الـيـاس الزغـبـي: بين التفاهم والنيّات//ربيع حداد: حلف ثلاثي يجهض أحلام عون

237

بين “التفاهم” و”النيّات”
الـيـاس الزغـبـي/لبنان الآن/06 حزيران/15

في أقلّ من عشر سنوات، وقّع ميشال عون ورقتين متناقضتين: “التفاهم” مع “حزب الله”، و”إعلان النيّات” مع “القوّات اللبنانيّة”.

وإذا كان ارتباطه بالأُولى مُحكَماً والتحاقيّاً خضع لامتحانات قاسية لم تؤثّر أو تبدّل فيه شيئاً، بل زادته تبعيّة والتصاقاً، فإنّ ارتباطه بالثانية خاضعٌ للتجربة والاختبار لتظهير كيف يمكن له أن يوفّق بين التناقضين، وأيّ الورقتين تتقدّم على الأُخرى، أو تُلغيها. لأنّ ازدواجهيتهما لا يمكن أن تستمر.

ليس خافياً أنّ التناقض العميق يكمن في المقارنة بين البند العاشر من “التفاهم” بما فيه من تسليم كامل لسلاح “حزب الله” في حروبه ومشاريعه الفوق لبنانيّة، وبين معظم بنود ورقة “النيّات” التي تتحدّث عن حصريّة سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنيّة الشرعيّة في حماية لبنان على كلّ أراضيه، وعن الانتساب إلى الشرعيّة العربيّة والدوليّة واحترام كلّ قرارات الأمم المتحدة ( لم نلاحظ مثلا استثناء القرارات 1559 و1680، و1757 الناظم للمحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان).

وليس خافياً أيضاً في “الاعلان” اعتماد “اتفاق الطائف”، كمرجعيّة ميثاقيّة دستوريّة والتزام تطبيق كل بنوده من المناصفة إلى اللامركزيّة الإدارية.

بينما تعمّد “التفاهم” إغفال أيّ ذكر أو إشارة إلى “الطائف” والقرارات الدوليّة، وحرص على وصف مرحلة الاحتلال السوري بأنّها كانت مجرّد “تجربة شابتها ثغرات”، وأطلق الحريّة لسلاح “حزب الله” (سمّاه هكذا بالإسم) بحجّة الدفاع عن لبنان إلى أن “تتوافر الظروف الموضوعيّة”!

ومنذ عشر سنوات حتّى الآن، تعقّدت هذه “الظروف الموضوعيّة” كثيراً، وباتت “ورقة التفاهم” غطاء لدفاع “حزب الله” عن لبنان ليس فقط من الجنوب، بل من العمق السوري وأعماق العراق واليمن، وما بعد بعد.

لا شكّ أنّ ميشال عون قبض ثمناً متعدّداً لقاء هذا الغطاء، وهو ثمن شخصي تحت شعار مسيحي، بدءاً بعدد نوّاب تكتّله، وصولاً إلى تأخير تشكيل الحكومات بهدف توزير البطانة العائليّة، وشلّ الحكومة الراهنة على خلفيّة المصلحة الذاتيّة نفسها. ولم يتردّد عون في تغطية خروج السلاح على الشرعيّة، سواء في حرق الدواليب وإقفال قلب بيروت وتطويق السراي، أو 7 أيّار، أو الانقلاب على حكومة سعد الحريري.

لقد سلّم عون بالقرار الاستراتيجي لـ”حزب الله”، وبالطبع للمحور الإيراني، بحجّة التحالف عبر “ورقة التفاهم”، لقاء مكاسب مصلحيّة في السياسة والسلطة والمال.

والآن، يحاول تحقيق المكاسب نفسها تحت غطاء “إعلان النيّات”، من أجل بلوغ الموقعين الأساسيّين، رئاسة الجمهوريّة وقيادة الجيش.

والواضح أنّه بدأ المزايدة على “حزب الله” وقيادة الجيش في مسألة عرسال وجرودها، من جهة، وعلى سمير جعجع وبكركي والقوى المسيحيّة الأُخرى في مسألة “حقوق المسيحيّين”، من جهة ثانية.

وكما كانت “ورقة التفاهم” سترة نجاة لمصالحه، هكذا يريد اليوم “ورقة النيّات”.

لقد سلّم للقوّات اللبنانيّة بورقة ممهورة بطابع أدبيّاتها وأهدافها السياسيّة والوطنيّة المعلنة، ومن ورائها 14 آذار، بما يشبه ذاك اليوم المشهود في قصر بعبدا سنة 1990، حين رفع بيده كتيّب مبادىء “القوات” وأعلن التزامه بها.

.. وبعد ذاك الإعلان، يعرف الجميع كلّ ما جرى تحت اسم ” حرب الإلغاء”.

بالتأكيد، لا يغيب عن وعي “القوّات” ولا 14 آذار، ما حقّقه “إعلان النيّات” من كسب معنوي وسياسي وإعلامي لهما، عبر استدراج عون إلى ملعبهما. ولو كان التزامه ما وقّع عليه محفوفاً بالشكوك.

ويجب ألاّ يغيب عن ذهنهما أيضاً، ما يقوم به عون راهناً، في محاولته التدرّؤ بغطاء “النيّات” لشلّ الحكومة، وتفريغ الدولة بدءاً برأسها، وتوريط الجيش لئلاّ “يصدأ كسكّين المطبخ”، ودائماً تحت عقيرة “الحقوق المسيحيّة”.

لم يكن “حزب الله” منزعجاً من احتماء ميشال عون بـ”التفاهم” لتحقيق مكاسبه السياسيّة، طالما أنّ المفتاح الاستراتيجي في جيبه. لكنّ على 14 آذار مجتمعة أن تحاذر استغلاله ورقة “النيّات” لبلوغ غاياته الشخصيّة مع إبقائه قراره الاستراتيجي في يد “حزب الله”.

المعادلة بسيطة: ما أعطاه عون في ورقة “النيّات” وقبلها ورقة “التفاهم” كان من أجل طموح ذاتي.

والفارق هو أنّه مكبّل اليدين مع “حزب الله”، بينما يريد أن يكون طليقهما مع “القوّات” و14 آذار.

وفي النهاية، لا يكون حرّاً إلاّ من يعشق الحريّة، في كلّ آنٍ ومكان، وليس بشكل انتقائي.

 

 

ولا أفق أمام من يشتري هنا، ويبيع هناك!             
ملف التعيينات .. حلف ثلاثي يجهض أحلام عون

ربيع حداد/المدن/الجمعة 05/06/2015

 وضع النائب ميشال عون في الزاوية. ما كان يخشاه حصل، وما شحذ همم مناصريه لمواجهته، ومحاولة تفاديه تم، فيما هو يقف عاجزاً عن القيام بأي خطوة كردة فعل أو تعيد اليه تحسين شروطه، وتحقق له ما يتمناه.

أصيب عون بخسارة كبرى في السياسة. كل التصعيد السابق والحالي لم ينفع. وإصراره على تعيين قادة أمنيين وعسكريين جوبه بحلف ثلاثي أفقده أي قدرة على التعطيل وإن كان مدعوماً بحلفائه.

بسلاسة، ومن دون فتح اشتباك مباشر، كان الثلاثي الرئيس سعد الحريري، والنائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري يهندسون كيفية اخراج التمديد من دون استدراج مشكلة مع عون.

لم يتلق عون الصفعة بصمت، جميع نوابه ووزرائه والمحيطين به أطلقوا سهامهم على الحكومة والأفرقاء، وعلى الأرجح فإن خياره اللجوء الى الجمهور قائم ويكاد يكون الوحيد من أجل التعبير عن رفض ما جرى، ويكون بمثابة محاولة لتجنّب الأسوأ عند استحقاق انتهاء ولاية قائد الجيش، لكن التمديد لمدير عام قوى الأمن الداخلي يعني تلقائياً التمديد لقائد الجيش وهنا مربط الفرس بالنسبة لرئيس “التيار الوطني الحر”.

سهام العونيين لم تصب الحكومة سوى في الإطار الكلامي، ذلك ان مفاعيل تفجير الوضع الحكومي سحبت من يدي عون سياسياً، فلم يعد قادراً على الإستقالة ولا على الاعتكاف، وبالتالي فإن الجلسات ستبقى قائمة، بفعل تشكل هذا الحلف الثلاثي الذي بدأ بتنسيق خطواته باكراً وفق ما تشير مصادر “المدن”، والأفرقاء الثلاثة أي تيار “المستقبل” وحركة “أمل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” بالتعاون والتنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام كان همهم الأساس حماية الحكومة من أي خطوات أو تداعيات قد تؤدي الى الاطاحة بها أو تعطيلها.

وتشير مصادر “المدن” إلى بداية الاتصالات التي افتتحها عون بجولة على مختلف القيادات قبل حوالى الشهرين للمطالبة بتعيين قائد جيش جديد عند انتهاء ولاية القائد الحالي وضرورة تفادي التمديد، في حينها طرح عون فكرته، فلم يعارضه أحد عليها، لأنها سليمة ومنطقية، في مرحلة ثانية حاول عون طرح اسم قائد فوج المغاوير شامل روكز لتولي القيادة فكان جواب الحريري أولاً أنه لا مانع من ذلك، لكن على عون استمزاج رأي جنبلاط الذي أيضاً لم يعارض وأبدى موافقته مع النصيحة بالوقوف عند رأي الرئيس برّي وهو بدوره أبدى ترحيباً مرفقاً بضرورة حصول الإجماع على ذلك.

تغيّر مسار الأحداث في ما بعد، أصبح الوقت داهماً، ولم يوقف عون اتصالاته التي أرفقت بتهديدات عديدة حول الحكومة واستمراريتها، فكانت تصله الردود بأن التعيين أساس أما في حال عدم القدرة على إنجازه فلا بد من التمديد لتجنب الفراغ. هنا بدأ عون استشراف المكيدة، فرفع سقفه التصعيدي. لم تتوقف محاولات احتواء عون ، بل زاره وزير الداخلية نهاد المشنوق في الرابية حاملاً معه سلة حلّ لمسألة التعيينات، وهذا ما تعتبره المصادر الفخ الأكبر، اذ اقترح المشنوق بعد اشادته بمواقف عون الوطنية وحرصه على البلاد، مبدأ التجزئة، اي التعيين في كل موقع في موعده المحدد ما رفضه عون من دون فقدان الأمل. أكثر من ذلك طرح جنبلاط مبادرة شاملة للخروج من الأزمة على رأسها تعيين روكز قائد للجيش وتسهيل انتخاب رئيس توافقي لكنها رفضت.

وبالقرار الذي اتخذه المشنوق بالتمديد سنتين للواء إبراهيم بصبوص وتعيين قادة وحدات، يكون بذلك قد أجهض حلم عون كلياً بتعيين روكز قائداً للجيش، اذ تشير المصادر أن التمديد يحصل فقط لرأس هرم المؤسسة أو المسؤولين بالمراكز الحساسة، كمدير المخابرات ورئيس الأركان، وهذه الاستثناءات لا يخضع لها وضع روكز، اذ أنه بانتهاء ولايته من المفترض أن يعين قائد الجيش مكانه كقائد لفوج المغاوير وهذا لا يحتاج لا لرئيس ولا لمجلس وزراء ولا حتى لقرار وزير لأنه قرار اداري عادي. وتقول المصادر إنه طالما عين وزير الداخلية قادة وحدات فهذا يقطع الطريق أمام محاولة التمديد لروكز في موقعه. هكذا يكون الحلف الثلاثي أجهض حلم عون، بسلاسة وسحب من يده شلّ الحكومة، إذ أنه في حال استقال وزراؤه، ووزراء “حزب الله” و”الطاشناق” فإن الحكومة لا تفقد الثلثين ولا تفقد الميثاقية وبالتالي تبقى قائمة، وكذلك فإنه لن يستطيع الاعتكاف لأن الحكومة تبقى متمتعة بكامل صلاحياتها لاتخاذ القرارات، ما يستطيع فعله فقط وفق ما تشير مصادر “المدن” هو عرقلة لبعض الوقت بسبب طرح موضوع التعيينات، أما في النهاية فلن يستطيع التعطيل أبداً لأن هناك قرارات ومراسيم سيكون وزراؤه أول من هم في حاجة الى إقرارها.

 القوات سلمت الجميل نسخة عن اعلان النوايا وزهرا يؤكد ان منصب رئاسة الجمهورية يخص جميع اللبنانيين وليس فقط الحزبين
الجمعة 05 حزيران 2015 /وطنية – زار وفد من قيادة القوات اللبنانية برئاسة النائب انطوان زهرا، الرئيس أمين الجميل في دارته في بكفيا وسلمه نسخة عن “اعلان النوايا” الذي جرى التفاهم عليه بين العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات سمير جعجع . وضم الوفد الوزيرين السابقين جو سركيس وطوني كرم ، والسادة : ادي ابي اللمع وملحم رياشي ووهبه قاطيشا، كما حضر اللقاء رئيس مجلس الاعلام في حزب الكتائب جورج يزبك . زهرا/وقال زهرا:”تشرفنا بزيارة الرئيس الجميل بتكليف من رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع وقدمنا له نسخة عن اعلان النوايا بين القوات اللبنانية و التيار الوطني الحرّ . كما ناقشنا الهواجس المشتركة ونحن على تواصل دائم مع حزب الكتائب ونضالنا مشترك في القضايا الوطنية وفي مشروع إعادة تكوين السلطة بدءا بإنتخاب رئيس الجمهورية”. اضاف: “ان الرئيس الجميل يشجع ويحس على كل خطوة تصالحية وتفاهمية بين المسيحيين واللبنانيين ، ولاحظنا معا ان ما ينقصنا هو إنتاج رئيس للجمهورية يكون ناظما للمؤسسات الدستورية خاصة في ضوء المخاطر الكبرى التي تحيط بلبنان”. وردا على سؤال حول عدم تفاهم الفريقين على رئاسة الجمهورية قال زهرا: “ان الورقة قاربت مواصفات رئيس الجمهورية المقبل ، لكن منصب رئاسة الجمهورية يخص جميع اللبنانيين وليس فقط الحزبين”، موضحا ان “القوات اللبنانية لم تقصر في حضور جلسات الانتخاب والتقدم بالمبادرات التي من شأنها تسهيل إنتخاب رئيس للجمهورية” . وختم: “ان اعلان النوايا طرح المسائل السيادية ومرجعية الدولة ومسألة التمثيل الصحيح في قانون الانتخاب”.