أربعون عاماً على الحرب الأهلية: أين مستقبل لبنان أمام ما يجري في المنطقة؟
خالد موسى/ موقع 14 آذار
١٢ نيسان ٢٠١٥
يصادف يوم الاثنين الذكرى الـ40 الى إغتيال ربيع لبنان. ذكرى الحرب الأهلية المشؤومة التي جعلت المتاريس تقف عائقاً أمام وحدة اللبنانيين وعيشهم المشترك الواحد. أربعون عاماً وما يزال أهالي المفقودين والمخفين قسراً يطالبون بمعرفة مصير أبنائهم، ولا من مجيب.
أربعون عاماً وما زالت متاريس الحرب بين اللبنانيين حتى يومنا هذا، نتيجة الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية. أرادوا اغتيال بيروت من خلال بوسطة “عين الرمانة”، فكان مبتاغهم، وعاد الرئيس رفيق رفيق الحريري لينهض ببيروت من جديد ويعيد لها رونقها عبر إعادة إعمار ما تهدم نتيجة هذه الحرب وعبر إتفاق “طائف” بين الأقطاب اللبنانية، أعاد السلام والوئام بينهم وأنهى خمسة عشر عاماً من الدمار والخراب والإقتتال بين الأخوة. إلا أن خفافيش الظلام، لم يشبعوا من اغتيال ربيع لبنان عبر حرب طويلة في المرة الأولى، فاغتالوا ربيعها مرة جديدة عبر اغتيال الرئيس الحريري.
منذ أربعين عاماً، ذاق اللبنانيون أبشع انواع العذاب، حيث تشرذموا الى طوائف ومذاهب، واصبحت شوارعهم عواصم ومناطقهم دولاً، محكومة من فئات فرضت نفسها بالتخويف ونبذ الآخر وإقامة حكومات الأمر الواقع. فكيف هو حالهم اليوم بعد أربعين عاماً من الحرب، وهل ما زالوا قريبين منها أو أن النفوس ارتاحت وتناست، كيف سيحيي المجتمع المدني هذه الذكرى وبأي برامج، وهل بالشعارات فقط نمحي اربعين عاماً من الحرب والدمار من ذاكرة اللبنانيين؟.
محاولات جر لبنان الى حرب أهلية جديدة
وفي هذه الذكرى يستذكر اللبنانيون تلك الأيام السوداء التي مرت على تاريخ لبنان نتيجة “حروب الآخرين على أرضه”، كما عرفها “ديك النهار” الراحل الكبير غسان تويني في إحدى كتاباته. وفي هذا السياق، يعتبر عضو كتلة “المستقبل” النائب أحمد فتفت، في حديث خاص لموقع “14 آذار” أن “الوعي اللبناني كبير جداً، ورغم كل المحاولات لجر لبنان الى حرب أهلية جديدة، إلا ان هذه المحاولات فشلت نتيجة وعي اللبنانيين لعدم تكرار هذه المأساة وإعادة الخراب والدمار كما كان في السابق”، مضيفاً: “هذا ما يدفعنا الى طرح السؤال: أين مستقبل لبنان من كل ما يجري في المنطقة؟”.
إعلان بعبدا وتحييد لبنان
ويشير الى “أن إعلان بعبدا دعا الى تحييد لبنان عن الصراعات الحاصلة في المنطقة، بالرغم من اعتبار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هذا الإعلان كذبة، وهذا أمر طبيعي طالما يعتمدون هذا المنهج في حياتهم ويكذبون على الناس، ولكن هل يكفي هذا الأمر لتحييد لبنان؟ والسؤال اليوم: كيف يمكننا انقاذ لبنان من جميع الحرائق الموجودة في المنطقة، بالرغم من أن لبنان يتأثر في شكل كبير في الحرائق الموجودة في المنطقة”، مشدداً على ان “اتفاق الطائف أوقف الحرب الأهلية، وهو كان الطريقة الوحيدة لإنهائها، إلا أن هذا الإتفاق لم يطبق بحذافيره نتيجة الدور السوري السلبي وبعض العوامل الإقليمية التي حالت دون تسليم المليشيات لسلحها والإبقاء عليه”.
ويلفت الى أن “اليوم نسمع دعوات لتعديل هذا الإتفاق، وهذه لعبة خطرة، لاننا لم نطبق الإتفاق لنعرف الأخطاء ونقوم بتعديلها”، مشيراً الى أن “أي اتفاق سياسي هو تعبير عن توازنات على الأرض، فأين هي اليوم؟”.
13 نيسان جديد مليء بالفرح والألوان
من جهته، يستذكر رئيس جمعية “فرح العطاء” والناشط في المجتمع المدني ملحم خلف، في حديث خاص لموقع “14 آذار”، “الحرب المأساة التي عاشها اللبنانيون طوال خمسة عشر عاماً”، مشيراً الى أن “هذه الحرب أدت الى انقسام المناطق كما انقسمت النفوس وشردت العائلات وشرذمت المجتمع اللبناني الى فئات وطوائف، بحيث أصبحت المناطق دولاً والشوارع عواصم، محكومة كلها من فئات فرضت نفسها بالتخويف ونبذ الآخر وإقامة حكومات الأمر الواقع، وأصبح القضاء الذي يصدر الأحكام بالسجن والاعدام هو السلاح في الحي المتواجد في يد حامله”.
لملمة المجتمع وإزالة الحواجز النفسية والطائفية
ويشدد على أن “إيماناً من الجمعية بضرورة لملمة المجتمع اللبناني وازالة الحواجز النفسية والطائفية والإجتماعية التي خلّفتها الحرب لينصهر الجميع في البوتقة الوطنية، ورفضاً لإبقاء 13 نيسان كذكرى لذاكرة الحرب المأساة تدعو فرح العطاء الى تجمع أمام المتحف الوطني للعبور الى 13 نيسان جديد مليء بالفرح وذلك، عند الساعة الرابعة من بعد ظهر الاثنين قرب المتحف الوطني”.
وتحدث عن “سلسلة من النشاطات التي ستقوم بها الجمعية في هذا اليوم على درج المتحف الوطني تحت عنوان ” فرح العطاء، 13 نيسان، رجّع ألوان لبنان”، من بينها: حلقة تلفزيونية مباشرة: تلقي الضوء على وجوب المحافظة على الكنز البشري الذي يجسّده العيش معاً والتآخي في لبنان وعلى قيم الحوار والسلام والرجاء والمصالحة والفرح. وسيتم عرض مسرحية من تأليف جيزيل هاشم زرد تحمل هذه القيم وهذه العبر كما ستشارك جوقة الفيحاء- طرابلس وعدد من الممثّلين في هذا النشاط، أما النشاط الثاني فسيكون بدعاء مشترك مع ممثّلين لكل الطوائف اللبنانية، يحلم به المواطنون كي يظهر لبنان بأبهى صوره، ويعطي للعالم أمثولة سلام بحيث تصبح اللّبننة مرادفاً لهذه الصورة وليس كما حاولوا تشويهها عبر صورة الحرب والتشرذم، أما النشاط الثالث فدعوة للشباب اللبناني على أن يأخذ كلّ منهم أو مجموعة منهم صورة (بالأسود والأبيض) تمثل جزأً من جسده يكتب عليها شعار: “رجّع ألوان لبنان”.
وتابع: “هذه الصور سوف تبث على شبكات التواصل الاجتماعي مع ‘الهاشتاغ” #OJapril13 ليعود بعد ذلك ويأخذ يوم 13 نيسان الصورة نفسها بالألوان ليتم نشرها على الموقع نفسه، أما النشاط الرابع فسيتضمن مهرجان للأطفال، وتنشيط لهم من خلال الرسم على الوجوه وفعاليات مخصّصة لهم، وتختتم النشاطات بـ “سباق ألوان” رمزي حيث سيصبغ كل من المشاركين بأجمل الألوان لنعيد الى لبنان ألوانه الزاهية الدافئة كي ينهض من كبوته ويعود لسابق عهده ويكون تاريخ 13 نيسان 2015 تاريخ عبور من تاريخ المأساة الى تاريخ الفرح والطمأنينة”.