهم بدا واضحا، وجسّدته وقفتهم منذ ليل الإثنين- الثلثاء مدججين بالسلاح رجالا ونساء الى جانب الجيش وتحت أوامره، وأمضوا ليلهم على أسطح المنازل لمراقبة المنطقة على رغم ضبط الجيش الوضع فيها، مصرّين على خروج جميع السوريين من بلدتهم، سواء كانوا لاجئين أو مزارعين. “الانتحاريون لن يرهبونا، وساحة البلدة لن تكون ساحة انهيار واستسلام. سبق أن عانينا الامر وصمدنا وقدمنا الشهداء وأرواحاً غالية ثمنا لبقائنا واستمرار وجودنا في المنطقة”. هذا لسان حال أهالي القاع الذين سهروا خشية افتعال مزيد من الاعمال الاجرامية التي ينفذها إرهابيون من دون أن تتبنى أي جهة إرهابية حتى الآن المسؤولية عن التفجيرات. وفي معلومات لـ”النهار” أن الجيش بات يملك طرف خيط ليصل الى المعتدين وتحديد وجهة تحركاتهم، وقد تمكن من تحديد أماكن اختبائهم والعثور على الغرفة التي استخدمت لإعداد الأحزمة المتفجرة وضبط بعض الذخائر وجهاز لاسلكي للتواصل. وتقع هذه الغرفة على مسافة قريبة من كنيسة البلدة حيث وقعت الاعتداءات. وطوال يوم أمس قدم الجيش إرشادات إلى الاهالي، أهمها عدم إقامة اي تجمعات، وخصوصا خلال ساعات الليل وخارج نطاق الاجراءات التي يتخذها عناصره التي عملت على إنهاء كل المظاهر المسلحة للمدنيين في البلدة، وخصوصا انه لم يعد من حاجة الى ذلك، بعدما اتخذ الجيش إجراءاته الامنية للحفاظ على أمنهم وأرواحهم. وعمليات التفتيش الدقيق والبحث عن الإرهابيين لم تتوقف، وخصوصا مع تسلم الفوج المجوقل زمام الامور واستقدام تعزيزات اضافية وانتشار عناصره في حال تأهب في جميع شوارع البلدة وأحيائها وبساتينها واجراء مسح ميداني لكل المنازل والبساتين، بحيث لم يستثن أحد من التفتيش الذي تركز ضمن المناطق التي فيها لاجئون سوريون، وخصوصا في محلة مشاريع القاع التي تضم ما يزيد على الـ 20 الف لاجئ سوري، وقد فرض عليهم حظر التجول بموجب قرار أصدره محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر.
والبلدة الحدودية التي لم يكن يكسر هدوءها قبل أعمال التفجير سوى ضجيج أبواق بعض السيارات، عاشت ضجيجاً آخر طوال يوم أمس هو ضجيج الاعلاميين من كل الوسائل الاعلامية المحلية والعالمية، والمواكب الامنية المرافقة للسياسيين الذين تهافتوا على القاع لتفقد مكان التفجيرات ولقاء ذوي الشهداء والجرحى، الى جانب القوى الامنية، ومن بينهم وزيرا الدفاع سمير مقبل والداخلية نهاد المشنوق، وقد تحدث مقبل في حضور النائبين مروان فارس وإميل رحمة، فأكد أن زيارته بلدة القاع “للمشاركة في الحزن فقط، وجميع اللبنانيين بكل مكوناتهم السياسية وبطوائفهم متحدون لدعم الجيش والوطن”، مثمنا تضحيات الجيش نهاراً وليلاً ومشدداً على أن “الجميع مسؤولون عن الدفاع عن الوطن والتدابير متخذة لحماية الجميع، والجيش على أهبة الاستعداد لمواجهة أي مخاطر وتحديات، والعين ساهرة”. وأوضح كاهن الرعية الأب اليان نصرالله لمقبل أن “البلدة مؤلفة من 20 ألف نسمة ويقطنها 5 آلاف فقط، فيما هناك 30 الف سوري بين لاجئ وعامل في أراضي البلدة الزراعية”. وقال: “فتحنا لهم قلوبنا ومؤسساتنا ووقفنا الى جانبهم، ولكن تبين لنا اليوم اننا مهددون بفعل وجود الارهاب، وقد توغل بين النازحين في محيط القاع اعداد من الارهابين وبات وجودهم يهدد ابناء البلدة والقاع والمحيط، ونحن صامدون ومتمسكون بأرضنا ولو اضطررنا إلى أن نقدم مئات الشهداء”.
وطالب نصرالله باسم الاهالي بترحيل جميع السوريين من المنطقة، وقال: “هناك نوعان للوجود السوري في القاع ومشاريع القاع، وهم عمال ولاجئون، غير أننا لم نعد نميز اليوم بين العامل واللاجئ، لذا نتمنى على المعنيين ترحيل الجميع من سهلنا، ولاحقا نستقبل العمال فقط عبر الدولة، وهذا مطلب جميع الأهالي. البلدة استهدفت، وبفضل شبابها والجيش وشباب الهرمل المقاوم الذين لبوا نداء البلدة، عملنا معاً على مطاردة الارهابيين طوال الليل لنتجنب الارهاب”. كما زار البلدة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والتقى رئيس البلدية بشير مطر وعددا من فاعلياتها وصودف وصوله مع وجود العميد المتقاعد شامل روكز في البلدة .ويذكر انه تم تأجيل موعد دفن الشهداء الى وقت لاحق بعدما كان مقرراً أن يتم عند الخامسة بعد ظهر أمس، نتيجة تمني قيادة الجيش تأجيل الموعد حتى إتمام مهماتها، وخصوصا بعد معلومات عن وجود انتحاريين هربا من البلدة ولا تزال عمليات البحث جارية عنهما.