بالصوت /فورماتMP3/ال بي سي/الخبير في الشأن الإيراني الإعلامي اسعد حيدر يقرأ بعلم وموضوعية وبحياد في الاتفاق النووي الإيراني-الغربي/تعليق يتناول نفس الموضوع للياس بجاني/23 تموز/15
في اعلى المقابلة والتعليق بالصوت/فورماتMP3
بالصوت /فورماتWMA/من ال بي سي/الخبير في الشأن الإيراني الإعلامي اسعد حيدر يقرأ بعلم وموضوعية وبحياد في الاتفاق النووي الإيراني-الغربي/تعليق يتناول نفس الموضوع للياس بجاني/23 تموز/15
فيديو/ال بي سي/الخبير في الشأن الإيراني الإعلامي اسعد حيدر يقرأ بعلم وموضوعية وبحياد في الاتفاق النووي الإيراني-الغربي/23 تموز/15
في أسفل عدد من المقالات للكاتب اسعد حيدر تتناول الملف الإيراني وقد تناول خلال المقابلة مع ال بي سي معظم المواضيع التي اوردها في هذه المقالات وجميعها ذي صلة وثيقة بإيران ونظامها وملفها النووي واطماعها التوسعية وحيثيات الحكم فيها وتاريخ بدأ المحادثات والمفاوضات مع إميركا.
خامنئي القائد عَلٍمَ ووافق ورفْض «الحرس» مرفوض!
أسعد حيدر
الثلاثاء 21 تموز 2015 – /المستقبل/العدد 5441 – صفحة 2
بدأت رقصة «التانغو» السياسية بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية في إيران. كل خطوة لها ما يتبعها ويتسق معها. الانسجام بين «الراقصَين» يحقّق النجاح. لا يمكن اللعب على شروط «الرقصة»، لأنّ المراقبين جاهزون لتسجيل أي خطأ. في السياسة، قَبِلَت طهران طوعاً الدخول تحت «مظلة» الشرعية الدولية. لا يمكنها العمل إلاّ بشروط هذه «المظلة» وقواعدها. لا يمكن أن يكون العضو داخل «المظلة» وخارجها في وقت واحد. لـ«المظلة» الشرعية الدولية شروطها وقواعدها وواجباتها وعوائدها، التي لا يمكن اللعب عليها. مهما كابرت طهران، فإنّها في مفاوضات فيينا خضعت لشروط قاسية جداً، حقّقت تخلّيها عن «السيادة النووية» التي أرادتها. كل المشروع النووي الإيراني من «الإبرة» إلى الصاروخ تحت المراقبة الدقيقة لمدة 15 سنة يُضاف إليها عشر سنوات رقابة تنفيذاً لاتفاقية منع الانتشار. ستفكّك إيران حوالى 13 ألف جهاز طرد مركزي تُوضع في مخزن «مفتاحه» مع الوكالة الدولية، وستكون لها فترة شهر واحد لتفكيك ألف جهاز طرد مركزي في «ناتنز» وتغيّر موقع «فوردو» كلياً بعد إلغاء العمل بالمياه الثقيلة. أيضاً إذا أثيرت شكوك حول أي نشاط سرّي إيراني ستُتاح للوكالة فرصة الدخول المنظّم إلى المناطق المشبوهة بما فيها المواقع العسكرية. إيران كما العراق سابقاً تخلّت عن جزء من سيادتها الوطنية. ستحتاج إيران ستة أشهر من بدء تطبيق الاتفاق للإفراج عن نحو 100 مليار دولار. هذا غيض من فيض. أمّا ما يتعلق بسلاح الصواريخ، فإنّ القرار يدعو إيران إلى وقف التجارب على صواريخ بالستية قادرة على إيصال سلاح نووي لمدة ثماني سنوات.
يُقال إنّ 15 سنة ليست شيئاً في عمر الشعوب وصناعة التاريخ، وهذا صحيح. لكن أيضاً أعمار الأنظمة حتى ولو كانت في الشرق ليست أبدية. انفتاح إيران على العالم له مفاعيله. نظام الولي الفقيه نجح تحت شعار «المقاومة» للمقاطعة الدولية في وضع القيود على حركة الشعب الإيراني دون أن ينجح في وأد تطلّعاته الديموقراطية ونحو الحرية الاجتماعية وحقّه في التنمية وفي حياة اقتصادية تتناسب مع ناتجه القومي. عودة الروح إلى الاقتصاد الإيراني، ستُعطي قوّة دفع حقيقية للمجتمع المدني الإيراني وممثليه. الانتخابات التشريعية القادمة ستؤكد حجم التغيير الذي سيتقرر قبل نهاية آذار 2016. قائد «الحرس الثوري» الجنرال محمد علي جعفري رفض «الاتفاق» لأنّه خرق «خطوطاً حمراء» سبق وأن وضعها المرشد آية الله علي خامنئي. هذا الرفض خطير جداً. السؤال هل يستطيع الجنرال جعفري وبضعة جنرالات آخرين من الوقوف في وجه تنفيذ الاتفاق الذي إلتزمت الدولة الإيرانية به؟ إيران دولة شديدة المركزية. تنفيذ الاتفاق متى بدأ لا يمكن الوقوف في وجهه لأنّه لا يمكن الوقوف في وجه «قطار سريع». تصريح جعفري من نوع «اللهم إني بلّغت». وهو اعتراض لتمهيد تقاعده من «الحرس الثوري» يسمح له لاحقاً بأخذ (ومعه مَن يؤيّده من الجنرالات) موقعاً في الحياة السياسية كما حصل مع زملاء سابقين له مثل الجنرال رضائي والجنرال شمخاني وغيرهما. في نظام مثل النظام الإيراني الجنرال «عسكري» ينفّذ أمر القيادة. آية الله علي خامنئي هو الولي الفقيه وهو «الرهبر» أي القائد. في حالة جعفري وغيره من الجنرالات والسياسيين والمعترضين، عليهم أن ينفّذوا أمر «القائد». لا يمكن لخامنئي أن يقول لهم «معكم حق»، لأنّه اطّلع ووافق مسبقاً على كل نقطة وفاصلة في الاتفاق. لا يمكن لخامنئي أن يقول لم أطلع أو لا أعلم. في الحالتين خاسر وقيادته ستهتزّ. جواد ظريف جاء إلى طهران قبل 48 ساعة من توقيع الاتفاق النهائي الذي يجب أن يُؤخذ كله أو لا يوقّع. الاتفاق «سلّة» متكاملة غير قابلة للتجزئة. ثمة ثغرات في الاتفاق النووي لأنّه لا اتفاق مثاليا كامل الأوصاف. تنفيذ هذا الاتفاق سيتحوّل إلى «ساحة للتجاذبات ومرآة حقيقية لطبيعة العلاقات الأميركية الإيرانية». يمكن شدّ الشروط وإرخاؤها حسب تطوّر الثقة والعلاقات الأميركية الإيرانية. في المستقبل، السياسة هي التي ستحدّد إلى أي مدى ستشدّد الشروط في تطبيق الاتفاق. التشدّد والمرونة من صلب حركة المدّ والجزر في العلاقات بين طهران وواشنطن. في قلب هذا المسار السياسي الاقليمي لإيران، مدى انسجامه مع السياسة الأميركية وأهدافها. كلّما تقدّمت إيران خطوة في الاتجاه الصحيح يتم تخفيف أعباء شروط الاتفاق. رُفِعَ أمس العلم الكوبي في وزارة الخارجية الأميركية. إيران الإسلامية ليست أكثر تشدّداً على الصعيد الايديولوجي من كوبا الشيوعية – الكاستروية. في الأساس الايديولوجيا عابرة. مصالح الشعوب ثابتة وسابقة على كل شيء. إيران ما بعد الاتفاق لن تكون كما كانت قبلها. انتهى زمن الخطابات، بدأت مرحلة الواقعية والعمل!
الشرق الأوسط بعد الاتفاق غير ما قبله!
أسعد حيدر
الثلاثاء 14 تموز 2015 -/المستقبل/ العدد 5436 – صفحة 2
الحاجة المتبادلة إلى اتفاق نووي زائد الواقعية السياسية، أوصلت المفاوضين من مجموعة خمسة زائد واحد من جهة وإيران من جهة أخرى إلى الاتفاق مهما تأخر إعلانه. من الطبيعي أن يكون الطرفان قد قدما تنازلات متبادلة وقاسية. دون ذلك لا يمكن النجاح. واشنطن وطهران بذلتا جهوداً ضخمة للنجاح. الرئيس باراك أوباما يريد التأكيد على أنّه كان يستحق جائزة نوبل للسلام وانّه قد يستحقها مرّة أخرى ربما مع شريكه جون كيري. أيضاً أوباما سجل اسمه في تاريخ الرؤساء الأميركيين بتحقيق إنجازات من دون أن يخسر الأميركيون جندياً واحداً ودولاراً واحداً، على عكس الرؤساء الأميركيين السابقين. أوباما نجح في تحقيق المصالحة مع كوبا وغداً مع إيران. أوباما قد يفاجئ العالم في زيارة هافانا وطهران على مثال الرئيس نيكسون في زيارته لبكين بعد الاتفاق. الرئيس حسن روحاني الذي سيردّد دائماً انطلاقاً من تركيبة النظام الإيراني ودستوره أنّه نجح تحت رقابة الولي الفقيه والالتزام بنهجه في إنقاذ الاقتصاد الإيراني. آلية هذا النجاح لا بد أن تترجم داخلياً في إعادة تركيبة التوازنات ومواقع القوى السياسية. لن تبقى إيران كما كانت قبل التوقيع. انتهت مرحلة الثورة وبدأت مرحلة الدولة. من أجل التوصّل إلى اتفاق، قبلت إيران بعيداً عن المكابرة و»سكاكين» الخطاب الايديولوجي «خصي» مشروعها النووي. قدّمت إيران تنازلات تقنية أساسية، فأصبح مشروعها سلمياً مئة في المئة. لتدخل إيران، مقابل ذلك، النادي النووي السلمي وتصبح عضواً فيه يمكنها من تطوير استخداماتها النووية السلمية في مشاريع طبية وصناعية ضخمة جداً تعود باستثمارات مالية ضخمة. قبلت إيران «خصي» مشروعها النووي بالمشاركة مع موسكو التي ستشتري مخزونها من الاورانيوم المخصب والمياه الثقيلة، والصين التي ستتولى بالإشراف مع الخبراء من الدول الغربية في تفكيك «قلب» مفاعل «اراك» بحيث لا يعود يعمل على المياه الثقيلة الذي تثير القلق من استخداماته النووية العسكرية، كما أنها قبلت عملياً إقفال مفاعل «فوردو» المحصن وتحويله إلى مركز أبحاث. فقط مفاعل «ناتانز» سيعمل مع غيره بواسطة 5060 آلة طرد مركزي بدلاً من 19 ألف آلة، إلى جانب ذلك بقاء العقوبات على الاسلحة التقليدية لفترة لم تتوضح حتى صدور النص، كل هذا من الأساسيات تبقى تفاصيل تقنية كثيرة ليس من الضروري الدخول في تفاصيلها هنا. منطقة الشرق الأوسط لن تكون كما كانت قبله. إيران قوّة اقليمية كبرى. ليس هذا جديداً ولا طارئاً، لكن بالتأكيد كسبت إيران في السنوات الأربع الأخيرة حضوراً تفاخر به علناً أنه أصبح من عدن إلى شواطئ البحر الأبيض. السؤال هل تتابع إيران في التمدّد عبر الانخراط في سياسة سلبية أقل ما يُقال فيها المشاركة المباشرة في إشعال النار على طول «الهلال الشيعي»؟ هل تستقوي إيران بالاعتراف بها قوة نووية على محيطها الجغرافي العربي، أم أنها ستلتزم أيضاً بالواقعية السياسية وتعمل على أساس أنها قوة اقليمية كبرى إلى جانب قوى اقليمية لها وجودها ولا يمكنها إلغاؤها؟ ما يزيد من أهمية هذا السؤال انها في الوقت الذي أضرمت أو شاركت في إضرام النار على طول «الهلال الشيعي»، تساكنت مع إسرائيل التي كانت تصفها «بالسرطان الذي يجب استئصاله»، وأصبح هذا الشعار مجرد عنوان لاحتفال سنوي في «يوم القدس»، وفي هذا الجانب يتبلور سؤال واقعي وهو: ما هي الضمانات التي أخذتها واشنطن لحليفتها إسرائيل وما هي تردداتها على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي لاحقاً؟
هذا السؤال يقود إلى سؤال آخر مهم: ما هي حقيقة الموقف الأميركي من «الشراهة» الإيرانية خصوصاً ما يتعلق بحلفائها العرب؟ الأشهر الستّة بعد التوقيع تاريخية بكل معنى الكلمة، إذ خلالها سيتم اختيار إيران وصلابة الاتفاق ويتم بناء عوامل الثقة مقدّمة للانطلاق في بناء علاقات شاملة قائمة على أسس جديدة. توجد نقاط مشتعلة في المنطقة أبرزها العراق وسوريا واليمن ولبنان.لا شك أنّ لبنان هو الحلقة الأسهل لحل مشاكله. لكنه قد لا يكون الحلقة الأولى للاختبار. اليمن تتقدم على الجميع لأنّها الاختبار البارز لواشنطن لنوايا إيران تجاه السعودية ودول الخليج العربية، في الإسراع في إطفاء النار اليمنية وصياغة حل يحفظ للجميع وجودهم وحقوقهم وواجباتهم. الحل في اليمن يبلور طبيعة العلاقة المقبلة بين واشنطن وطهران. كيفية تصرف الدول العربية وحركتها أساسية في عملية إعادة تنظيم المنطقة وموقعها فيها. لا شيء يضمن النجاح مئة في المئة، لكن من المهم بالنسبة لإيران الاستمرار في واقعيتها السياسية، لأنّ أحوال الدول تتغير خصوصاً في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية حيث لا يبقى الرئيس في البيت الأبيض أكثر من ثماني سنوات وليس أكثر من ربع قرن بلا حساب ولا محاسبة!
الاتفاق الآن أو انتظار ربيع 2016
أسعد حيدر
السبت 11 تموز 2015 – /المستقبل،العدد 5433 – صفحة 2
عندما تصل المفاوضات على اتفاق بوزن الاتفاق النووي، في الدقائق الخمس الأخيرة، على النقطة والفاصلة، تقف عقارب الساعة، وخصوصاً أنّ ما بعد النجاح أو الفشل غير ما قبلهما. أغرب ما في مفاوضات فيينا أنّه في الدقائق الأخيرة، لم يعد أحد مستعجلاً، ولا يبدو أحد الطرفين خائفاً من سقوط حبّات الرمل الأخيرة. الأرجح انّهم يلعبون على أعصاب بعضهما البعض كما في الأفلام الأميركية الطويلة التي تنهمر كل المفاجآت دفعة واحدة، لتبدو العقدة الكبيرة جزءاً من الحبكة التي تجعل «القبلة« بين البطلين «القبلة» التي تعيد الحياة إليهما وتعدهما بمستقبل مزهر بالأولاد والسعادة!.. صعوبة الاتفاق في هذه المفاوضات النووية، ليست فقط في بنودها، وإنّما لأنّ المفاوضين من الوفدين يعملون تحت أنظار معارضة شرسة في العاصمتين طهران وواشنطن. هذه المعارضة لا تريد أساساً الاتفاق. معارضة الجمهوريين في واشنطن من المعدن ذاته للمتشددين في طهران. المعارضتان تعتقدان أنّ الاتفاق يصفي نفوذهما وآمالهما بقوة وبسرعة، ولكن لأن رفض المفاوضات ممنوع، فإنّه جرى زيادة وتكثيف الخطوط الحمراء. وبدت الأربعة في المئة المتبقية من الاتفاق كما حدّدها عباس عراقجي المفاوض الإيراني البارز هي الأصعب والأدق. لذلك يقول الإيرانيون «يجب احترام خطوطنا الحمراء»، في حين يرفع جون كيري وزير الخارجية الأميركي «سيف» الوقت في وجه الإيراني ويقول «لن نقفز للحصول على اتفاق ولن ننتظر إلى الأبد».
إنهاء العقوبات جزء أساسي من الاربعة في المئة المتبقية. لكن يبدو ان مسألة رفع الحظر على الاسلحة التقليدية إضافة إلى تقييد السلاح الصاروخي، قد رفع منسوب المخاوف الإيرانية من ان الهدف الفعلي للمفاوضات هو تقييد إيران وطموحاتها. ربما أيضاً وهو احتمال قائم وتزداد أهميته ان إيران ترى في هذا الشرط، الخطوة الأولى الضرورية من مسار تقديم الضمانات السياسية والعسكرية لإسرائيل، والدخول لاحقاً في مباحثات دولية واقليمية للعثور على حل للقضية الفلسطينية. لا يفسّر هذا الرفض الإيراني ولكن لا يمكن لإيران وهي التي أثبتت أنّها مفاوض نفَسُه طويل ودقيق لا يترك كلمة دون دراسة كل حرف منها، ان تسلم بتقزيم قوّتها العسكرية التقليدية وهي في قلب أربع حروب مفتوحة وقبل التوصل إلى صيغة للتفاوض مهما طال الزمن. علي ولايتي المستشار الأول للمرشد في الشؤون الخارجية أكد ضرورة ألاّ يمسّ الاتفاق «استقلالنا وأمننا ودفاعنا».يبدو أنّ المتفاوضين استعاروا يومَي العطلة لوضع نقطة الختام. لا شيء مستحيل أمام الفشل والنجاح. كل السيناريوات ممكنة. النجاح وإرسال الاتفاق إلى الكونغرس، ترجمته استكمال المفاوضات السياسية حول المنطقة. مهما بالغت واشنطن في تنازلاتها، فإنّ إيران لا يمكنها الهيمنة على المنطقة. العامل المذهبي الذي تحوّل إلى حزام من النار سيحول دون ذلك. مهما سلمت واشنطن واستقوت طهران فإنّ «داعش» لا تهدّد فقط المجتمعات العربية، وإنّما لاحقاً أوروبا وأميركا وأخطار أكبر بكثير من «القاعدة». لذلك لا يمكن لواشنطن إلاّ أن تعمل لخلق توازن عماده وضع سقف ثابت للطموحات الإيرانية، بانتظار الولادة الجديدة للطرف العربي. أمّا إذا فشل الاتفاق وتمّ تمديد مهلة التفاوض إلى الخريف، فإنّ هذا الصيف سيكون مشتعلاً. إيران ستعمل على إبراز قوّتها وانتشارها، وواشنطن ستتابع لعبة الحرب من الخارج لإضعاف الجميع بما فيهم طهران. وهذا كله يفتح أمام «كرة النار« كل الطرق بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وتشكّل إدارة جديدة وسياسة جديدة أي حتى نهاية ربيع العام 2016. فهل إيران قادرة على خوض كل هذه الحروب مع استمرار المقاطعة؟ وماذا عن الداخل الإيراني والصراع الذي بدأ يصبح مكشوفاً على كل شيء بما فيه جدوى الإنفاق على سوريا المنهارة؟
المرشد: كاسترو إيران!
أسعد حيدر
الثلاثاء 7 تموز 2015 – المستقبل/العدد 5429 – صفحة
لم يحصل أن استغرق اتفاق دولي الوقت الذي استغرقه الاتفاق النووي. في قلب هذه المفاوضات عدم الثقة والشك العميق المستند إلى وقائع بين الطرفَين الإيراني والأميركي. من الصعب جداً محو 35 سنة من العداء المباشِر الذي كاد يتحوّل إلى حرب مباشرة إلى جانب الحروب بالوكالة، في فترة قصيرة، ما رفع منسوب التعقيدات، أنّ الإيرانيين مفاوضون صعبون ودقيقون ويخافون من «سيف« المحاسبة في طهران، بعكس بعض المفاوضين العرب وأبرزهم أنور السادات الذي لم يكن يراجع أي فقرة بدقة رغم «الألغام» التي تضمنتها كل كلمة، إلى درجة أنّ وزير خارجيته لم يتحمّل فقدم استقالته وغادر كامب ديفيد. يكفي لتقدير صعوبة المفاوضات، أنّ الاتفاق يقع في عشرين صفحة زائد ملاحق من 80 صفحة، أي حوالى أقل من عشرين ألف كلمة وتطلّبت جلسات مكوكية طوال عشرة أشهر على مستوى وزراء الخارجية ومساعديهم إلى جانب مفاوضات على مستويات مختلفة طوال 12 سنة. الاتفاق النووي يوقّع فجر الأربعاء أو يصبح معلقاً. الإدارة الأميركية يجب أن تقدم الاتفاق إلى الكونغرس صباح 9 تموز لتجري مناقشته طوال شهر. إذا لم يحصل ذلك لا يعود من الممكن تقديمه للكونغرس قبل أيلول. لذلك هذه الفترة هي حكماً خط أحمر سواء شاءت الإدارة الأميركية أو القيادة الإيرانية أم مانعتا ورفضتا. دقّة المواعيد، كشفت بعض أسرار المفاوضات. يُقال إنّه جرى التوصل إلى تسوية حول فترة رفع العقوبات الحسّاسة جداً لإيران وللرئيس حسن روحاني. بدايات الحل تبلورت في تسلم طهران لـ14 طن ذهب كانت مجمّدة في جنوب افريقيا منذ عامين. من أسرار المفاوضات أنّها تناولت مسألة تسلّح إيران وفي مقدّمها السلاح الصاروخي، واستيراد الأسلحة. الغرب يريد استمرار فرض الحظر على السلاح وأنّه «أمر غير مطروح للنقاش». يجري الربط بين التسلّح المفتوح والاستقرار في المنطقة. بهذا فإنّ المفاوضات الأميركية الإيرانية تناولت القضايا الاقليمية، بعكس كل ما يُقال من أنّها محصورة بالملف النووي. هذا الجانب من المفاوضات يهم المنطقة كلها التي تعيش حروباً ونزاعات، إيران طرف مباشِر فيها، وهي: سوريا والعراق واليمن ولبنان.
لا شك أنّ إيران ستبقى دولة قوية مهما «أعطت» مقابل ما «تُعطى». لكن لا يمكن أن تستمر إيران في التسلّح حتى «أسنانها»، وتوزيع السلاح والمال على القوى الملتزمة بها بدون حساب. توقيع الاتفاق ومناقشته في الكونغرس وموافقة الكونغرس عليه قبل 9 آب، تفتح الباب أمام عمليات بناء الثقة واختبار النوايا بين مطلع أيلول ومطلع شباط عام 2016. في هذه الفترة الحسّاسة سيعمل الطرفان الإيراني والأميركي على السواء على إنتاج اتفاقهما في المنطقة، عبر العمل لحلول للنزاعات المشتعلة. من الطبيعي جداً عندما تجري عملية اختبار للنوايا وتنفيذها ميدانياً أن «تتواضع» مطالب إيران، ولا يعود بناء «الهلال الشيعي» من حلب إلى عدن بالنار والحديد مستمراً بلا خطوط حمر. مهما قدّمت واشنطن من تنازلات لطهران، فإنّ أمن الخليج ودولها جزء من الأمن الأميركي، لذلك توجد خطوط حمر لا يمكن التنازل عنها أميركياً ولا خرقها إيرانياً. يبقى، إذا فشل الاتفاق لأي سبب من الأسباب، فإنّ «أحزمة النار»، ستتمدّد وستضطرم أكثر فأكثر، خصوصاً أنّ المتشدّدين الإيرانيين في الإدارة وفي «الحرس الثوري»، سيمسكون السلطة والقرار ويدفعون لوأد المعتدلين في انتخابات مجلس الشورى ومجلس الخبراء قبل 20 آذار من العام المقبل. كذلك «الجمهوريون» في واشنطن سيجدون في الفشل فرصة لوضع نقطة نهاية للتمديد للديموقراطيين. بعد توقيع الاتفاق غير ما قبله إيرانياً. تماماً مثل هافانا. فيديل كاسترو وافق ويشهد التغيير، في طهران المرشد آية الله علي خامنئي سيعيش هذا التغيير ويواكبه في ضبط المتشدّدين وفتح أبواب إيران أمام التغيير وعودة أميركا!