“طلعت ريحتكم” مطية لـ”حزب الله”.
علي حماده /النهار/25 آب 2015
لنقل الامور بصراحة: بالامس كان الرعاع الذين اعتدوا على قوى الأمن وعلى الأملاك العامة والخاصة مظهرين “ثقافتهم” الحقيقية، جزءاً اصيلاً من جمهور “حزب الله” و”حركة أمل” وعصابات ما يسمى “سرايا المقاومة” المقيم على شكل “حزام أمني” عدواني النزعة في الأحياء المتاخمة لقلب بيروت. هؤلاء معروفون. وهؤلاء نزلوا الى الشارع متغلغلين وسط تظاهرة نظمتها منظمة “طلعت ريحتكم” بفوضوية كبيرة، وكانت مهمتهم إرهابية أهدافها تتعدى التظاهرة. هؤلاء رعاع يسيّرهم عقل إرهابي خبرناه في أكثر من مناسبة سابقة منذ ٢٠٠٦ وصولا الى ٧ و١١ أيار ٢٠٠٨. والاسلوب مشابه يقضي بتحريك مجموعات من الناشطين العاملين تحت عباءة “حزب الله” في أكثر من موقع تارة تحت لافتة “الاتحاد العمالي العام” (كما في ٢٠٠٨) وتارة أخرى تحت لافتة مجموعة “طلعت ريحتكم” التي وعلى الرغم من أن شعارها لاقى مزاجاً عاماً لبنانياً متبرم من الحالة المافيوية المعششة في رحم الدولة اللبنانية، فقد تحولت الى مطية لإرهاب “حزب الله” ولرعاعه الذين لا يتحرّكون إلا بإشارة منه. حتى المنتمين لـ”حركة أمل” أو المنضوين الى عصابات “سرايا المقاومة” لا يتحركون إلا بأمر قيادة أمنية مركزية في حارة حريك. نقول هذا الكلام، لأن الحقيقة يجب أن تقال للناس، وللجمهور البريء الذي لبّى نداء مجموعة “طلعت ريحتكم” الحاملة عناوين لا يختلف حولها اثنان في البلد. ان الحملة المشار اليها استخدمت في سياق أجندة “حزب الله”. والحقيقة هي ان الجمهور البريء عينه غطى من حيث يدري أو لا يدري الرعاع والارهابيين الذين انتشروا بالامس في قلب بيروت. ان هؤلاء سيعاودون الكرة مرة اخرى عند اول اشارة من “الغرفة السوداء” التي تسيّرهم لاستكمال السيطرة على الدولة والبلد. الموضوع لا يتعلق بالشعارات البراقة. الموضوع يتعلق بهوية من يقف خلف مجموعة “طلعت ريحتكم” وأجندته في إطار الصراع الكبير في البلد والمنطقة. هل حقيقة أنها تعمل من دون أجندة خفية؟ هذا سؤال كبير يجب أن يطرحه جميع المواطنين الذين شاركوا في الحراك المدني بخلفية مدنية لا طائفية. بالامس نزل رعاع “حزب الله” و”أمل” وعصابات “سرايا المقاومة” الى الشارع في بروفة كانت أبعد ما تكون عن أهواء الناس الذين نزلوا بالآلاف الى الشارع رفضاً للحالة المزرية التي وصلت اليها البلاد، وأوصلوا رسالة محلية ببعد إقليمي، يفترض في الاستقلاليين الجزعين والخائفين وقد أصاب بعضهم الهلع أن يدركوا خطورتها ومراميها: إن الصراع مع “حزب الله” لم ينته ببضعة لقاءات مجاملة في “عين التينة”، ولا ببعض “التنسيق” بين وزير الداخلية وأمنيي الحزب، ولا حتى بتوافق موقت حول ضرورة استمرار الحكومة الحالية تحت عنوان “تهدئة” هشة. على القوى الاستقلالية ان تنزع عنها رداء الجبن الذي تتجلبب به راهنا، وأن تعيد تصويب البوصلة في الاتجاه الصحيح، لأن جحافل الرعاع عائدون مرة أخرى، ولأن “حزب الله” كان ولا يزال مصدر التهديد الأول للكيان والوطن حتى لو تخفّى تحت أقنعة جمعيات أو نقابات.
“طلعت ريحتكم”… لا تضيّعوا البوصلة!
بديع يونس/النهار/25 آب 2015
ما حصل في لبنان – على خلفية التظاهرات التي سقط فيها جرحى من المتظاهرين وقوى الأمن – غيّر مجرى الحراك الشعبي السلمي المحق في عيش كريم أو أقله نظيف بعيداً من “الزبالة” المكدّسة في الشوارع والطرق في انتظار محاصصة المصالح. ولكن… شعارات “بيّاعة” رفعت، مزايدات سياسية علت، كل يغنّي على ليلاه والهدف واحد. حل أزمة “الزبالة” وما يستتبعها من ملفات فساد في الطبقة السياسية الحاكمة والمتعاقبة (من دون تعميم طبعاً). بعضهم رأى في الحراك “ثورة”، فيما السؤال: ثورة على من؟ على النظام الحاكم؟ نظام “ديموقراطي” برلماني انتخبه الشعب نفسه ويعيد انتخابه في كل دورة ناهيكم بالولاء للزعماء السياسيين أباً عن جدّ وحتى ولد الولد وقد أخذ الزعماء الأمان من قاعدتهم الشعبية. آخرون تحمّسوا رفعوا رايات تدعو الى إسقاط الحكومة (وهو حق مدني ودستوري) أمّا آخرون فرأوا فيها مناسبة للقدح والذم، فيما قليلون، بعدم انضباطهم، كانت تصرفاتهم الشاذة كافية لتحييد الحراك الشعبي عن بوصلته. قانونياً، إنّ حرية التعبير حق مقدّس ومبدأ طبيعي من مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية، كفلها الدستور اللبناني. وحق التظاهر هو من ركائز تقدم الدول الديموقرطية وتطورها، فيما القوى الأمنية مُلزَمة تأمين الجو الملائم لممارسة هذا الحق وحماية المتظاهرين. وهذا ما جاء في بيان المديرية العامة للأمن العام اللبناني. ولكن… في حال الإخلال بالنظام العام، فإن قوى الأمن الداخلي مُلزَمةٌ أيضاً وفقاً للقوانين بالعمل على حفظ الأمن والنظام وتوقيف المخلّين. … وطبعاً إطلاق النار على متظاهرين عُزّل، لا يدخل في هذا السياق. ولكن! من أطلق النار؟ هل هو أمر طبيعي خلال التظاهرات في لبنان بعد عام 2005؟ تظاهرات قامت وكانت أكثر شراسة وبأبعاد فئوية وحزبية بعد عام 2005، لم يتم اعتراضها بإطلاق نار… أما هذه التظاهرة المحقة لأي لبناني (مسؤول ومواطن) يعيش تداعيات “الزبالة”، هي وطنية ومدنية بحتة… تطلق النار فيها. أليس ذلك غريباً؟ يعني هناك قطبة مخفية. تؤكد المصادر أن أشخاصاً كانوا يريدون تحييد هذه التحركات الشعبية المحقة عن مسارها أو ما يُعرف بطابور خامس استغلّ الجموع وهاجم القوى الأمنية التي ردّت على الهجوم. وإذا كان هذا هو لبّ الموضوع، إلاّ أنّ الحراك الشعبي يوم أمس لم يكن “عفويا”… بل حراك منظم من مجتمع مدني كان عليه لزاماً وضع خطة عمل، وتحديد المطالب ضمن مسار مدروس يخرج بنتيجة. وهذا لم يحدث… بأي حال، الحراك لم ينتهِ، ولكن عساه لا يضيع ويخرج عن مساره. السياسيون يحاولون كل على طريقته قطف هذا التحرك المدني من خلال مبادرات أو تعليق نواب عضويتهم في البرلمان… أو تصريحات هنا وهناك.
فيما الحل بالآتي: مدير المدرسة والتلميذ، موظف البنك والمدير، صاحب الشركة والموظف، صاحب المطعم والنادل، ينقطعون عن العمل. يعتصمون بـ”هدوء” حتى التوصل الى حلّ. وإذا كانوا يريدون تغيير هذه التركيبة الحاكمة، لا يمكن القيام بذلك بالتخريب والتطاول على ما تبقى من مؤسسات… لا يمكن أن يقرّروا اقتحام ساحة النجمة حيث مجلس النواب وبعده السرايا الحكومية، بهدف حلّ الأزمة. والنتيجة إذا ما قاموا بذلك “فراغ” لا يحل أزمة النفايات ويضرب ما تبقى من مؤسسات يمكن إصلاحها يوماً… ناهيكم بـ”زعران” سوف يستغلون هذا الفراغ أكثر من استغلالهم لضعف الدولة القائم اليوم. جماعة “طلعت ريحتكم” وأصدقائي في المجتمع المدني لا تضيّعوا بوصلة هذا الحراك الشعبي الشبابي المطلبي المحق في محاولة لإسقاط ما تبقى من مؤسسات قد يأتي يوم وتكون خشبة الخلاص الوحيدة وركن الأساس في قيام دولة قادرة نتطلع إليها جميعاً.