تصعيد في لبنان “يوازن” التراجع في اليمن إيران تخوض معركة المساومات على نفوذها روزانا بومنصف/النهار/21 نيسان 2015
على رغم هدوء عاصفة المواقف التي اثارتها مواقف الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الاخيرة في شأن المملكة العربية السعودية، يستمر تفاعل هذا الموضوع في ظل توقعات بان المعركة التي فتحها الحزب تحت عنوان الدفاع عن اليمن لن تنتهي في المدى المنظور. ويتفق سياسيون واقتصاديون على ان الردود التي قوبل بها الخطاب الذي تضمن كلاما غير مسبوق من حيث الموقف والنبرة والمضمون ضد المملكة العربية السعودية والذي من المحتم ان يترك آثارا سلبية كبيرة على لبنان، هدفت في الدرجة الاولى الى محاولة وقف مفاعيل هذا الكلام وضرره اقتصاديا وسياسيا ومن اجل التأكيد ان لبنان طريقه هي عبر الدول العربية وليس عبر محور آخر. اذ اشار البعض من هذه الردود الى جزء من الاضرار المحتملة والمتمثلة في وجود ما يقارب نصف مليون لبناني في دول الخليج يعودون بعائدات مهمة على لبنان فضلا عن تضرر الاستثمارات الخليجية في لبنان بدءا من موسم السياحة المقبل على رغم تراجع السياحة الخليجية في اتجاه لبنان في الاعوام الاخيرة . وهذه الاضرار ليست الوحيدة المحتملة بل الاقتصاد اللبناني برمته خصوصا مع استمرار التصعيد الذي يجعل من لبنان ساحة صراع اضافية وان لم تصل الى حدود استخدام السلاح. ولكن مع ادراك الامين العام للحزب ابعاد هذه الحملة على الارجح وادراكه خطورة مواقفه على لبنان نتيجة الانعكاسات الخليجية التي قد تستفزها، فان اسبابها تثير اعتقادا بوجود جملة اعتبارات قد يكون ابرزها:
انه تبين وفق المواقف الاميركية ان الولايات المتحدة كانت جدية في ما وعدت به الدول العربية ابان مراحل التفاوض حول ملفها النووي من ان الوصول الى الاتفاق المرتقب لا يعني ان ايران يمكن ان تحصل او ستحصل على موافقة او على جواز عبور الى نشاطاتها في المنطقة. فهذه التأكيدات الاميركية كانت تقابل خلال ما يزيد على سنة من المفاوضات بشكوك كبيرة في ضوء الاستناد اقله من جانب العرب الى غض نظر اميركي عن كل ما قامت به ايران ما دفع مسؤوليها الى تكرار معزوفة السيطرة على اربع عواصم عربية مرارا وتكرارا من دون اي رد فعل اميركي. لا بل ان الاتهامات الخليجية لايران بالتدخل في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء كانت تقابل ايضا من الاميركيين بالتخفيف من الانخراط الايراني المباشر والاكتفاء بان ايران تستغل الوضع وتدعم الحوثيين بالسلاح والمال ولا تقودهم ميدانيا . كما ان الادارة الاميركية خلفت انطباعات قوية عن طموحها الى انجاز الاتفاق النووي مع ايران على ان يكون الانجاز الاخير للرئيس باراك اوباما في ولايته الثانية ما يترك مجالا لتثبيت الواقع الميداني قبل وصول رئيس اميركي جديد. وهو ما ادى الى التعاون بينهما في العراق واهمال الموضوع السوري لجهة دعم المعارضة او توجيه ضربات للنظام. الا انه قبيل وضع اتفاق الاطار مع ايران في ملفها النووي وفي المدة الفاصلة عن انجاز الاتفاق النهائي في نهاية حزيران المقبل فتح ملف المنطقة على مصراعيه من باب اليمن على قاعدة التصدي للنفوذ الايراني واعادة ايران في هذا الموضوع بالذات الى داخل حدودها. وهو ما يعني تاليا ان ما جهدت ايران والولايات المتحدة لوضعه جانبا من اجل عدم التأثير على المفاوضات بات جزءا منها وبات يستخدم من اجل التشديد عليها باعتبار ان المسارين باتا يتوازيان، اي المفاوضات في مراحلها النهائية والمساومات على مدى نفوذها في المنطقة، فيما تعمد الولايات المتحدة الى تثبيت وعودها الى دول الخليج لجهة عدم اقرارها لإيران بأي مقابل لقاء ملفها النووي يتعدى ما يتصل به مباشرة.
كذلك لا يهمل مراقبون سياسيون وجود تساؤلات تتصل بخلفيات سعي ايران في التصعيد عبر لبنان واستفزاز السعودية الى درجة تظهير صراع سني – شيعي واضح له مخاطره الكبيرة. البعض يعتقد ان ايران تسعى الى ان تقايض تراجعها في اليمن بتعزيز موقعها او تثبيته اكثر في لبنان وعدم مساومتها عليه اذ ان تحويله منبرا ضد السعودية انما يؤكد صحة هذا النفوذ او قوته وانها لا تنوي التراجع في اليمن فحسب من دون اثمان في المقابل. فيما يعتقد بعض آخر ان ايران وفي ضوء التسليم بعاصفة الحزم او بحسم الموضوع في اليمن لمصلحة دول الخليج وفق ما جاء في مضمون القرار الدولي تحت الفصل السابع والذي حمل الرقم 2116، تخشى وفي ضوء وضع تحالف هذه الدول علاقاتها في الميزان مع الولايات المتحدة ان تمتد هذه العاصفة الى سوريا. واشارة الرئيس الاميركي في حديثه الصحافي الاخير لجهة تشجيعه الدول العربية على القيام بعمل يوقف بشار الاسد عن عملياته ضد شعبه قد تكون اخافت ايران خصوصا ان معلومات صحافية اميركية عن وجود اتصالات خليجية اميركية اقليمية تدفع في هذا الاتجاه مما قد يجعل ايران تخشى على سوريا وما يمكن ان يهدد نفوذها هناك او يعرضه للخطر خصوصا ان الامين العام للحزب اورد النظام السوري في ادبيات خطابه شاكرا صموده ولو ان السياق كان عن اليمن. الامر الذي يدفع هؤلاء الى الاعتقاد بان هناك خشية فعلية من أن يقفل ملف تسوية ازمة اليمن من دون مقابل على تراجعات لا قبل لايران بتحملها أو بقبولها في سوريا وتاليا في لبنان.