أهالي عرسال: نحن والجيش من طينة واحدة
علي الحسيني/المستقبل/30.12.14
لم يكن احتجاج أهالي عرسال أول من أمس، عندما قطعوا الطريق المؤدي إلى داخل البلدة، موجّهاً ضدّ الجيش اللبناني ولا إلى قيادته، بعكس ما أشاعته بعض وسائل الإعلام. الأهالي أرادوا من خلال اعتصامهم بالقرب من حاجز الجيش إيصال صرختهم إلى كل المعنيين، بأن حصار البلدة قد أرهقهم وبأنهم يدفعون ثمن ما يقوم به الغير، سواء أولئك المسلحين المتواجدين في الجرود، أو البعض الآخر المسلح المتواجد في بلدة اللبوة التي تحوّلت إلى مصيدة لهم، خصوصاً وأنها الرئة الوحيدة التي يتنفسون منها.
عند الساعة التاسعة تجمهر عدد من الأهالي عند أول نقطة للجيش اللبناني التي تفصل بين بلدتي اللبوة وعرسال، للتعبير عن غضبهم إزاء الوضع المزري الذي وصلت اليه أحوالهم. شرحوا لعناصر الجيش المتواجدين على الحاجز مأساتهم وأبلغوهم أن تحركهم ليس موجهاً ضدهم بل هو موجه إلى المسؤولين مباشرة عن حصارهم وبأنه ضد القرار الصادر الذي قضى بحصولهم على تصاريح مسبقة للصعود إلى الجرود. وأبدى عناصر الجيش تفهماً كبيراً لهذا التحرّك، وبدوره الضابط المسؤول ألمح للمتظاهرين أن إغلاق بعض المنافذ المؤدية إلى الجرود ليس موجهاً ضدهم إنما منعاً لتسلل المسلحين.
تحدث بعض الأهالي في ما بينهم عن أن «جهات معروفة تريد إحداث مواجهة بيننا وبين جيشنا وأن هذه الجهات تسعى من خلال نفوذها الواسع إلى إلباس عرسال وأهلها ثوب الإرهاب«. كما تطرق بعضهم الآخر إلى قضية المنافذ المسدودة فقال أحدهم: «لم يبقَ لنا منفذ سوى طريق اللبوة. لا نجرؤ على عبوره فالموت والاعتقال والشتائم بانتظارنا على الدوام عند أول البلدة«. كما تحدث آخرون «عن مجموعات من الشبان تنتشر في البلدة وبين مخيمات النزوح تنتمي إلى جهات حزبية معروفة ربما تكون لديها نيات مبيتة. لكن نقول لهؤلاء إننا وجيشنا من طينة واحدة مجبولة بدماء الشهداء وبعرق الفقراء«.
لم يدم تحرك الأهالي طويلاً إذ عاد كل منهم إلى منزله بعد أقل من ساعة على بدء الاعتصام وبعد وعود من جهات سياسية بالعمل على تذليل العقبات كلها. رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أكد لـ»المستقبل» أن العلاقة بين الجيش والأهالي أكثر من ممتازة، وهناك تفهم بين الجهتين حول مجمل القرارات التي تصدر عن قيادة الجيش، لكن في المقابل للناس حق في التعبير عن أوجاعهم ضمن حدود، وهذه الحدود نعلمها جيداً ولسنا بحاجة إلى بعض وسائل الإعلام المغرضة لكي تعطي العراسلة دروساً في الوطنية. والحمدلله قد حُلّت المشكلة العالقة وتم إلغاء القرار الذي يقضي بحصول الأهالي على تصريح مسبق قبل توجههم إلى الجرود«.
وأوضح الحجيري أن «البعض يحاول إظهار أهالي عرسال وكأنهم أعداء للجيش، كما يسأل هذا البعض عن سبب صعود بعض الأهالي بشكل دائم إلى الجرود. وهنا لا بد من توضيح المسألة للذين لا يعرفون طبيعة البلدة. معظم العراسلة يعتاشون من هذه الجرود، فهناك مقالع ومناشر ومصانع أحجار ورخام، وهناك أيضاً مراعٍ ومزارع كرز ومشمش. ولذلك نقول للمغرضين بأننا يمكن أن نساوم على كل شيء إلا على لقمة عيش أهالي عرسال. أما في ما خصّ طريق اللبوة فهي الآن مفتوحة رغم بعض الحذر الذي يبديه بعض الأهالي نظراً إلى التجارب السابقة، وبالطبع فإن إزالة الهواجس هذه تقع على عاتق الدولة المسؤولة عن أمن الجميع«.