أين أساطيل الغرب عن جرائم نظام دمشق؟
داود البصري/السياسة/21 تشرين الثاني/15
في سماء سورية زحمة سير حقيقية للطائرات الغربية والشرقية والإيرانية! وعلى الأرض السورية تتصادم عربات عسكر إيران والعراق ولبنان وروسيا، وفي العمق السوري تتغلغل كل ميليشيات وعصابات الدنيا الإرهابية والمدعومة من أنظمة إقليمية لها أجنداتها وتاريخها الطويل في دعم أفعال الإرهاب وتنظيماته، فبعد خمسة أعوام من الثورة الشعبية، وبعد مئات الآلاف من الضحايا الذين سقطوا على درب جلجلتها المؤلم،وبعد الخراب الكبير الذي لم يشهده الشرق في العصر الحديث، لا زالت أرض الشام مسرحا عجيبا أبشع وأغرب عملية تدمير ممنهج لشعب تحدى بثورته كل ضباع الأرض وأثبت بالدم السوري وعلى المكشوف من أن النفاق الدولي هو الحقيقة البشعة في عالم السياسة الدولية المنافق الذي لايعرف الرحمة، ولايقيم وزنا للإنسان، ولا يبالي أبدا بمعاناة الشعوبو تضحياتها الرهيبة وأوضاعها الكارثية.
فبعد ماجرى في باريس من أعمال إرهابية ذات صلة بسياسات داخلية غربية ارتدت نتائجها بشكل إرهابي انعكست مبرراته على الوضع العائم السائد في سورية من سيادة للفوضى وتحول الشام لمنطقة قتل وقتال وجذب للجماعات المسلحة التي استغلت الفوضى العامةو تغلغلت في العمق السوري وتحت رعاية النظام السوري ذاته الذي يسره كثيرا شيطنة الثورة وعمل استخباريا على إظهارها مجرد تجمع رث لعصابات إرهابية يقاتلها من أجل الأمن والسلام، وهي الخدعة السخيفة التي لم تنطل على أحد، تحول الشعب السوري ليكون كبش فداء لسياسات دولية وإقليمية متضادةو متغيرة، وتفاعلت هجمة عسكرية شرقية وغربية ليس من أجل ردع النظام السوري عن جرائمه ضد شعبه كما كان الغرب يرفع شعارات منافقة، من أجل تصفية حسابات واستعراض للقوة فوق الأرض السورية وعلى أجساد السوريين، وفي عمليات انتقام وقتل مفتوحة لا تشمل أبدا آلة القمع العسكرية والإرهابية للنظام، ولا تقترب من حافاته الإجرامية الخطرة، بل لضرب الشعب وسحق الأبرياء وجعل سورية أرضا يبابا ومكانا غير صالحا للعيش، فالأساطيل الفرنسية التي تضاف لأساطيل الروس البغاة ولجيوش الإيرانيين الإرهابية العدوانية ستحول السماء والأرض السورية لقطعة من الجحيم من أجل منازلة جماعة إرهابية معزولة وبائسة كما يقولون، معرضين أطفال الشام ونساءها وشيوخها لمخاطر الإبادة الجماعية وللمآسي اليومية، ومدشنين أكبر ساحة رمي ميدانية في التاريخ ضد شعب من الشعوب المظلومة.
لقد كنا وكان الأحرار في العالم ينتظرون بعد مئات الآلاف من الجثث السورية أن يتحرك العالم من غفوته وينفض عنه غبار التجاهل ليردع النظام السوري المجرم عن جرائمه البشعة ضد الإنسانية، كما هو مؤمل ومتأمل، إلا أن ماحصل فعلا كان كارثة تاريخية غير مسبوقة لكل الأحرار ودعاة العدالة في العالم… لقد تحركت الأساطيل وحاملات الطائرات فعلا، لكن ليس من أجل فرض السلام ومعاقبة المعتدي المجرم القاتل لشعبه، بل لمعاقبة الشعب على ثورته، ولمساندة ذلك النظام القذر بطريقة مافيوزية بشعة مفتقرة للحدود الدنيا من الأخلاق والإنسانية.
لقد قرر الغرب مباشرة بعد الشرق الروسي المافيوزي شرب حليب السباع، وتحويل أرض الشام ملعباً متنقلا للقتل الشامل، فها هو رئيس الديبلوماسية الروسية لافروف يمارس منطقا إرهابيا فظا في الدفاع عن النظام المجرم بل ويتحرك عسكريا وديبلوماسياً لفك عثرته ومحاولة جعله هو الحل بينما الحقائق تقول العكس، وها هو الرفض الروسي لإسقاط ومعاقبة النظام لايشكل تدخلا فظا في شؤون ومستقبل الشعب السوري فقط، بل أنه قرار إرهابي روسي فظ يمثل حالة واضحة من الهمجية والعدوانية بعد أن أثخنت الطائرات الروسية بشكل متوحش في تقطيع أوصال أطفال الشام وضرب مدن السوريين وتجمعاتهم الإنسانية بطريقة همجية من دون أن يرف لهم جفن وأمام كاميرات الدنيا وفي استهتار فظ بكل قيم مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تحول لخرقة بالية في النظام الهمجي الدولي الجديد – القديم.
ثم جاء مستشار الولي الفقيه الإيراني علي أكبر ولايتي ليؤكد الدعم المصيري الإيراني لنظام دمشق عبر القول ان نظامه هو السبب الأساس في دعم وبقاء نظام دمشق بعد أن أوشك على الانهيار، ويتفاخر بذلك، رغم ما يواجه الآلة العسكرية الإيرانية من استنزاف قاتل، ومعهم أدواتهم الطائفية الإرهابية التي سلطوها على رؤوس السوريين، والنتيجة التي سيتلقاها الإيرانيون من دون شك هو تجرعهم المزيد من كؤوس السم الزعاف لتستكمل هزيمتهم التاريخية بعون الله، ومالله بغافل عما يفعل الظالمون، أما ثالثة الأثافي فهي التردد الغربي القاتل الذي تحول بعد ردة الفعل الفرنسية لحالة عدوانية مؤسفة تعبر فعلا عن سقوط القيم الغربية التي بها يتفاخرون!، فالغرب يعلم علم اليقين ان النظام السوري هو الصانع الأول للإرهاب وهو مدرسة متميزة وراسخة في هذا المجال، ومع ذلك فإن أساطيل الغرب لم تنتخ أو تستجيب لنداء السوريين الأحرار أو على الأقل لقيم الإنسانية وردع الظلم، بل جاءت وتدفقت لتكمل مهمة إبادة السوريين وتعويم النظام القاتل ومحاولة جعله جزءا من الحل الممنوع والمنشود!. ثمة مهازل تاريخية كبرى في سماء السياسة الدولية تجري اليوم فصولها بآليات عجيبة وأساليب أغرب من الغرابة… السوريون يذبحون من الوريد للوريد فيما الغرب ما زال يناقش طبيعة جنس الملائكة، لكن في النهاية فإن التخبط والعدوانية الدولية لن تمنع أبدا الحتمية التاريخية لإنهيار الطغاة، وإرادة الله رب العزة والجلال أقوى من طغيانهم مجتمعين، وسينصر من نصره، وسيخذل القوم المجرمين، ولكن أخلاقيات ومثل الغرب الدعائية هي اليوم في الحضيض، فأساطيلهم المهانة ليست سوى صورة بشعة لكل قيم النفاق والتوحش، وكان الله في عون السوريين.
جيب بوش يضيّع فرصة ذهبية في خطابه للأميركيين
إيلي ليك/الشرق الأوسط/21 تشرين الثاني/15
في يوم الأربعاء، ضيّع جيب بوش فرصته، ففي أعقاب هجمات باريس انتهج كثيرون في حزبه «الأهلانية» (نهج سياسي يقوم على حماية مصالح أهل البلاد الأصليين وتقديمها على مصالح المهاجرين)، الهجوم على خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما المتواضعة لإعادة توطين 10 آلاف لاجئ سوري في الولايات المتحدة. وفي غضون ذلك، عمل الرئيس أوباما بسياسة التصيد للجمهوريين بدلاً من صياغة استراتيجية متماسكة لدحر مرتكبي فظائع باريس. كانت هذه فرصة جيب بوش لإظهار الجانب الهادئ والثابت له أمام بلاده، والتحلي بالفضيلة من الكاريكاتير الذي صنعه دونالد ترامب له هذا الصيف، فقد قدم بوش خطابًا لطيفًا لا يختلف كثيرًا عن خطابه الأخير عن السياسة الدفاعية الذي ألقاه في مكتبة «ريغان» في أغسطس (آب) الماضي. ويكمن الجزء الأكثر تخييبًا للآمال في خطاب بوش في احتوائه على كلام مبتذل كثير، فقد دعا بوش إلى إرسال قوات برية للقتال ضد تنظيم داعش، لكن كان هناك تحذير: «ينبغي أن يحدث ذلك بالتعاون مع حلفائنا، وينبغي أن يتوازى نطاقها (القوات) مع ما يوصي به الجنرالات العسكريون بأنه ضروري لتحقيق هدفنا». هل هذا يختلف بصفة جوهرية عما يفعله أوباما بالفعل؟ فقد أرسلت الولايات المتحدة نحو 3500 عنصر قوات خاصة إلى العراق وسوريا. وتقوم تلك القوات بتدريب العراقيين، وأحيانًا تخوض قتالاً جنبًا إلى جنب مع جنود من حلف شمال الأطلسي وآخرين في المنطقة. ويصر الرئيس على أن جنرالاته يعتقدون أن هذا العدد كافٍ. هذا لا يعني القول إن جيب بوش لا يميز نفسه عن أوباما بشأن مسائل أخرى، فقد دعا بوش إلى زيادة الإنفاق العسكري أكثر من أوباما. وكذلك الحال بالنسبة إلى جميع مرشحي الرئاسة الجمهوريين، باستثناء راند بول. ودعا أيضًا إلى فرض منطقة حظر جوي في سوريا، وهو الخيار الذي غضت الولايات المتحدة الطرْف عنه عقب التدخل الروسي في الحرب في سوريا سبتمبر (أيلول) الماضي. وبالطبع، قال بوش لشبكة «سي إن إن»، الأحد الماضي، إنه ينبغي علينا التركيز على جعل دخول المسيحيين السوريين – الذين يستهدفهم تنظيم داعش غالبًا بسبب دينهم – إلى البلاد أولوية. وأخبر شبكة «بلومبيرغ»، الثلاثاء الماضي، أنه ينبغي على أميركا الالتزام بتقاليدها النبيلة المتمثلة في الترحيب باللاجئين، رغم أن حملته بدت في نفس اليوم تؤيد خطة تسعى لوقف السماح لهؤلاء اللاجئين بدخول البلاد، مراعاة لمخاوف «المحافظين» حيال عملية الفحص. وساء الأمر صباح يوم الأربعاء عندما سأله مذيع شبكة «فوكس نيوز» ثلاث مرات عما إذا كان قد غير موقفه. ويتمثل المجال الوحيد الذي ميز بوش نفسه فيه بوضوح عن أوباما في تصنيف العدو، فقد استنكف أوباما ومعظم الديمقراطيين عن قول «المسلمين الراديكاليين» عندما سئل عمن يواصل الهجوم علينا في الغرب. وانتهز بوش هذا الاختلاف اللغوي قائلا: «هذه هي الحقيقة التي لن تسمعها من رئيسنا. نحن في حالة حرب مع الإرهاب الراديكالي» (هل هذا عكس الإرهاب المعتدل؟). وكما كتبت سابقا، يقول شقيق جيب – الرئيس السابق جورج دبليو بوش – أيضًا «الإسلام الراديكالي»، وكان لديه سبب وجيه. وتستلزم الحرب على الإرهابيين الراديكاليين دعم كثير من المسلمين غير الإرهابيين. ويعتقد معظم المسلمين على سبيل المثال أن الشريعة ينبغي أن تكون القانون السائد للبلاد، لكنهم لا يوافقون على الانتحاريين، وتتمثل الاستراتيجية منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 في فصل المجموعة الواسعة من الإسلاميين المتدينين عن الإرهابيين المتطرفين المستعدين لإراقة الدماء في سبيل تحقيق آيديولوجيتهم. وقد يمكن لجيب بوش أن يفسر كيف أن هذا النهج – الذي فضله شقيقه وأوباما – فشل. كان يمكن له أن يقول إنه على دراية بالاستراتيجية القديمة، لكن كان ينبغي أن يقول أيضًا إن أميركا لديها واجب الانخراط في حرب الأفكار داخل الإسلام، وكان يمكن أن يكون محددًا حول عدد القوات البرية اللازمة لهذه الحرب الجديدة، وكان يمكن أن يطالب تجديد «الكونغرس» تفويضه لحرب مطولة ضد الإرهابيين مثلما فعل عقب هجمات 11 سبتمبر، وكان بإمكانه أن يوضح موقفه بشأن اللاجئين السوريين بدلاً من تفويت فرصته.
* بالاتفاق مع «بلومبرغ»