الحقد على رفيق الحريري
عمـاد مـوسـى/لبنان الآن/27 أيلول/15
كناّ بأزمة النفايات “الوطنية” وسبُل حلّها على المديين القريب والمتوسط، صرنا نناقش ـ كمجتمع مدني ـ مسألة الرأسمالية المتوحشة وأثرها على النسيج المديني.
وما بين الأزمة الإجتماعية الضاغطة والمسألة الفلسفية المُستعادة واصَل قادة “الحراك” إطلاق النار على حكومةٍ بالكاد تستطيع إطفاء الحرائق المفتعلة على طاولة مجلس الوزراء. حكومةٌ يستحيل رحيلها ويستحيل تفعيلها ويستحيل تحميلها وزر تاريخ من الفساد، عمره من عمر لبنان يا عمري.
كنّا بـ”جمعية” واحدة جامعة بعض القيادات الشابة الطموحة والملتحية بمعظمها تدليلاً على البعد النضالي، فصرنا بإثنتين وثلاث وعشر وعشرين “جماعة” وحركة تصحيحية ولكل منها مجلس قيادة و”انضباط” وبرنامج عمل ثوري وأولويات وحسابات مفتوحة على “تويتر”، ونحّاسٍ ما يُوجّه.
البث التلفزيوني المباشر يفتح الشهية على تفريخ الحركات: طاولة في حمى رياض الصلح أو بجوار نصب الشهداء. مؤتمر صحافي. دعوات إلى للتظاهر في الوسط التجاري أو حيث تنمو الرأسمالية المتوحشة من عين المريسة إلى آخر حبة رمل من الرملة البيضاء.
أخطر ما يٌلمس في خلفية الحراك المدني هو العداء لسوليدير بوصفها صنيعة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكون مشروع إنشائها لم يحظَ بإجماع أربعة ملايين لبناني ولقي معارضة بعض المهندسين والسياسيين من ذوي السيرة المهنية الحسنة.
ليست المرة الأولى، في عقدين ونيّف، التي تعبّر فيها شرائح لبنانية عن كراهيتها ورفضها لوسط المدينة النظيف و”البرجوازي” بعماراته المرممة وأبراجه المطلة على المتوسط.
في كانون الثاني 2007 بلّطت أحزاب 8 آذار وحلفاؤها في ساحة رياض الصلح في مخيّم دائم تولى إنضباط حزب الله حراسته، وأقفلت مؤسسات تجارية وصرفت كادحيها وبات المخيم مقصد شريحة من أهلنا الطيبين.
“بشّط” كارهو رفيق الحريري سنة ونصف السنة في قلب المدينة بهدف إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ولم تسقط.
ونشهد اليوم موجة من الكراهية للحريري وسوليدير ومساهميها الذين يتعدون الثلاثين ألفاً من كل الطبقات (وأنا منهم بكل فخر وقناعة) وبتنا أمام خطاب “طبقي” يستهدف طبقتين: الطبقة السياسية برمتها النازلة من المريخ وطبقة المتوحشين أصحاب رؤوس المال، إنها حالة متجددة تُترجم باستباحة الشوارع وساحات الوسط كيفما اتفق، من خلال الإعتصامات والتظاهرات والعروض المتلفزة وآخرها إفتتاح ما سُمي بسوق أبو رخوصة لجموع اللبنانيين، كمشروع بديل (غير معلن رسمياً ) لمشروع سوليدير أو نكاية به.
لم يعر منظمو السوق الموقت والإعتصامات الدائمة اهتماماً إلى حجم الخسائر التي يتسببون بها. يعيشون على بخار طالع من مركبات عظمة ومكونات نقص. وعلى البخار يطبخون خططهم.
يا شبيبة اللحظة الراهنة، ليس بسوق أبو رخوصة وببعض التهريج يعاد تطريز النسيج الإجتماعي لأهل البلد.
أنا، أيضاً إبن ساحات بيروت.
إبن الروكسي والميامي ومحلات العصائر والسيتي سنتر وسوق السمك وسوق الحرامية وعجقة الحمالين والنشالين ولاعبي الكشاتبين والبواسط وبسطات الكتب في العازارية.
أنا أيضاً عشت صخب المدينة الجميل.
أنا أيضاً تمتعت بزمن الفرنك والقروش القليلة.
وأنا أيضاً أحب الأسواق الشعبية ورائحة الشواء ودواخين فستق العبيد.
إنما رغم العاطفة والماضي الذي أحب وتحبّون، مدينٌ أنا، كما أنتم مدينون لرفيق الحريري بوسط مدينة راقٍ بُني على أنقاض الحروب. وسطٌ بالكاد أملك فيه متراً مربعاً لكنني أملك مساحة للعين. فكفّوا رجاءً عن توليد الحقد المتلبّس أدوار العدالة الإجتماعية.
حزب الله” بعد اكتشاف “العميل”: الصراع باق مع واشنطن!
منير الربيع/المدن/الأحد 27/09/2015
إحدى أبرز نقاط القوة لدى “حزب الله”، إتقانه للإستثمار في كل شيء، خصوصاً أنه يملك القدرة على تحويل الهزائم إلى إنتصارات، وصناعة صورة مجيدة عن نفسه أمام نفسه وجمهوره، وبث الشك والخوف في صفوف الخصوم.
سجل مؤخراً إلقاء “حزب الله” القبض على عميل لصالح جهاز الإستخبارات الأميركي “CIA” في صفوفه. كان الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يتباهى دوماً بان الحزب أطهر من أن يخرق، سقط هذا التباهي منذ سنوات، إذ ثبت إكتشاف أعداد لا يستهان بها من الحزبيين العملاء، من بينهم مسؤولون في مواقع عسكرية حساسة، في غالب الامور كان “حزب الله” يحول هذه الخروقات إلى إنتصارات يعيدها إلى نجاحه في إكتشافهم.
لكن ما جرى في مسألة العميل صادق الحريري، والذي تبين أنه يعمل لصالح المخابرات الأميركية، كان مغايراً، خصوصاً أن لحظة الإعلان عن الأمر تأتي في توقيت سياسي له مدلولاته، إذ جرى الربط بين الإكتشاف وطريقة تسريب الخبر ومضمون المهام التي أوكلت إلى الحريري من قبل مشغليه.
كان الحريري يشغل منصب المسؤول الأمني عن مستشفى الرسول الأعظم، وفق ما تشير المعطيات، لمدة ثلاث سنوات، كما كان قبلها أحد المسؤولين عن أمن مجمع سيد الشهداء ومسؤولاً في وحدة الأمن المركزي في الحزب، كل ذلك لا يبدو غريباً، فإن أي خرق إستخباراتي يسجل في صفوف خصوم يخوضون حرباً مخابراتية، تتجه الأنظار نحو أشخاص يقومون بمثل هذه الأدوار، على الرغم من تفاوتها حسب تفاوت المناصب والمعلومة التي يمكن للعميل أو المخبر أن يستقيها.
حجم الضخ الإعلامي والتعاطي مع هذا الموضوع أظهر بوضوح محاولة تكبير حجم العميل الجديد، في مقابل التقليل من أهمية الخرق، لصالح تعظيم دور الإكتشاف. أكثر من ذلك ما يبدو لافتاً في هذه المسألة، هو تشديد الخبر المُسرَّب على المسألة الصحية والطبية في صفوف الحزب، فالبعض تحدث عن معلومات يمتلكها صادق عن حجم خسائر “حزب الله” في سوريا، فيما الأبرز هو الحديث عن أنه يمتلك معلومات حول الملف الصحي للأمين العام للحزب، وقد رجحت المعلومات أن يكون قد سربها إلى الأميركيين. كل ذلك في وقت تتحدث معلومات عن أن العميل قد طرد من عمله وجرّد من مهامه الحزبية.
بمجرد الإتيان على ذكر إسم نصر الله وانه مستهدف وملفه الصحي قد يكون مسرّباً، حاول “حزب الله” أن يؤكد بعد الإتفاق النووي الإيراني انه لا يزال مستهدفاً من قبل الشيطان الأكبر، وأن أمينه العام هو على لائحة المستهدفين، ورأسه مطلوب من قبل الأعداء، هذه الإشارة بغض النظر عن صحتها من عدمه، لها وقعها في صفوف الحزبيين والمؤيدين، ما من شأنه ان يعيد التعبئة ضد الأميركيين.. وان يحدد هامشاً مع القيادة الايرانية التي تسير نحو المصالحة مع الشيطان الاكبر.