اقتراح إيران لـ «الحوار» مع الخليج مشروع لمأسسة نفوذها
عبدالوهاب بدرخان/الحياة 13 آب/15
أعلنت إيران مراراً، بلسان رئيسها ووزير خارجيتها، وليس بلسان المرشد، عن رغبتها في «تطبيع» علاقاتها مع جيرانها الخليجيين، وبالتالي مع العرب، لمَ لا؟ على العكس، لا بدّ من الترحيب بهذا المسعى، فالتطبيع يعني أولاً وأخيراً علاقة طبيعية بين دول طبيعية، ما يعني بداهةً أن يُنزع منها كل ما هو غير طبيعي، وما يعني استطراداً أن العلاقة الآن ليست طبيعية. ولا يكفي أن يتبرع أيٌ من الجانبين بالقول أنها/ أو بالتصرف كأنها طبيعية لتكون كذلك. البداية تكون بالاعتراف بالحقائق، لا تلك التي افتعلت، ولا التي فُرضت أو تُفرض، ولا التي في التمنيات أو الطموحات والمطامع، وإنما الحقائق التي ترسّخت عبر التاريخ وصارت واقعاً ولا يمكن أي أحداث عابرة أن تطمسها. قد تغيّر في ملامحها بعض الشيء، لكنها لا تلغيها ولا تخضعها للأمر الواقع. نبقى في البديهيات. وإلى الأسئلة: لماذا العلاقة متوترة أصلاً بين العرب وإيران؟ وبأي جانب من البعد التاريخي تجب مقاربتها: بما حصل منذ ظهور الإسلام أم بما قبله، بما حصل منذ الفتنة الكبرى أم بما بعدها، بما حصل منذ الثورة الخمينية أم بما نشهده الآن؟ أم أن كل هذا الجدل المغمّس بالشيء الديني ليس ذا مغزى واقعي؟ ولماذا كانت المبادرة الى «تصدير الثورة» ولم تكن -كما نسمع حالياً- الى طرح مشاريع «للتعاون»؟ وهل كان هذا «التصدير» عملاً خيرياً أم عدوانياً؟ وهل أن العقدة لا تزال عالقة عند تصفية حسابات الحرب العراقية – الإيرانية على رغم ما حصل للعراق وفيه، ولماذا إنكار أو نفي أي طابع عربي للعراق؟ وإذا كان اللوم والإدانة للولايات المتحدة في العراق فلمن اللوم والإدانة في ما حصل لسورية وفيها؟ أو لليمن وفيه؟ وهنا أيضاً لماذا المساهمة في الخطيئة التاريخية والقبول بتخريب سورية وتجاهل غالبية شعبها؟ وكذلك المساهمة في تخريب اليمن؟ ولماذا اللعب بالحقائق والعمل على تغيير «النظام» في لبنان؟ ولماذا هذا الإصرار على زعزعة استقرار البحرين طالما أن هناك متسعاً رحباً لحلول حوارية؟ وما المصلحة أساساً في ضرب التعايش بين مكوّنات كل هذه الشعوب؟ ولمصلحة مَن تغذية الانقسام الفلسطيني والاستثمار فيه رغم آثاره المدمّرة على قضية الشعب في مواجهة احتلال استعماري؟
وهذه ليست سوى عيّنة من لائحة تطول، وعلى رأسها: لماذا تشكو دول الخليج وغيرها من تدخلات في شؤونها ولم يحصل أبداً أن شكت إيران من تدخل عربي في شؤونها؟ ولماذا هذا الحرص الإيراني على «ثقافة» الاستعلاء على العرب؟ وبالتالي كيف يمكن/ أو يُتصوَّر «تطبيع» من دون مراجعة تتناول كل هذه المسائل؟ وكيف يمكن/ أو يُتصوَّر «تعاونٌ» من دون أن يكون الطرف الإيراني مستعدّاً للكفّ عن التدخلات، بل يريد أن يحصد ثمار ما زرعه من أحقاد مذهبية وحروب أهلية و «أنشطة مؤذية» (وفقاً للتوصيف الأميركي الناعم)؟ وأخيراً: كيف تزيّن الحنكة والبراغماتية والواقعية لإيران أن جيرانها متلهّفون ومهرولون للتشارك معها في محاربة إرهابٍ لدى العرب وسواهم أدلة وشواهد على أنها (إيران) تديره منذ بداية العقد الماضي بالتعاون مع النظام السوري واستفادا منه في تشويه الصراع الداخلي في سورية وجعله مواجهة بين «الدولة» والإرهابيين التكفيريين؟
في أي حال لم يجد الوزير محمد جواد ظريف منطلقاً آخر ليبدأ منه مقاله الأخير «الجار ثم الدار» (02/08/2015)، ولولا وجود اسم الكاتب لخيّل للقارئ أن الكلام لشخص منفصل من الواقع ولا يعرف شيئاً مما فعلته بلاده في محيطها العربي. وإذا كان من شأنه أن يبشّر بما سمّاه «أولى أولويات إيران منذ البداية»، وهي أنها «تنشد علاقات طيبة ووطيدة مع جيرانها» فإنه يسارع الى شرح استراتيجيته بالإشارة الى أن بلاده التي «تعيش بفضل الله في استقرار وأمن» لا يمكنها «اللامبالاة أمام الدمار الهائل في أطرافها». من المؤكّد أن إيران كانت مبالية جداً، بل لا تزال فاعلة ومستفيدة من ذلك الدمار، لكن ظريف بدا كأنه «وزير خارجية السويد»، كما وصفه البعض، فانطلق من الاتفاق النووي ليقول إنه أنهى التوتر و «حان الوقت للتفرغ الى أعمال أهمّ» بحثاً عن «آليات» تساعد بلدان المنطقة على «اجتثاث جذور التوتر وعوامل غياب الثقة فيها». أي أن طهران أصبحت متعجّلة لبلوغ الوضع الطبيعي (تعاون اقتصادي مع العرب، بالأحرى الخليجيين، وشراكة ضد التطرّف والإرهاب)، وبالتالي للقفز الى «أعمال أهمّ»، فيما تواصل أنشطتها السوداء في خمسة بلدان عربية على الأقل. وفي هذا التعجّل دعوة «أخلاقية» إلى الجار، لكن في دوافع «لاأخلاقية» أيضاً تحضّ في أسوأ الأحوال على تجاوز الحاصل في سورية والعراق ولبنان وفلسطين لقاء مصالح اقتصادية مرتقبة، أو تطرح في أفضل الأحوال تقاسماً للنفوذ في البلدان المنكوبة بهيمنة إيران والميليشيات التابعة لها. لا شك في أن أهم ما تسعى إيران الى تجاوزه هو أعمال التخريب العميق التي ساهمت فيها على نحو مباشر أو غير مباشر، وكان أخطرها ولا يزال إحلال ميليشياتها محل الجيوش الوطنية، وقد ظهر ذلك في استتباع جيوش العراق وسورية واليمن تلك الميليشيات كما في استضعاف «حزب الله» للجيش اللبناني. وكان أتباع إيران العراقيون هم الذين أصرّوا غداة الغزو الأميركي على ضرورة حل الدولة وإلغاء الجيش ليتمكّنوا من إقامة «نظامهم الديموقراطي» الجديد، وقد وجدوا في واشنطن من استحسن الفكرة واشتراها وضغط لتنفيذها. وفي الحالات الأربع هذه ضعفت الدولة أو عطّلت بذرائع شتّى ورُبطت إراداتها وقراراتها بمشيئة طهران وممثليها، بل إن أزمات هذه الدول وضعتها في مهب التسويات الإقليمية والدولية حتى أصبح تفككها أو تقسيمها الثمن المحتل والمرجّح لوقف الاقتتال بين أبنائها.
بديهي أن جيران إيران مهتمون بإخماد التوتر وبالمصالح التي بدأت تلوح في المنطقة بعد الاتفاق النووي، لكن يصعب الاعتقاد بأنهم معنيّون بتقاسم النفوذ مع إيران أو بتجاوز كل ما فعلته كأنه لم يكن، أو حتى بتجاوز الواقع الذي صنعته وفاقت كوارثه كوارث الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والحروب العربية- الإسرائيلية. ففي التصوّر الإيراني، كما قدّمه الوزير ظريف، تبدو طهران باحثة عن منظومة عربية جديدة من صنعها، بل منظومة تدور في فلك استراتيجيتها. وإذا كانت العناوين تعكس حقيقة التفكير، فإن اقتراح «مجمع للحوار الإقليمي» يعني شيئاً باللغة العربية و «المنتدى الجماعي لمنطقة الخليج الفارسي الموسع» يعني شيئاً أكثر دقةً ووضوحاً باللغة الإنكليزية (مقال ظريف في «نيويورك تايمز» 20/04/2015). ولعل حرص الوزير الإيراني على تسجيل اهتمام خاص باليمن يمكن أن يُعزى الى أمرين: أن إيران لم تُخرج هذا البلد من استراتيجيتها رغم ضرب مشروعها فيه، وأن كل يوم يمرّ من دون حل سياسي يراكم خسائر للحوثيين حلفاء إيران. عدا أن هذا «المجمع» أو «المنتدى» يستعيد فكرة طُرحت منذ أوائل العقد الماضي وازدادت الإشارة إليها بعدما مسّت الحاجة الى تقارب عربي- إيراني بدلاً من الصراع على العراق، وقد استوحى الباحثون الذين طرحوا الفكرة تجارب أوروبية (منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والشراكة من أجل السلام…) سواء لمعالجة أزمات ما بعد الحرب العالمية الثانية وتداعيات الحرب الباردة أو مشاكل ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. غير أن الإطار والشكل ليسا المعضلة بل المقدّمات اللازمة والضرورية لأي «حوار». فمن الواضح أن إيران تريد هذا «المنتدى» للشروع في مأسسة نفوذها إقليمياً، على قاعدة «مكاسبها» الحالية على جثث شعوب سورية والعراق واليمن، وعلى هذا الأساس تعتقد أنه يمكن «إجراء تقييم ذكي للتعقيدات القائمة في المنطقة بهدف انتهاج سياسات مستديمة لمعالجتها»، كما كتب ظريف، الذي لم يجرِ تقييماً ذكياً لانشغالات الجيران الذي يريد تطبيع العلاقات معهم، ولعل الاستعلاء صوّر أنه يمكن شراء عقول العرب بشيء من الكلام الجميل.
الأسد ورقة مساومة لإيران في سورية
لينا الخطيب/الحياة 13 آب/15
بعد الاتفاق على صفقة نووية أولية مع إيران، سيكون الملف السوري هو الملف الدولي التالي الذي تفاوض عليه طهران. ليس مردّ ذلك أن إيران تمضي على طريق تحقيق النصر في سورية، بل لأن التطوّرات الأخيرة في سورية أجبرت إيران على تغيير حساباتها في شأن دورها في الصراع. فبدلاً من الدعم غير المحدود للنظام السوري، أصبح هدف تدخّل إيران في سورية اليوم هو التمسك بالرئيس السوري بشار الأسد فقط لاستخدامه كورقة مساومة في المفاوضات الدولية لإيجاد تسوية للصراع. جاء تغيير إيران لاستراتيجيتها في سورية كنتيجة مؤلمة لحساباتها الخاطئة في التعاطي مع الصراع الذي بدأ قبل وقت طويل من تحوّل الانتفاضة السورية إلى حرب أهلية. فإيران اعتقدت أن في وسعها توجيه الانتفاضة في سورية لمصلحتها الخاصة، وأن مساعدة النظام في سحق ما كانت آنذاك انتفاضة سلمية، ستكون مهمة سريعة وسهلة من شأنها الإبقاء على الوضع القائم. ولكن الانتفاضة السورية تطورت إلى صراع مرير تلقّى الجيش السوري فيه ضربات كبيرة من المعارضة السورية المسلّحة المعتدلة، وكذلك من مجموعات جهادية لا تُعدّ ولا تُحصى. وبالتالي، أصبحت إيران تشعر بالقلق في شأن بقاء نظام الأسد، ليس لأن دمشق كانت حليفاً سياسياً لطهران في «محور المقاومة» ضدّ إسرائيل وحسب، بل أيضاً بسبب علاقتها مع «حزب الله»، الذي ينقل الأسلحة التي تزوّده بها إيران إلى لبنان عبر سورية. وبما أن الحزب يبني قوته السياسية في لبنان على أساس امتلاك الأسلحة التي يخيف بها معارضيه السياسيين اللبنانيين، فقد استدعته طهران للقتال في سورية لدعم نظام الأسد. جرى ذلك في البداية عبر إرسال مستشارين عسكريين مخضرمين من الحزب إلى سورية. ولكن مع تنامي الصراع من حيث طوله وشدّته، تغيّر التكتيك ليتحوّل إلى إرسال قادة وقوات في «حزب الله». كما أرسلت إيران مستشارين من «الحرس الثوري» وأنشأت ميليشيات سورية محليّة (قوات الدفاع الوطني) لمساعدة الجيش السوري.
ولكن في حين نجح هذا الدعم لفترة من الوقت، قابلته زيادة الدعم للمجموعات الجهادية من مختلف الجهات المانحة. بدأت الانتصارات المتتالية لـ «حزب الله» وإيران بالتلاشي عندما ضخّ الطرفان المزيد من الموارد البشرية والمادية في الصراع السوري. فما كان قد بدأ كتدخّل قصير الأمد تحوّل إلى معركة وجودية لـ «حزب الله»، وبالتالي لنفوذ إيران في بلاد الشام.
أدّى صعود تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في سورية، والتقدم الذي أحرزه لاحقاً في العراق، إلى خلق مشكلة أخرى لإيران. في البداية، كانت المجموعات الجهادية السنّية الصغيرة في سورية مفيدة لاستراتيجية إيران لأنها «أثبتت» أن الأسد لم يكن يقمع انتفاضةً سلمية، بل يحمي سورية في مواجهة تهديد التطرّف العنيف. ولكن عندما تحوّلت الساحة الجهادية إلى ساحة تهيمن عليها أغنى منظمة إرهابية في العالم، مع تقدّم تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، وجدت إيران نفسها في مواجهة تهديد وجودي محتمل يزحف نحو حدودها.
كانت العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم قد أضعفت اقتصادها بالفعل، كما تسبّب دعمها لأنشطة «حزب الله» في كلٍّ من لبنان وسورية بضغوط مالية كبيرة على طهران، غير أن الجبهات الجديدة في العراق كانت تتطلّب تكريس المزيد من الموارد لحماية المصالح الإيرانية. ونتيجةً لذلك، تعرّضت إيران إلى مزيدٍ من الضغط عندما بدأت برعاية الميليشيات الشيعية في العراق لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، وبدعوة «حزب الله» وقوات النخبة في «الحرس الثوري» إلى وقف تيار «الجهادية التكفيرية» في البلاد. وجدت إيران نفسها تخوض معركتين ضخمتين دفعة واحدة، وكانت بحاجة إلى اتّخاذ قرار في شأن المحافظة على مواردها. ولأن إيران محاصرة في العراق أكثر مما هي عليه في سورية، اختارت إعطاء الأولوية إلى العراق. على سبيل المثال، تم استدعاء اللواء العراقي «لواء أبو الفضل العباس» من دمشق إلى العراق فور استيلاء تنظيم «داعش» على الموصل. في الوقت نفسه، بدأت المملكة العربية السعودية تضيق ذرعاً بتصرّفات إيران في العالم العربي وكذلك بافتقار الغرب إلى استراتيجية لإنهاء الصراع السوري. راهنت الرياض على وجود إحباط مماثل لدى قطر وتركيا، وعمدت إلى زيادة الضغط على النظام السوري بعد التنسيق مع حلفائها، فبدأ النظام السوري و»حزب الله» يتكبّدان المزيد من الخسائر. وتفيد معلومات أن «حزب الله» خسر ربع قوات النخبة الخاصة لديه في الحرب السورية، في حين تقلّص عديد الجيش السوري إلى مجرّد نصف ما كان عليه قبل العام 2011. وبدأ النظام السوري والحزب في الاعتماد بشكلٍ متزايد على مقاتلين ومرتزقة عديمي الخبرة، يتم استقطابهم من بلدان خارجية مثل أفغانستان.
وبالتالي، تحوّلت استراتيجية الأسد في سورية، بيد أن هذا التحوّل ليس في مصلحة إيران. فبدل محاولة الحفاظ على وجودٍ للجيش السوري في جميع المحافظات السورية تقريباً، يتراجع النظام الآن في العديد من المناطق التي يسيطر عليها المعارضون أو تنظيم «داعش»، ويركّز على إحكام سيطرته على معاقله في الساحل الغربي ودمشق. وتتمثّل حسابات الأسد في أنه إذا ما نجح «داعش»، في نهاية المطاف، في التغلّب على سائر المجموعات في سورية، يستطيع أن يُظهر للمجتمع الدولي أن سورية أمام خيارَين: إما نظامه أو تنظيم «داعش». ولكن كلّما قويت شوكة التنظيم في سورية، استمر في تهديد المصالح الإيرانية في العراق. نتيجةً لكل تلك التطوّرات، أدركت إيران أن الرهان على الأسد لكسب الحرب يعني الرهان على حصان خاسر. لذلك، غيّرت استراتيجيتها من الاستمرار في ضخّ الموارد في سورية لدعم الأسد، إلى استراتيجية تتمثّل في مجرّد الحفاظ على النظام عبر استخدام الحد الأدنى من الموارد. وتصرّ طهران على عدم إرسال قوات إلى سورية، كما أعادت توجيه رسائل للغرب والدول الإقليمية مفادها أنها مهتمة بعقد صفقة كبرى في شأن دور كلٍّ من هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط، وأن الصفقة لن تشمل سورية وحسب، بل أيضاً ملفات أخرى مثل اليمن. على رغم أن شكل هذه الصفقة الكبرى غير معروف حتى الآن، من المرجّح أن تشمل قبول إيران تشكيلَ حكومة انتقالية في سورية تحتفظ بعناصر من النظام الحالي، وتضمن امتيازات «حزب الله» الحالية. ولا تزال إيران تصرّ على ضرورة أن يؤدّي بشار الأسد دوراً في هذه الصفقة، بحجّة أن الانتخابات ستُجرى في نهاية المطاف، وبالتالي ستنتهي رئاسته بصورة طبيعية. مع ذلك، المقصود من ذلك هو استرضاء الأسد فقط بحيث تضمن إيران أن يحتفظ ببعض الأهمية، لأن إسقاطه الآن يعني خسارة فادحة لإيران. بدلاً من ذلك، يعني التمسّك بالأسد بينما تُجرى المفاوضات في شأن تسوية الصراع السوري أن إيران يمكنها استخدامه كتضحية صغيرة مقابل تحقيق مكاسب أكبر تتمثّل في تشكيل حكومة تحظى بمباركة الغرب، وكذلك الجهات الفاعلة الإقليمية مثل السعودية، طالما أن هذه الحكومة تحافظ على مصالح إيران في بلاد الشام. ولذا، فقد الأسد مكانته كحليف لطهران وأصبح مجرد ورقة مساومة لإيران في سورية.
* كاتبة لبنانية ومديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت