كيف يطبّع الاتفاق لبنان بعد طول انتظار؟ استمرار الحوار ولا أفق رئاسياً قريباً
سابين عويس/النهار/4 نيسان 2015
أنهى اتفاق – الإطار الموقع أمس بين مجموعة 5 + 1 وإيران 18 شهراً من المفاوضات الشاقة التي تركت بصماتها على المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً، الذي يعيش على وقع تلك المفاوضات من جهة، وارتداداته على الصراع السعودي – الايراني من جهة اخرى.
شكلت الجلسة الاخيرة التي شهدت توقيع الاتفاق – الاطار بين مجموعة الدول الخمس (أميركا، الصين، روسيا، فرنسا، بريطانيا+ ألمانيا) وإيران، محطة مفصلية بالنسبة إلى لبنان الذي ربط استحقاقاته الداخلية ولا سيما استحقاق الرئاسة الاولى والحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، بهذا الاتفاق، فضُربت المواعيد، وتضاربت التوقعات حيال ما كان سيحمله تاريخ الحادي والثلاثين من آذار المنصرم إذا نجحت المفاوضات أو فشلت.
لم يكن أي من القوى أو المتتبعين لملف المفاوضات الشاقة، يتوقع أن يخرج المتفاوضون باتفاق إطار بعدما تعثرت جلسة نهاية آذار وامتدت 48 ساعة إضافية قبل أن يخرج الدخان الابيض من فندق “بوريفاج”. وهذا ما ترك انطباعات تشاؤمية حيال إمكان التوصل الى تفاهم.
وإذا كان التوقيع قد بدد مسحة التشاؤم تلك، فقد استبدلها بانطباعات حذرة للأشهر القليلة المقبلة الفاصلة عن نهاية حزيران المقبل، موعد توقيع الاتفاق النهائي، وهي الفترة التي ستشكل تحدياً لحقيقة النيات وصدقها في وضع الاتفاق موضع التنفيذ.
والفترة عينها ستكون مرحلة اختبار النيات الايرانية حيال المنطقة، وخصوصا بعدما فرملت عملية “عاصفة الحزم” بقيادة السعودية الاندفاعة التوسعية الايرانية في اتجاه المنطقة.
ولكن، ماذا سيحمل الاتفاق- الاطار في مرحلة التحول إلى اتفاق نهائي في حزيران المقبل للبنان ولاستحقاقاته المرتبطة في شكل وثيق بالمعطى الاقليمي؟
ليس في الافق أو المعطيات المتوافرة محليا وخارجياً ما يشي بأن خرقاً يمكن أن يشهده المشهد الداخلي في ما يتعلق بملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
حتى الكلام على أن توافق المسيحيين على اسم الرئيس سيؤدي إلى إنجاز الاستحقاق، لم يعد يسري أو يحظى بصدقية بعد تجربة التعاضد السيئة التي خاضها المسيحيون في ملف لا يشكل أولوية في الحياة السياسية او الميثاقية، وهو ملف ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت، حيث تبين للوسط المسيحي أن المصالح المالية لدى الشركاء في الوطن تتقدم على ما عداها بحيث تستمر عمليات الردم، من دون الاخذ بالطلب الذي أجمع المسيحيون عليه.
أما بالنسبة إلى القول إن الاستحقاق الرئاسي محكوم بالعامل الاقليمي، فليس كذلك ما يشير إلى أن هذا الأمر مدرج في جدول الاهتمام الاقليمي والدولي.
وقد لمس رئيس الحكومة تمام سلام ذلك في شرم الشيخ حيث تصدرت حوادث اليمن ومن بعدها سوريا الاهتمام العربي.
ولمسه كذلك في الكويت، حيث كان الاهتمام الاممي ينصب على كيفية التعامل مع الازمة السورية والآثار الانمائية السلبية على اقتصادات الدول المتضررة والمجتمعات المضيفة.
وحده رئيس المجلس نبيه بري لم ييأس، وهو لا يزال على رأيه ورهانه بأن الانفراج الدولي الناجم عن الاتفاق النووي لا بد أن يترك انعكاسا ايجابياً على كل المنطقة، بما فيها لبنان، ولاسيما أن لبنان، لكونه الاقل تضررا في المنطقة، قادر على احتواء الأثر الاقليمي الايجابي بسرعة. ليس أكيداً إذا كان تفاؤل بري قائما على معطيات ثابتة أو أنه ينطوي على أمل بضرورة ترك الباب مفتوحا أمام التوقعات الايجابية التي تخرق حائط الوضع المأزوم. لكن ما هو أكيد حتى الآن أن المعطيات لم تنشط بعد في اتجاه تحريك الركود في الملف الرئاسي، لكنها حتماً ناشطة في اتجاه تأكيد ضرورة استمرار الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، والذي بدأ مطلع السنة الجارية تحت مظلة ورعاية سعودية – إيرانية واضحة.
وفي رأي مصادر سياسية أن طهران كما الرياض، تحرص رغم انغماسهما في مواجهة طويلة زادت حدتها بعد “عاصفة اليمن”، على حماية الاستقرار اللبناني الداخلي.
وقد تجلى هذا الحرص من خلال تجاوز الحكومة لعاصفة شرم الشيخ وموقف رئيس الحكومة تمام سلام فيها،.
وتجلى هذا الحرص كذلك في موقف لافت لنائب وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان على هامش مشاركته في مؤتمر المانحين الذي عقد قبل أيام في الكويت. وفي تصريح أدلى به وتناول موقف بلاده من التطورات في المنطقة ولا سيما من اليمن، متحدثا فيه عن التداعيات السلبية لعاصفة الحزم على المنطقة وداعيا الى حوار سلمي بين الاطراف في اليمن، وتناول الملف اللبناني من زاوية واحدة هي تأكيده دعم بلاده للحوار بين من سماهما “مجموعتي 8 و14 آذار”، من دون اي إشارة الى أي استحقاق آخر!