“المجلس الوطني” يوسّع قاعدة 14 آذار ويجعل من ثوابتها الوطنية روحاً لا تموت اميل خوري/النهار/24 آذار 2015
مرور عشر سنين على تكتل 14 آذار وهو صامد ومتضامن على رغم النكسات السياسية والتحديات الأمنية وسقوط شهداء من خيرة أركانه وخيرة الرجال في لبنان، هو انتصار معنوي أو سلبي. فلو أن تكتل 8 آذار تعرض لما تعرض ويتعرض له تكتل 14 آذار سياسياً وأمنياً لزال من زمان…الواقع أن الفرق بين التكتلين هو أن قوى 14 آذار مكونة من مجموعة أحزاب وشخصيات مطلوب منها الاجتماع لاتخاذ أي قرار، ومن الطبيعي أن يسبق اتخاذه جدل ونقاش يصفه البعض بالخلاف، في حين أنه اختلاف تجيزه الديموقراطية الصحيحة والسليمة، اذ ان لكل فرد، سواء كان في حزب أم في مجموعة أحزاب، رأيه. وفي المقابل، فإن قوى 8 آذار لا تحتاج الى عقد اجتماع لاتخاذ أي قرار لأن “حزب الله” يستطيع أن يتخذه وحده ويلتزمه الآخرون من دون مناقشة ولا حتى اعتراض معلن. وما يزعج تكتل 8 آذار هو بقاء تكتل 14 آذار صامداً وحياً على رغم كل ما اصابه خلال الاعوام العشرة المنصرمة، وعلى رغم كل الحملات بما فيها تحويل الاختلافات في الآراء الى خلافات سعياً الى فرطه. وقد اشتدت هذه الحملات عندما تقرر انشاء “المجلس الوطني” لأن من شأنه ان يوسع القاعدة الشعبية لـ14 آذار بحيث تشمل كل المذاهب وكل المناطق وتجعلها تنتظم داخل هذه القوى لتصبح قوة شعبية واسعة ومؤثرة في مواجهة سلاح “حزب الله” بسلاح الموقف وليس بأي سلاح آخر يشعل الفتنة في البلاد، وهو ما يريده ويتمناه اعداء لبنان. وانشاء “المجلس الوطني” يجعل قوى 14 آذار أكثر تمثيلاً سياسياً وشعبياً، ويزيدها قوّة في مرحلة الصمود التي قد لا تنتهي قبل أن تزول أسباب وجود السلاح خارج الدولة لتقوم عندئذ الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها ولا يكون قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها. وهذا قد لا يتحقق إلا عند التوصل الى تسوية داخلية تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، أو بتسوية في المنطقة تضع حداً للحروب الدائرة فيها لتدخل عندئذ مرحلة الأمن والهدوء، والسلام ومرحلة الاستقرار الثابت والدائم والازدهار الذي يكافح الفقر والقهر، وهو السبيل الأجدى الى مكافحة الارهاب.
لقد نسي منتقدو 14 آذار أو الشاعرون بالاحباط لعدم التمكن من تحقيق طموحات جمهورها، ان “ثورة الأرز” التي اشعلها حشد شعبي فاق المليون من كل المذاهب والمناطق والاحزاب استطاعت أن تخرج القوات السورية من كل لبنان، وهو ما لم تستطعه قرارات مجلس الأمن الدولي، وان تزرع بذور الثورة في عدد من الدول العربية، وجعلت الشباب فيها يكسر حواجز الخوف والاستبداد والاضطهاد، وقد تطول لتحقيق أهدافها مثل كل الثورات في العالم لتصل الى شاطئ الأمان.
وإذا كانت قوى 14 آذار نجحت في اخراج القوات السورية من كل لبنان، فانها لم تنجح في إقامة الدولة القوية أو حتى العبور اليها، لأن السلاح في يد “حزب الله” حال دون ذلك، ولم يكن في الامكان مواجهته إلا بالصمود وانتظار المتغيرات والتحولات التي تجعل المنطقة حبلى بها، كما لم يكن في الامكان التصدي للسلاح بالسلاح لئلا يزول لبنان بنار الفتنة. لذلك يبقى الصمود والانتظار أهون من شر أكبر هو الزوال. وصمود 14 آذار مدى عشر سنين استطاع أن يحافظ على الوحدة الداخلية وعلى السلم الأهلي ويحول دون حصول فراغ شامل في السلطات وشلل في المؤسسات، لأن قوى 8 آذار دأبت على وضع قوى 14 آذار بين خيارين: السيئ والأسوأ، فقبلت مكرهة بالسيئ خوفاً من الأسوأ، فلم تصر على أن يكون رئيس الجمهورية منها لئلا يكون الفراغ، ولم تصر على تشكيل حكومة من أكثريتها النيابية وقد فازت بها في انتخابين: 2005 و2009، وقبلت بما يسمى حكومة “الوحدة الوطنية” وإن كاذبة لتتدارك خطر الفراغ الحكومي، ولم تصر على قانون للانتخاب لتتدارك أيضاً خطر الفراغ التشريعي، وقبلت مكرهة بالجلوس الى طاولة مجلس الوزراء مع بقاء سلاح “حزب الله” وتدخله في الحرب السورية تحت عنوان “ربط نزاع” حرصاً على وحدة لبنان وسلمه الأهلي. وها هي بانشاء “المجلس الوطني” توسع القاعدة الشعبية لتجعلها أكثر قدرة على الصمود في انتظار الانفراجات لأن البديل منها هي الانفجارات… وقيام “المجلس الوطني” يجعل قوى 14 آذار تمثل غالبية الشعب اللبناني تمثيلاً صحيحاً وكاملاً وتحوّل الثوابت الوطنية التي لا مساومة عليها روحاً لا تقتل، كما دماء شهداء “ثورة الأرز” شعلة لا تنطفئ.
هذا هو المطلوب من قوى 14 آذار، أياً تكن التسميات والهيكليات، أي الاستمرار في الصمود وترقّب المتغيرات والتصدي بسلاح الموقف كي يبقى لبنان حيّاً، إذ لا نفع لأحد إن أصبح ميتاً، لا بل ماذا ينفع أن يربح أي طرف ويخسر لبنان؟!