وسام سعادة: يخطئ من يرى إلى الشغور كمرحلة التعتيق/بسام أبو زيد: العونيون والقوات بين حقل الـ86 في المئة وبيدر البلديات

171

يخطئ من يرى إلى الشغور كمرحلة «التعتيق»
وسام سعادة/المستقبل/11 نيسان/16

عشية التأهل إلى عام الشغور الرئاسي الثالث، يبلغ سأم اللبنانيين من الحال العامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية أشدّه، من دون أن يطوّر ذلك بحدّ ذاته ديناميات احتجاجية واسعة. ليس معنى هذا أننا محكومون بالخمول. لكن عام الشغور الثالث الذي بدأ فعلياً يعني بالحد الأدنى أنه، وحتى لو تأمنت في أمد منظور، عملية «ردم الشغور» بانتخاب رئيس عتيد، فإن ذلك لن يعني أبداً «استئناف» عمل المؤسسات، بالعودة إلى دورة اعتيادية أو طبيعية لها، لم تكن منذ سنوات طويلة، ولو بالحد الأدنى، ولو بالشكل الرمزي.
بل إن أقصى ما في مستطاع «ردم الشغور» إذا تأمّن تقاطع الحسابات والمصالح والضغوط الذي يمكن ان يتيحه، هو تجاوز «الكربجة» الحاصلة، لإتاحة المجال لتدشين مرحلة انتقالية، مضبوطة بقالب مؤسساتي معيّن، وبلغة دستورية معينة.
هذا بحد ذاته يفترض ان يعيد تدوير المقاربات الحاصلة لهوية الرئيس المفترضة. فالمطلوب رئيس جديد في نطاق رفع هذه الكربجة، لتأطير ما بعد ذلك من تحديات بشكل يجعلها تحديات قابلة للمعالجة والحل، بدءاً من معضلة التمثيل والمشاركة واعادة شحن النظام السياسي بمصادر الشرعية، من خلال اقرار قانون جديد للانتخاب واجراء الانتخابات النيابية.
فالمشكلة الأساسية على صعيد النظام السياسي ليست معضلة عدم انتخاب رئيس للجمهورية بحد ذاتها، وإنما الحاجة إلى انتخابه كي يفسح في المجال لرفع الكربجة، بدءاً من فتح الطريق لإقرار قانون الانتخاب. الاستعصاء الاساسي في الجمهورية الثانية لم يكن الاتيان برؤساء جمهورية، بقدر ما كان العجز عن اقرار قانون انتخابي له رصيد من الثبات والتوازن والاتفاق عليه كقاعدة لإدارة اللعبة التنافسية والتداولية.
بدخول الشغور عاماً ثالثاً فهذا يعني اننا عملياً اخترنا عهداً رئاسياً كاملاً ليس فيه رئيس، وهذا بحد ذاته يجعل من كل من يشترط مرشحاً يراه مثالياً أو لا أحد سواه، مساهماً في تمديد زمن هذا العهد الرئاسي المتروك للشغور. سنتان، ثلاث، بلا رئيس جمهورية: هذا وقت له نتائجه وتداعياته.
يخطئ من يرى الى الشغور كمحطة لإنتاج الرئاسة الأقوى أو الأفضل تمثيلاً أو الأكثر حكمة، لا فرق، ولا يتناول واقعة ان الشغور لم يعد أسبوعاً وأسبوعين، وأنه بالضرورة سيترك آثاراً عميقة على اي عهد يعقبه، إن لم يكن اكثر. يخطئ من يرى الى الشغور كعملية «تعتيق للنبيذ».
منطق «كل شيء أو لا شيء»، وعدم الاستعداد من جانب الأركان السياسيين، للاتفاق على مبدأ ان لا ثوابت في الموضوع الرئاسي، وإنما سياق وظرف ولحظة، وشغور لا يرحم، هو منطق يعمّق المشكلة المتمثلة بتمرد قسم من الكتل والشخصيات النيابية عن تأدية واجبها الدستورية بالمشاركة في جلسات الانتخاب، وانتخاب رئيس. قطعاً لا يمكن المكابرة على جدية المشكلة المتعلقة بالمشاركة السياسية وكيفية اصلاح شأنها في العلاقة بين الطوائف، لكن هنا أيضاً، لا يمكن الاستقرار على منطق «كل شيء أو لا شيء». لأنه منطق يحكم بأن يتمدد حكم الشغور، حكم «اللاشيء» الى حين يهلّ زمن «الكل شيء» الذي يصير بهذه الحسبة أبعد فأبعد.

 

 العونيون و«القوات» بين «حقل» الـ86 في المئة و«بيدر».. البلديات
بسام أبو زيد/المستقبل/11 نيسان/16
عندما وقع اتفاق معراب بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، ووفقاً للمواقف والتنسيق الذي تلاها، اعتقد الجميع أن هذا الاتفاق سيكون رافعة للطرفين في كل الاستحقاقات ولا سيما الانتخابية منها من رئاسة الجمهورية إلى النيابية إلى البلدية وتوقع الجميع ان يكون المشهد بالفعل مختلفاً لا سيما وأن الحليفين اللدودين أعلنا أنهما يمثلان 86 %من المسيحيين.
يتفق مسؤولون في التيار «الوطني الحر« و«القوات اللبنانية« على أن المشهد الميداني في الانتخابات البلدية سيكون مغايراً عما كان عليه في المرات الانتخابية السابقة، إذ انه حيث سيتم الاتفاق على دعم لائحة واحدة ستكون الماكينة الانتخابية موحدة تحت اسم اللائحة ولكنهما يؤكدان انه حتى اليوم لم يتم الاتفاق بعد على أي لائحة ولاسيما التجمعات المسيحية الأساسية لا بين بعضهما البعض ولا مع المستقلين.
عدم الاتفاق هذا يعود إلى عوامل متعددة أولها أن مسألة الـ86 % من الشعبية ظهرت عدم جديتها إذ تبين للطرفين أن خوض المعارك الانتخابية البلدية وفق تحالفهما غير كاف لا بل هو في بعض المناطق غير متوفر بين بعضهما البعض فرضها للحقيقة الواقعة وهي أنهما لن يكون بإمكانهما التغاضي عن مكامن القوة الأخرى في هذه الانتخابات وهي بالدرجة الأولى العائلات ثم القيادات والفئات السياسية المسيحية الأخرى كالمستقلين وحزب «الكتائب«.
في بيروت تسعى كل القوى المسيحية في البداية إلى أن يكون المجلس البلدي مناصفة بين المسيحيين والمسلمين وهم في هذا الإطار لا يمكنهم إلا التنسيق مع تيار «المستقبل«، كما يسعون أيضا إلى أن تكون لهم الكلمة الوحيدة في اختيار الأعضاء المسيحيين وهو يستلزم أيضا تنسيقاً مع تيار «المستقبل«. ومن هذا المنطلق يتفق القواتيون والعونيون الذين تعاني علاقاتهم مع «المستقبل« من توترات متعددة على أن الاتصالات مع الرئيس الحريري لا بد وأن يتولاها المستقلون وفي مقدمهم النائب ميشال فرعون، وبالتالي فهم لن يتمكنوا من التوصل إلى أي اتفاق مع «المستقبل« من دون المرور الإجباري به وكذلك الأمر بالنسبة الى النائب نديم الجميل وحزب «الكتائب« وحتى النواب الأرمن المستقلين وقد بدأت الاتصالات في هذا الإطار ولاسيما مع النائب فرعون.
في المتن الشمالي يعاني التحالف القواتي – العوني من عدم القدرة على خوض معارك بلدية شاملة في ظل عدم التنسيق مع القوى السياسية الأخرى وفي مقدمها حزب «الكتائب« والرئيس ميشال المر وهم يحاولون عبر العائلات فتح قنوات للتواصل مع هذين الطرفين علماً وبحسب مسؤول كتائبي فإن الحزب يتشدد لجهة أن يكون النقاش معه مباشرة وليس عبر اي وسطاء وأن تكون الامور واضحة وعلنية.
في كسروان التي يعتبرها التيار «الوطني الحر« مسرحاً مهماً له، لم يصل التنسيق مع «القوات« بعد إلى حسم لوائح في مدن وبلدات وقرى وفي مقدمها جونية حيث لا تزال كل احتمالات التحالف وخلط الأوراق مفتوحة إلا أنه في النهاية لا يمكن لهذين الطرفين في جونية وغيرها من البلدات الكبرى إلا أن ينسّقا مع من يوالون الفعاليات وفي مقدمهم منصور غانم البون وفريد الخازن ونعمة أفرام، كما أن عائلات كبرى في تلك المنطقة لا يمكن تجاهل دورها إضافة إلى ما توفر من معلومات تشير إلى أن نواب التيار «الوطني الحر« في كسروان لا يرغبون في فقدان حيثيتهم الانتخابية لصالح التنسيق بين القيادات الحزبية في «التيار« و«القوات«.
في البترون قد يكون الوضع في داخل المدينة محسوماً لهذا التحالف ولكن المشكلة الكبرى تكمن في البلدات البترونية إذ إنه لا يمكن لهذا التحالف أن يتغاضى عما يملكه النائب بطرس حرب من تأثير على امتداد المنطقة وصعوبة تخطيه في هذه الانتخابات إضافة لما يمثله حزب «الكتائب« أيضا وتحديدا النائب سامر سعادة، وأفادت المعلومات أن اتصالات تجرى في شكل غير مباشر بين 3 أطراف على الأقل وهي «القوات« وحرب و«الكتائب« للبحث في إمكانية التوصل إلى تفاهمات في أكثر من بلدة.
في زغرتا المدينة تبقى القوة الضاربة لتيار «المردة« بزعامة النائب سليمان فرنجية لذلك يركز التحالف القواتي العوني على خوض المعركة في قرى زغرتا الزاوية وهناك أيضا لا بد لهما من التحالف مع خصم النائب فرنجية رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض وهو تحالف عليهما أن يدفعا ثمنا كبيرا له علماً ان اتصالات بوتيرة مرتفعة تجرى بين فرنجية ومعوض للبحث في إمكانية التوافق في زغرنا المدينة والقرى والبلدات وفي حال نجاح هذا التوافق فسيكون على حساب التحالف العوني – القواتي.
في زحلة تلك العاصمة الكاثوليكية اتفق القواتيون والعونيون على أسعد زغيب لتشكيل لائحة لخوض الانتخابات البلدية ويبدو زغيب مقتنعا أن هذا التحالف القوي كما يصفه سيوصله إلى البلدية مع لائحته علماً أن العقبات لا تزال كثير وكبيرة وهي تتلخص بأنه لا يمكن لهذا التحالف أن يتخطى رأي «الكتلة الشعبية« وشعبيتها، كما لا يمكن لهذا التحالف أن يتخطى الوزير نقولا فتوش وقد رشح شقيقه لخوض الانتخابات ويبدو أن حزب «الكتائب« ما زال واقفاً في الوسط يؤيد زغيب ولكنه يريد أوسع تحالف زحلي في هذه الانتخابات رافضاً العزل والاستفراد.
في زحلة أيضا علينا ألا ننسى دور الكنيسة ولا سيما مطرانية الروم الكاثوليك حيث أن كلمتها تبقى مسموعة في أوساط زحلية كثيرة.
في النهاية يمكن الاستنتاج من هذه الصورة الأولية أن حسابات اتفاق معراب في الشأن البلدي لم تتطابق مع بيدر التحالفات واستبعاد المستقلين، يبقى أن التجربة الثانية والأهم والتي يجب انتظارها هي في تجسيد هذا الاتفاق في انتخابات نيابية على صعيد كل لبنان إن حصلت.