حملة 8 آذار على انطلاقته دليل على حاجة 14 آذار لمهامه «المجلس الوطني» يتحضّر لمهام مغايرة عن الأمانة العامّة وتحدّيات دوره تستعيد مشهد خليّة «حمد» ضدّ «قرنة شهوان
سيمون ابو فاضل/ 23-03-2015
تشكل المواقف السياسية التي اطلقتها قوى في محور 8 آذار، ضد المجلس الوطني لقوى 14 آذار بعيد الاجتماع التأسيسي الذي دعت اليه هذه القوى في مجمع البيال، زخما اقوى لفريق 14 آذار للمضي في خطوته هذه، بعد ان تبين له ان الاطار السياسي الجامع ببعد وطني يتجاوز الفرز المذهبي، هو امر لا يرتاح اليه «حزب الله» ولا سائر مكونات محور الممانعة الذي يعزز حراكه السياسي ـ العسكري بالشعارات المذهبية على طول الاقليم العربي ففي منطق ساعين الى هذا الاطار الوطني الجامع لهذه القوى، ان تتضامن المواقف التي اصدرها المعارضون له، تعيد الى الذاكرة مرحلة انطلاقة تجمع لقاء قرنة شهوان في العام 2000، بعيد البيان ـ النداء للكاردينال مار نصرالله بطرس صفير يومها، وما تبع الخطوة هذه من ممارسات فاضحة و«قاسية» وتهويلية لنظام الوصاية السوري وشريكه النظام الامني اللبناني، ولم يدفع هذا الاسلوب التهديدي المفرز يومها بتجمع «خلية حمد» والعمليات الامنية يوم 7 آب من دفع هذا الفريق عن التراجع بعد توسيع دائرة الموقف السيادي والمعالجة بعد طي صحفة حرب الجبل يومها من خلال المعالجة التي رسخها البطريرك صفير والزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وفي ظل هذا المناخ التهويلي كان تجمع البريستول وقابله لقاء «عين التينة»، ولكن نهاية المطاف دلت الوقائع ان الخيار السيادي لم يتراجع يومها، الى ان كان يوم 14 آذار.
ولا شك ان هذه القوى خسرت في مكوناتها اكثر مما هو في واقعها السياسي، اذ بعد ان كانت تضم الى جانب القوى الحالية، رئىس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، اضحت قوى 8 آذار ولا سيما «حزب الله» بحالة سياسية ـ شعبية محصنة اكثر مما كان عليه يوم 8 آذار الذي رفع خلاله شعار شكرا سوريا، اذ حالياً اضحى رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون حليف اساسي ومرشح رئاسي يلقى دعم ابدي ـ ازلي من قبل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، في حين ان اقتطاع النائب جنبلاط عن قوى 14 اذار، بعيد احداث 7 ايار من العام 2008 ومن ثم زمن القمصان السود، فقد قوى 14 آذار حليفاً سياسياً لقواها، لكن في الوقت ذاته ابقى على اندفاعته اكثر اندماجاً مع البيئة العربية وابناء الطائفة السنية في المنطقة العربية والتي تشكل الشريعة الاساسية للتيار الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري..
لكن المجلس الوطني الذي بدأ العمل التأسيسي له من خلال الاجتماع الذي انعقد في مقر الامانة العامة لقوى 14 آذار، وضم ممثلي الاحزاب الى جانب منسقها الدكتور فارس سعيد وسمير فرنجية «دينامو» لقاء قرنة شهوان الذين كان الى جانبهما فيها النائب السابق منصور البون وعدد من الناشطين في ظل الحضور السياسي القوي للقوى والفعاليات يومها، اذ هذا الاجتماع يندرج في خانة المضي نحو صياغة نظام غير «مقلق» للقوى التي تمتلك حسابات تفصيلية، ويضع اليه المباشرة في عمله بعد الانتهاء من رسم انطلاقته الميدانية ولا يجد الساعون او منسقو هذا المجلس الوطني، ان ثمة حاجة لصرف مجهود من الوقت للدفاع عنه، اذ بات واضحاً، ان اي موقف سيكون معرض اجتهاد سلبي من جانب قوى 8 اذار، بعد ان اكد البيان التأسيسي على ان كل مواقف مكونات 14 آذار لا تزال على ثباتها.. ولذلك فان التوقف امام الحملة سيكون مضيعة للوقت، نظراً للأمثلة التالية، اذ عندما يعلن الرئيس الحريري موقفا يدفع نحو الحوار وتجاوز المواضيع الخلافية والمشاركة في الحكومة، يصنف الكلام وكأنه ضعف. واذا ما اكد على الثوابت ونقاط الخلاف الاربع مع «حزب الله» محافظاً على ربط النزاع.. واذا ما كان لوزير الداخلية نهاد المشنوق مواقف يفرضها عليه موقعه الامني – السياسي، تسعى هذه القوى في 8 اذار لتشويه مواقفه وتسويق الامر وكأنه تراجعاً منه فقط بهدف تسجيل نقاط على قوى 14 اذار، واذا ما اكد وزير العدل اشرف ريفي على خيارات قوى 14 اذار وتيار المستقبل، شنوا حملة عليه على انه انقلابي على الحوار القائم ومناخ التهدئة وكأن «حزب الله» لا يقاتل في سوريا او تجاوب مع مطلب المحكمة الدولية وسلم المطلوبين الاربعة المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وضعت عندها قوى 8 اذار مواقعه في خانة الانقلاب على الحوار. واذا ما دعا رئيس تيار المستقبل وكل من رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس امين الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وانصارهم للاحتشاد لمناسبة يوم 14 اذار، تصدر المواقف بأنهم يعكرون اجواء التهدئة في البلاد، واذا ما دعا فارس سعيد الى الاجتماع التأسيسي للمجلس الوطني، وكان عن يمينه السيد نادر الحريري مستشار الرئيس الحريري، وكذلك النائب مروان حمادة، والى يمينه نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان. وايضاً كان الى يمين الرئيس الجميل امين عام تيار المستقبل احمد الحريري وسائر النواب والفعاليات المشتغلة في هذا الفريق على ما يمثلون شعبيا، وحزبيا هذا المشهد في اللقاء التأسيسي، اذ بعد هذا المشهد يأتي الكلام ان هذه القوى «فرطت» في وقت تستعد لانطلاقة تتجاوز رغبة فريق 8 اذار لاجتذابها نحو صراع مذهبي.
لذلك ايضاً يتابع المعنيون، فان الحاجة الى «الاطلالة» سياسيا بالمجلس الوطني كاملا وجاهزا للدور الذي ينتظره يتطلب تجاوز الكثير من الحملات، لا سيما ان الغاية من مهامه، تتجاوز مواضيع داخلية على غرار قانون للانتخابات او خطة امنية «شكلية» في عدد من المناطق، بل هو امام دور يلاقي تحولات في المنطقة، من خلال التأكيد للداخل والخارج انه بامكان اللبنانيين الانضواء داخل اطار ليس مذهبي في مواجهة الفرز الذي يغزو المنطقة ويقارب لبنان… فالدور السياسي للمجلس هذا والداعم للاعتدال في المنطقة، يفرض ان تكون له مواقف مختلفة عما ستعلنه امانة قوى 14 اذار من مواقف لها صلة باليوميات السياسية…