بين ثورة الخميني وفورة سليماني
إيلـي فــواز/لبنان الآن/25 آذار/15
كثيراً ما تكلمّت ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش عن شرق أوسط جديد، يفتح آفاقه على ديمقراطيةٍ ما تحكم شعوبه الكثيرة.
وغالباً أيضاً ما اعتقدت تلك الإدارة أن الفوضى التي ستنتج عن إرادة الشعوب في التحرر من الديكتاتوريات ستكون “خلاّقة”. تلك الأمنيات تحطمّت على واقع المجتمعات الاقتصادية والثقافية والسوسيولوجية للعرب غير المهيّئة حتى يومنا لمواكبة اي تغيير او تقبّله.
واليوم أصبح العالم العربي بمكان آخر مع تطور الإرهاب ونمو جماعاته.
لكن الجديد يأتينا من ايران وجنرالاتها، حيث بلاد العرب وشعوبها حقول تجارب لديها، وضحاياها مجرد اجساد يلفها التراب من دون ان ينتفض لها ضمير الانسانية العالمي.
الثورة الخمينية لا تسعى الى شرق اوسط جديد بل الى شرق اوسط موحد، وليس عبر التحالفات مع دول الجوار انما بالقوة. اما الحجة فتبقى محاربة الإرهاب.
يقول الجنرال قاسم سليماني، ومَن غيره في هذه الايام يحتل الاعلام طولاً وعرضاً، بحسب وكالة الأنباء الطلابية الإيرانية (إيسنا)، إنه تتوافر في الأردن إمكانية اندلاع ثورة إسلامية تستطيع إيران أن تتحكم فيها و”توجهها ضد العدو”، مشيراً إلى أن بلاده قادرة على “تنظيم أي حركة تؤدي إلى تشكيل حكومات إسلامية” في لبنان والعراق، مذكرا أن “هذه المناطق تخضع بشكل أو آخر لإرادة الجمهورية الإسلامية وأفكارها”.
هذه التصريحات والمواقف باتت تطلق من على لسان المسؤولين الايرانيين بشكل دائم. وهي باتت تمر بشكل طبيعي، وكأن النظام الايراني يريد ان يعوّد العالم، وخاصة الشعوب العربية على تلك الفكرة: نتحكم بالشرق الأوسط ونملي سياساته على حكامه.
يريد النظام الإيراني من العالم ان يتقبل تواجد ضباطاً ايرانيين من الحرس الثوري في سوريا، او العراق، وأن يفاوضه على هوية الرئيس اللبناني، او علي مصير الرئيس اليمني.
فجأة أصبح الشرق الاوسط موحّداً تحت قيادة سليماني. ما لم يستطع فعله الخميني يفعله هو، من اربيل الى دمشق الى بيروت فصنعاء. المشكلة ان تلك الفوضى التي يخلقها هذا الرجل، ستكون كسابقاتها من المحاولات غير خلاقة، ولكنها مرشحة ان تستمر لعقود، بنسخة ابشع وأعنف من سابقتها.
الكره الذي يدّعيه العرب للولايات المتحدة، يضمحل بانسحاب الاميركيين الى قارتهم التي تفصلها عن هذا الكره محيطات ومسافات طويلة، لا قربى، لا صلة، لا جيرة. طبعاً بعكس الكره السنّي الشيعي حيث الجغرافيا المتلاصقة بالاضافة الى التاريخ المتشنج، يغذيه وينمّيه.
فالفوضى والحروب التي يبدعها سليماني تقوم على اسس مذهبية، وتلك الانواع من الحروب لا تندمل جروحها بمجرد تسويات سياسية.
لكن على ما يبدو اعداد الضحايا، والدمار المخيف الذي يلحق المدن العربية، والكراهية التي تشتعل بسهولة لأنها لم تنطفئ أساساً قبل قرون في كربلاء، لا تعني النظام الايراني. بل هو يرى في هذه الفوضى فرصة لفرض سيطرته على اكبر عدد ممكن من العواصم العربية. اما البقية التي لن يستطيع السيطرة عليها فيطوقها ويهددها ويضيق عليها نطاق عملها، وبمساعدة رئيس اميركي وتحت مسمى محاربة الارهاب.
إنه وقت الانتقام.
سيكون من الصعب بعد سنين من الحروب المذهبية أن نرى عراقاً واحداً. لا بل من المستحيل ان نرى العراق غير مقسّم على اساس مذهبي، كما هو حاصل اليوم ولكن بشكل قانوني وباعتراف اتحاد الامم. وربما سوريا تكون تتجه هي الأخرى نحو هذا المصير، كما اليمن كما لبنان وكل البلدان التي يتواجد فيها السنّة والشيعة.
ولو يعي العالم تلك الحقيقة، خاصة الساكن في البيت الابيض، لشرع في فرض التقسيم وأنقذ الكثير من الارواح التي ستذهب هباء حتى يأتي اليوم.