عندما يتحدّث حسن نصرالله عن «التكفيريين»!
ميرفت سيوفي/جريدة الشرق/22 نيسان/15
خاطب حسن نصرالله أمين عام حزب الله عموم المسلمين في العالم العربي يوم الجمعة الماضي محرّضاً على المملكة العربية السعودية قائلاً: «الحرم النبوي الشريف في خطر(…) من داخل الفكر الوهابي» طبعاً باعتبار «الفكر الوهابي تكفيري»، ونَسْبِه «داعش» وأخواتها إلى المملكة نشأة وتمويلاً، لذا لا بُدّ لنا من القول له مجدداً؛ «بدّك ما تواخذنا يا سيّد حسن»، فأنت تعرف أنّ نشأة الفكر التكفيري يعود الفضل فيها «للخوارج» منكم في معركة صفّين، وهؤلاء كانوا في جند جيش الإمام عليّ ـ كرّم الله وجهه ـ وغُلاةِ شيعته الذين ما لبثوا أن انقلبوا عليه ورمَوْه بـ»الكفر» وهو من هو في الإسلام، وهؤلاء هم أصل كلّ الخوارج الذين ابتلينا بهم ليس لتكفيرهم من سواهم من المسلمين بل ل «الإجرام» وإطلاق اليد للقتل فكان أوّل من سعوْا لقتله هو الإمام عليّ، مع أنه عندما خرجوا عليه وضع فيهم حكماً يلزمه المسلمون ويجنبّهم إراقة الدماء وهي من أكبر الكبائر عند الله، وقضاء الإمام عليّ فيهم هو: «ألا إن لكم عندي ثلاث خِلال ما كنتم معنا: لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا»…
و»بدّك ما تواخذنا يا سيّد حسن»؛ فعندما تتحدّث عن التكفيريّين تتجاهل «الحقيقة المرّة» ولا تَصدقنا القول، فماذا عن أصل العقيدة عند «الإثنيْ عشريّة» وتكفيرهم لكلّ ملّة المسلمين، حتى الشيعة من الفرق المتفرقة منهم، فماذا تقول يا سيّد حسن في ما اختزنته كتبكم التي تعتبرونها أمهات الكتب هذا عدا ما فيها من تكفير وشتم وسبّ لأصحاب النبيّ صلوات الله عليه وزوجاته أمهات المؤمنين؛ هل رأيت يوماً يا سيّد حسن «مسلماً يلعن ويشتم أمّه الدنيويّة، فكيف بأمّه في الإسلام انتساباً لنبيّ الإسلام»؟!
قل لنا يا سيّد حسن، ما الفرق بين «التكفير الوهابي» و»التكفير الشيعي الإثنيْ عشري»، أليس كلاهما «تكفيران»، بل ربما يكمن الفرق في أن «التكفير الوهابي» هو تكفير لظاهر أعمال المسلمين واعتبار فساد في العقيدة، وأنت تعرف أن في هذا فقهٌ مختلف فيه، إلا أن «التكفير الشيعيّ» أدهى وأمرّ وأخطر بكثير لأنّه قضى بإعمال القتل في كلّ من لا يعتقد معتقده، فما تقول يا سيّد حسن في طائفة من «التكفيرات الشيعية» متى جعلناها بينك وبين القارئ، ما تقول في مقولة شيخكم أقا حسين الطباطبائي البروجردي في موسوعته (جامع أحاديث الشيعة) باب: اشتراط قبول الأعمال بولاية الأئمة ?عليهم السلام- واعتقاد إمامتهم، ثم ذكر في المصدر نفسه (جامع أحاديث الشيعة) (1/429) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي بعثني بالحق لو تعبّد أحدهم ألف عام بين الركن والمقام ثم لم يأتِ بولاية علي والأئمة من ولدِه عليهم السلام أكبّه الله على منخريْه في النار»!!! أليْس هذا «عقل وفكر تكفيري»؟! وما تقول يا سيّد حسن في مقولة شيخكم عبدالله المامقاني الحكم بالكفر والشرك في الآخرة على كل من لم يكن شيعياً اثني عشرياً فقد قال: «وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثني عشرياً» (تنقيح المقال) (1/208)، أم ماذا تقول في مقولة نقلها عن المجلسي في «تنقيح المقال» (1/208): «إعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده عليهم السلام وفضل عليهم غيرهم يدل على أنهم مخلدون في النار»، ونسألك يا سيّد حسن: هل نحن كفّارٌ مخلّدون في النار لأننا لا نعتقد اعتقادكم، مع إيماننا بأركان الإسلام والإيمان والإحسان، فهلا أجبتنا يرحمك الله؟؟
وما تقول يا سيّد حسن في مقولة «نعمة الله الجزائري» في (الأنوار النعمانية): «لم نجتمع معهم على إله، ولا نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولون: إن ربّهم هو الذي كان محمداً صلى الله عليه وسلم نبيه، وخليفته أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الربّ ولا بذلك النبي!! بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا (2/279)!! أليس هذا «تكفير» صريحٌ وشنيعٌ للمسلمين لم تأتِ به حتى «الوهابيّة» التي تتهمها بـ»التكفيريّة»؟ وإذا كان كلّ هذا لا يكفي، فما تقول لنا في أفعال مهديّ إيران: «اذا قام المهدي هدم المسجد الحرام، وقطع أيدي بني شيبة وعلّقها بالكعبة وكتب عليها هؤلاء سرقة الكعبة» [الإرشاد للمفيد ص411، والغيبة للطوسي ص282]، فهل نوغلُ بعد يا سيّد في تكفير التكفيريين، بل قل لنا ألم يُكفّر معظم هذه الأمة بعضهم بعضاً؟!!
وقل لنا يا سيّد حسن، لماذا لم تقلها واضحة ناصعة أنّك تحرّض اليوم على آل سعود بعد أكثر من قرنيْن من الزمن بسبب هجوم شنّوه على كربلاء، وأنّك تخشى من أن يُقال ها قد جاء يُحرّك المذهبيّة والفتنة السُنيّة الشيعيّة، وقل لنا يا سيّد حسن عبر هذا التاريخ الطويل كم مرّة هدمت الأضرحة في كربلاء وكم مرّة عُمرت، وعندما تُحرّض جمهورك على المملكة العربيّة السعوديّة، أليْس من الأجدر أن توضح لهم أن ضريح الإمام الحسين بُني عام 63 للهجرة في زمن حكم بني أميّة، وأن تقول لهم أن أكثر من خليفة من أبناء عمومة الطالبيين من العباسيين سبق وهدم هذه الأضرحة، ألم تُكرب الأرض على ضريح الحسين عبر هذا التاريخ، فلماذا استفاق هذا التاريخ عندما اقتضت المصلحة الإيرانيّة ذلك؟!
وقل لنا «يا سيد حسن»، عبر هذا التاريخ الطويل ألم ينبش العباسيّون قبور الأمويين، ولاحقاً تبادل الصفويون والعثمانيون هدم الأضرحة، ألم ينبش إسماعيل الصفوي قبر الإمام أبي حنيفة النّعمان، ثمّ، و»بدّك ما تواخذنا يا سيّد حسن» أليْس في اعتقاد شيعتكم نبش القبور وأن مهديّكم سيأتي وينبش قبر صاحبيْ رسول الله الصدّيق أبو بكر والفاروق عمر، وقبر السيّدة عائشة أمّنا، أمّ المؤمنين، ليقيم عليها الحدّ، ويا لهوْل ما تعتقدون في حقّهم وما تظنّون أنّ مهديّكم سيفعله بهم، فما تقول يا سيّد حسن في رواية المفضل عن جعفر الصادق وفيها: قال المفضل: «يا سيدي! ثم يسير المهدي إلى أين؟ قال: إلى مدينة جدي رسول الله، فيقول: يا معشر الخلائق! هذا قبر جدي رسول الله، فيقولون: نعم يا مهدي آل محمد، فيقول: ومن معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر، فيقول: أخرجوهما من قبريهما، فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما، فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها!!
»يا سيّد حسن»، حسبنا الله ونعم الوكيل في خطابات الفتنة من أجل الأجندة الإيرانيّة، واعلم أنّ الصادق الأمين الذي لم يدعُ على أحد دعا على كسرى وملكه وإمبراطوريته بأن يمزّقها الله، ولن تقوم لهذا الملك قائمة ومشروعه سيمزّق شرّ ممزق سواء لبس قناع «كسرى الإمبراطورية» أو «مرشد الجمهورية».