هكذا يُنزل حزب الله ميشال عون عن الشجرة
عماد قميحة/الأحد، 28 ديسمبر 2014
جنوبية
الموضوعية تفرض علينا في بعض الأحيان الإقرار حتى للخصم بما يتمتع به من مناقبية ومن صفات حميدة، ومعارضة حزب الله في سياسته لا يعني انه شر مطلق وانه لا يتمتع بصفات حميدة، واحدة منها هي سعة الصدر وتحمل سهام منتقديه ونحن منهم، من دون ان يبدر عنه ردات فعل كنا لنشهدها سريعا عند اخرين، كما وان واحدة أخرى من هذه المناقب هي حرص هذا الحزب على الحلفاء السياسيين ليس فقط على احجامهم ومكاسبهم السياسية بل على مشاعرهم أيضا.
عندما سألت احد الناشطين الظرفاء المعارض لسياسات حزب الله والذي يتعرض بشكل شبه يومي لأفظع الاتهامات وحملات التشهير على صفحته الفيسبوكية، وعن سر هذا الاطمئنان لديه وهو المقيم بشكل دائم في الجنوب حيث النفوذ الأكبر هو لهذا الحزب وعن سبب مجاهرته لهذه الخصومة بدون خوف او وجل، أجاب:
أولا: بالرغم من معارضتي الشديدة للأسس الفكرية والعقائدية التي يقف عليها حزب الله الا ان الانصاف والموضوعية يفرضان علينا الإقرار ان هذا الحزب وان كان يتشكل من جسم تنظيمي حديدي هو اقرب ما يكون الى الأسلوب الستاليني في الإدارة وفي اتخاذ القرار، الا انه يتمتع ايضا ببراغماتية عالية جدا مما يسمح بهامش من الحرية يمنحها لمعارضيه وللمجاهرين بخصومته، بالخصوص اذا ما كان تأثير هذا الخصم او ذاك لا يشكل خطورة من وجهة نظره.
ثانيا: ازداد حجم الاطمئنان اكثر بعد صعود ظاهرة داعش التكفيرية واخواتها، ومحاربة حزب الله لها وحاجته الان لتقديم نفسه على انه حركة دينية مختلفة تماما عنها، فلا يسع الحزب ان يقاتل الظواهر التكفيرية تحت شعار انها خطر على كل من يخالفها وبنفس الوقت يعتمد هو لغة التكفير، مما يجعل من وجود معارضين في مناطق نفوذه يشكل حاجة ماسة، “ولولا العيب والحيا” لقلنا ان على الحزب هذه الأيام دفع اموال للمعارضين.
ثالثا: إعلم بانه طالما حزب الله يهاجمك ولو إعلاميا فانك بذلك تكون في منأى عن أي خطر، ولن يمسك سء، وانما الخوف والحذر يجب ان يتسرب اليك في اللحظة التي يبدأ فيها الحزب بمغازلتك والاشادة بمناقبيتك او حتى بالسكوت عنك، فحزب الله بتربيته العسكرية التي فرضتها عليه تجربة المقاومة، دائما ما يتبع الأسلوب “الجهادي” الحربي في مقاربته للامور، ولان الحرب خدعة, فتراه يعمل ما لا يقول، ويقول ما لا يعمل (بديهيات الخدعة)، وهذا ينسحب حتى على أدائه السياسي. عدت لأسأله: حسناً يا صديقي، وبناءا على ما تقدمت به، وتبعا لخبرتك المزعومة بطريقة ممارسة حزب الله للسياسة، اشرح لي كيف تفهم الان هذا التمسك المفاجئ بترشح ميشال عون للرئاسة وإلاعلان عن تأييد هذا الترشّح بشكل واضح وعلني لا لبس فيه؟