ربط انتخاب الرئيس بالتسوية في سوريا يرجئ الاستحقاق إلى أجل غير مسمّى
خليل فليحان/النهار/6 آب 2015
كرّر مسؤول عربي التقى رئيس كتلة نيابية وازنة ومعنية أن “لا انتخاب لرئيس الجمهورية قبل انتها الأزمة السورية”. واوضح أن المعلومات الديبلوماسية المتوافرة عن اجتماع الدوحة تفيد أن تسوية قريبة “وكل ما عدا ذلك مبالغ فيه”. ويذكر أن الاجتماع ضم وزراء الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير، وبحث في خريطة طريق لحل الأزمة، من دون التوصل الى رسم معالمها، نظراً الى الخلافات الكثيرة بين واشنطن وموسكو حول ما اذا كانت التسوية تشمل بقاء الرئيس بشار الاسد أم لا. وأول الخلافات تأكيد أميركي لمجلس التعاون الخليجي عبر كيري أن أي حل للأزمة السورية لن يشمل الأسد، فيما موسكو وطهران تدعمان ان يكون طرفاً في أي حل. ثانيها أن دمشق لا تقبل بطرح أي مبادرة حلّ إلا بالتنسيق معها، وقد وافقت طهران على هذا الموقف. كما أنها مع تشكيل جبهة دولية لمحاربة التنظيمات الارهابية، وفي مقدمها “داعش”، شرط التنسيق المسبق معها في العمليات العسكرية التي ستشن ضد مواقع التنظيمات الارهابية، وتعتبر أي عملية دون التنسيق معها هو خرق لسيادتها. لم يأخذ سلاح الجو الأميركي بهذا الشرط، فوجه ضربات جوية لمواقع تنظيم الدولة الاسلامية. وتجدر الاشارة الى أن موسكو معترضة على التصرف العسكري الاميركي المنفرد، لأن هدفها هو الافساح أمام مقاتلي المعارضة التي تسلحها وتدربها لتقاتل نظام الاسد.
واللافت انه رغم الخلافات بين أطراف الازمة، عقد اجتماع روسي – سوري – ايراني لصياغة موقف يطرح بين كيري ولافروف في محاولة للتوصل الى تسوية تكون مقبولة في الحد الأدنى من أجل وقف الاقتتال الذي يقوّي داعش وسواها من التنظيمات ويضعف النظام ويظهر عجزه العسكري المتزايد عن مقاتلي “داعش” و”النصرة”. ورأى رئيس كتلة نيابية معنية يسعى الى انجاز الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت نظراً الى الشلل في مؤسسات الدولة، أن كل يوم تأخير لانتخاب رئيس للبلاد يراكم الازمات ويضاعف العجز عن حل اي مسألة. وأعطى مثالاً أن اي سياسي لم يكن يصدق ان مجلس الوزراء لن ينهي أزمة التعيينات الامنية أو جزءاً منها، على الأقل تعيين رئيس للأركان، على الرغم من المخرج – التسوية الذي جعل “التيار الوطني الحر” يهادن ويجعل جلسة مجلس الوزراء أمس تنعقد بهدوء، ومع ذلك لم تنتج من الأمر أي معالجة. وانتقل الى موضوع النفايات الذي وصفه بأنه من اخطر ما طرح على حكومة سلام، وانه كارثة الكوارث ويمسّ صحة المواطن ويبعد السائح عن لبنان، ولم يتقرر خلال الجلسة اي حل مطلوب. واعتبر أنه اذا نجحت المساعي لتحقيق التسوية المطروحة فستؤدي الى اعادة مجلس الوزراء الى العمل فقط في شكل طبيعي والى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب دون ان تسمح بانتخاب رئيس للبلاد، بسبب تمسك رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون بموقفه وبأنه هو المرشح الأوحد للرئاسة لأنه الأكثر تمثيلاً.
إرهابيون من صنع أميركي
هشام ملحم/النهار/6 آب 2015
قبل يومين نشرت صحيفة “النيويوك تايمز” مقالا تطرقت فيه الى الانقسام في أوساط المسؤولين حول من يمثل الخطر الارهابي الاكبر على اميركا الان: تنظيم القاعدة، ام “داعش”؟ في اليوم ذاته أصدر تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” شريط فيديو حض فيه المسلمين على شن هجمات “جهادية” فردية على الاميركيين. العنف المرتبط بتنظيمات اسلامية ارهابية مثل “القاعدة” و”داعش” مستمر ويتزايد مع مرور السنين، وبات الحديث عن الارهاب في الولايات المتحدة كأنه حكر على اتباع دين واحد هو الاسلام.
ومنذ هجمات أيلول2001 الارهابية، والحرب على الارهاب التي اعلنها الرئيس السابق جورج بوش ، طغى الخوف من الارهاب “الاسلامي” على الاخطار الارهابية الاخرى. لكن الواقع – المبني على الاحصاءات والابحاث – مختلف كليا، اذ ان الارهاب الذي تمارسه جماعات يمينية متطرفة، أو افراد عنصريون ومتزمتون ويرفضون الانصياع للسلطات المركزية، هو الذي يشكل الخطر الاكبر على البلاد، وليس الارهاب الجهادي. ومنذ احداث ايلول 2001 بلغ عدد ضحايا الارهاب الجهادي 26 أميركياً، في مقابل 48 مواطناً قتلوا في هجمات قام بها يمينيون متعصبون، وفقا لاحصاءات أجراها مركزابحاث اسمه “نيو أميركا” (New America). ويتحدث الخبراء الاميركيون في شؤون الارهاب عن ظاهرة “الذئب الوحيد” في اشارة الى الفرد الذي يقوم بارهاب مستوحى من تنظيمات اسلامية متطرفة، كما يتحدثون الان عن ظاهرة اميركية حديثة العهد، لكنها مماثلة الى حد كبير، والتي يطلق عليها “المواطن ذو السيادة”، في اشارة الى افراد يغالون في تطرفهم الى درجة انهم يرفضون كل القوانين التي تشرعن السلطة، وهو موقف مشابه الى حد كبير للظاهرة الفوضوية في أوروبا في القرنين التاسع عشر والعشرين. ووفقاً لدراسة أخرى أجريت مع 382 مركزاً للشرطة، قال 74 في المئة من الذين شملتهم ان التطرف اليميني المعادي للحكومة هو مصدر الخطر الاول، يليه 39 في المئة رأوا ان خطر تنظيم “القاعدة” و”التنظيمات المشابهة له هو الخطر الاول. وجاء في دراسة اخرى لجامعة ميريلاند، ان اليمينيين المتعصبين شنوا 65 هجوماً، في مقابل24 هجوماً شنها متطرفون اسلاميون منذ 2011. هذه الدراسات والاحصاءات تعزز التحول في مواقف عدد متزايد من المحللين الذين يقولون الان ان المخاوف من الخطر الارهابي لـ”القاعدة” و”داعش”، على خطورته، مبالغ فيها، في مقابل محاولات للحدّ من خطر المتطرفين اليمينيين. ولا يزال هناك تردد في اوساط السلطات الامنية المحلية في وصف العنف الذي يرتكبه اليمينيون المعادون للحكومة (من البيض) بانه ارهاب، بينما يسارعون ومعهم جانب كبير من الاعلام الى وصف أي عنف سياسي يقوم به مسلم، بأنه ارهاب اسلامي.