الادّعاء العام يسأل عن علي عمار ويغوص في تفاصيل «الإذلال» الأسدي السبع: الحريري اكتشف فوراً «ولدنة» بشار
لايسندام ـ فارس خشان 17 آذار/15/المستقبل
لوّن الادّعاء العام في المحاكمة التي تجريها غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان، فهمه لأسباب اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ببلاغة ودقة النائب السابق باسم السبع، الذي وبعد طول غياب عن المنابر، أطل، أمس عن منصة شهود مرحلة الدافع السياسي.
ومن دون تقديم أي إيضاحات، ترك الادّعاء العام انطباعا بأنه يهتم لحالة اسمها النائب علي عمار، عندما وجّه غرايم كاميرون سؤالا الى الشاهد عن انتماء عمّار السياسي وعن الدائرة الانتخابية التي يمثلها في المجلس النيابي وعن قوة «حزب الله» الشعبية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وكانت سرت شائعات في وقت سابق عن ان الادّعاء العام يحقق في مسائل منسوبة إلى علي عمار، لكن أي إشارات في هذا الاتجاه او عكسه، لم تصدر عن مكتب المدعي العام في المحكمة، وإن لفت البعض الى تحاليل هاتفية حول مجموعة شخصيات تنتمي الى «حزب الله» كانت على تواصل عبر هواتف الشبكة الخضراء مع بعض المتهمين بتنفيذ الجريمة ممن تجري محاكمتهم.
وفي انتظار المستور، فإنه إذا كانت الشهادات التي توالت في قاعة أنطونيو كاسيزي، هنا في لايسندام، قد تقاطعت عند رسم مشاهد العداء وسبق التهديد التي قادها رئيس النظام السوري بشار الأسد، فإن السبع في الجزء الاول من إفادته قد نجح في ترسيخها، من خلال تقديم وقائع تفصيلية كان حاضرا فيها ومتفاعلا معها.
وبالاستناد إلى أسئلة ووثائق كاميرون من على مقعد الادّعاء العام، شهد باسم السبع لمصلحة الخلفية الآتية:
رفيق الحريري، ومنذ اليوم الاول، اكتشف صعوبة التعاطي مع بشار الأسد، وهو تعرض لإذلال ولتهديدات، وفرضت عليه شروط، سرعان ما تحرر منها، وقرر أن يخوض معركة سياسية كبيرة الى جانب خصوم النظام السوري، في حينه أي البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير ولقاء قرنة شهوان ووليد جنبلاط، وأن يتحدى كل وسائل مواجهته وأن ينتصر، وكان يهتم بلقاء البريستول الذي بدا أنه لقاء مصالحة وطنية مصغر وقرر ان يضم نواب كتلته اليه تباعا.
ويمكن تقديم نقاط تفصيلية لهذه الخلاصة مما ورد في شهادة السبع، ولعل أبرزها الآتي:
-اكتشف رفيق الحريري، منذ اجتماعه الاول ببشار الأسد في العام ، ولم يكن قد ورث والده بعد، ان سوريا «الله يعينها» ستصبح بعهدة «ولد»، وهي سوف تدفع ثمناً غالياً لذلك، «في حين نستطيع نحن في لبنان أن نقلّع شوكنا بأيدينا».
وكان رفيق الحريري يتفاعل مع مركز نفوذ يضم عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي، في حين أن بشار الأسد كان يقود مركز نفوذ آخر يضم المخابرات السورية ويتبنى الرئيس اميل لحود في لبنان، وأراد الحريري ان يتواصل مع هذا المركز، ولكنه استشرف، باكرا، ان «العلاقة لن تكون مريحة».
-على الرغم من ان العلاقة كانت سيئة بين لحود والحريري، وتنعكس سلبا على لبنان ووضعيته، إلا أن الأسد صمم على التمديد للحود، ومن دون ان يفسح المجال أمام الحريري، حين اجتمع به في ايلول ، من إبداء وجهة نظره المعارضة لذلك، قائلاً له: «أنت هنا لتنفذ قراراً وليس لتعرب عن رأيك«.
– في الاجتماع الشهير الذي حصل في كانون الاول في مكتب الأسد بحضور كل من غازي كنعان ورستم غزالي ومحمد خلوف، صمت الأسد وترك لضباطه أن يهينوا ضيفه، وقد كان رستم غزالي الأقذر بينهم يليه محمد خلوف فيما تميز كنعان بحدة أقل، وقد أسرّ الحريري للسبع: «تناوب الثلاثة عليّ، الواحد تلو الآخر، وشعرت للحظات أن العرق يتصبب من قدمي وفكرت أن أقف وأغادر لشدة الكلام الذي سمعته، وهو كلام ضابط لحاجب. شعرت بالإهانة لي ولبلدي«. وشهد السبع انه للمرة الاولى سمع الحريري ينطق بشتائم، وقد وجهها الى هؤلاء الذين كانوا في الاجتماع.
– في هذا الاجتماع قال رستم غزالي للرئيس رفيق الحريري:» مين إنت؟ إنت شو بتسوى بلا سوريا؟ إنت ولا شي، من دون سيادة الرئيس بشار الأسد. نحن عملناك رئيس حكومة ونحن منعملك رئيس حكومة». في هذا الاجتماع اتهم رفيق الحريري بالتآمر على سوريا مع الأميركيين والغرب وقيل له: «لا أنت ولا شيراك ولا الاميركيين بتجيبوا رئيس للبنان«.
– في هذا الاجتماع جرى فرض شروط على رفيق الحريري، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ودائما وفق ما شهد به السبع نقلا عن لسان الحريري:
أ-يجب ان «يسد بوزو» كل من تلفزيون وصحيفة «المستقبل» واذاعة الشرق وعدم مهاجمة التمديد للحود.
ب – التصرف مع صحيفة «النهار« التي يملك الحريري فيها أسهما.
ج- يجب ان يوقف عمل الدكتور داوود الصايغ مع البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير ومع لقاء «قرن شهوان«.
د – يجب مراقبة خطباء الجمعة.
وبناء على استشارة المقربين منه، تقرر ان ينفذ الحريري هذه الشروط، ولكن ذلك الرضوخ لم يدم إلا لبضعة أشهر فقط، ومن بعدها عادت الامور كما كانت عليه سابقا.
– في غداء تكريمي أقامه نائب الرئيس السوري في حينه عبد الحليم خدام، لترطيب الأجواء التي أحدثها الاجتماع مع الأسد وضباطه، فهم الحريري من كلام وجهه غازي كنعان الى رئيس مجلس الشعب السوري عبد القادر قدورة، بأنه حان الوقت لتغييره بعدما كبر في السن وبعدما «عملنا لك الكثير»، بأنه رسالة له (أي للحريري) بوجوب أن يوافق على الأسلوب الذي يتكلم فيه المسؤولون الامنيون معه، لأنهم هكذا يتكلمون مع المسؤولين السياسيين في سوريا أيضا.
– ان رفيق الحريري وبعد اجتماع «الأمر بالتمديد» مع بشار الأسد، اتخذ قرارين متزامنين، وهما: السير بالتمديد للحود، والذهاب الى المعارضة السياسية.
وقد طلب من باسم السبع، في منزل وليد جنبلاط، بعد هذا الاجتماع ان يبقى الى جانب جنبلاط سياسيا، في إشارة إلى قراره بانتهاج المعارضة السياسية.
– رفيق الحريري كان يعرف تفاصيل لقاءات البريستول قبل انعقادها، وهو منذ قرار ايفاد باسل فليحان الى اللقاء كان يريد افهام الجميع ان نواب تكتله النيابي سينضمون، واحدا تلو الآخر، الى هذا اللقاء الذي أعلن الحريري ببيان، على طريقته وبأسلوبه، تأييده له ولتوجهاته.
– ان الحريري أراد من خلال اعلان نيته خوض الانتخابات في الدائرة الاصعب في بيروت أي حيث تتمركز قوة انتخابية شيعية اعتبروها معادية للحريري – ولم يكن ذلك صحيحا في حينه- بأنهم مهما فعلوا، لن يثنوه عن قرار المواجهة الذي اتخذه، ولن يمنعوه من الانتصار.
باسم السبع يعود اليوم الى منصة الشهود لتقديم المزيد مما عاشه بالقرب من الحريري ومما عاينه في مركز صناعة الحدث اللبناني.