الولايات المتحدة… انفراج مع إيران وحرب باردة مع إسرائيل
لي سميث/السياسة/13 تشرين الثاني/14
أوضح البيت الابيض الاسبوع الماضي أخيرا سياسته في الشرق الاوسط المتمثلة بتحقيق انفراج مع ايران وحرب بادرة مع اسرائيل.
لا تستحق إسرائيل بالنسبة الى لإدارة الأميركية الحالية ذلك العناء الذي يسببه رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو, كما قال مسؤول في ادارة باراك أوباما لم يكشف عن هويته للصحافي جيفري غولدبرغ. كم يكون جيدا إذا عقد نتانياهو اتفاق سلام مع الفلسطينيين لكن ليس له أعصاب مناحيم بيغن, أو اسحاق رابين أو ارييل شارون كما أشار المصدر. من المستغرب أن يتعامل البيت الأبيض في إدارة أوباما بفجاجة مع نتانياهو.
إن ذلك ليس إلا محاولة لتقويض جهوده من البداية. يبدو أن هناك هدفا ستراتيجيا لكبح جماح رئيس وزراء إسرائيل بسبب اتفاق محتمل في الأفق بشأن برنامج الأسلحة النووية الإيراني, فالبيت الأبيض يريد إضعاف قدرة نتانياهو على تحدي أي اتفاق مع إيران.
كما قال مسؤول آخر لم يذكر اسمه للصحافي غولدبيرغ أن نتانياهو يصاب بنوبة غضب عندما يتعلق الأمر بالجمهورية الاسلامية. رئيس الوزراء الاسرائيلي يدعي أن برنامج الأسلحة النووية لدى نظام الملالي يشكل تهديدا وجوديا, لكنه لم يفعل شيئا حيال ذلك. وقال المسؤول :” الآن, لقد فات الأوان بالنسبة له لفعل أي شيء. قبل سنتين أو ثلاث, كان هذا الاحتمال قائما. لكن في النهاية لم يستطع أن يتوصل بنفسه إلى الضغط على الزناد. كان امامه مزيج من الضغط من جانبنا وعدم رغبته شخصيا بفعل امر مثير. الآن فات الاوان”.
بعبارة أخرى, إن البيت الأبيض يتفاخر علنا بأنه يمنح الإيرانيين وقتا كافيا لعبور خط النهاية. ويصر أوباما منذ خمس سنوات على أن سياسته تهدف الى منع ايران من الحصول على سلاح نووي. لكن في الواقع , سياسته في الفترة السابقة تلك كانت تتمثل في ردع إسرائيل من ضرب المنشآت النووية الإيرانية. وفق الاسلوب الذي يراه أوباما , قد لا تكون القنبلة الإيرانية مرغوب بها, لكن من الواضح انه يفضل ذلك على هجوم اسرائيلي. ليس فقط لأن الهجوم قد يطلق العنان لموجة من الإرهاب الإيراني في مختلف أنحاء المنطقة, وربما في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة, بل لأنه ينفر مما يراه البيت الأبيض شريكا محتملا.
المفاوضات مع إيران ليست إلا الجزء الأكثر وضوحا من سياسة الادارة للضغط على إسرائيل. فالبيت الابيض يعرف ان الاسرائيليين يجدون صعوبة في ضرب المنشآت النووية الإيرانية طالما كانت هناك فرصة للتوصل الى اتفاق. واسرائيل لا يمكنها المخاطرة بجعل نفسها عدوا للسلام فتكون منبوذة دوليا. وكان كل ما يمكن أن يفعله نتانياهو هو التحذير من صفقة سيئة كان أوباما عازما على عقدها.
استخدم البيت الأبيض الكثير من الأدوات الأخرى للضغط على اسرائيل. على سبيل المثال, التسريبات. تقريبا في كل مرة ضربت إسرائيل مستودعا للسلاح الإيراني في سورية أو قافلة سلاح مرسلة إلى “حزب الله”, كان مسؤول في الادارة الاميركية يسرب الخبر للصحافة. لأن البيت الأبيض يدرك أن المزيد من هذه الضربات من شأنه أن يحرج بشار الأسد أو حسن نصر الله, وبالتالي قد يدفعهما للانتقام من اسرائيل. كان ذلك هو الهدف من التسريبات: مراقبة إسرائيل والخوف من توليها الأمور بنفسها.
كانت هناك أداة أخرى للضغط تتمثل في التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل والبيت الأبيض, ذلك التعاون الأقوى والأقرب بين البلدين أكثر من أي وقت مضى, كما يقول المدافعون عن أوباما.
سمح مسؤولو الإدارة الاميركية بالحفاظ على أوثق العلاقات مع الإسرائيليين ومراقبة كل ما يفعلونه, في حين حاولوا ان يجعلوا اسرائيل أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة في أمنها من أي وقت مضى.
قال أوباما للإسرائيليين: “لا تقلقوا فأنتم تتمتعون بدعمنا. أنا لا أخادع. إن الإيرانيين لن يحصلوا على قنبلة نووية”. إلى جانب ذلك , فإن المشكلة الحقيقية في المنطقة – كما يردد المسؤولون في البيت الأبيض مرارا وتكرارا – هي المستوطنات الإسرائيلية. ان عدم إحراز تقدم بين القدس ورام الله من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة. كما قال اخيرا وزير الخارجية الاميركي جون كيري, وعملية السلام العربية- الإسرائيلية المتوقفة هي التي أدت إلى قيام الدولة الإسلامية.
ثم إن إسرائيل من وجهة نظر البيت الأبيض, هي مصدر عدم الاستقرار في المنطقة. إيران, من ناحية أخرى, هي قوة الاستقرار. إنها جهة فاعلة عقلانية – كما أوضح أوباما – تسعى الى تحقيق مصالحها الخاصة. البيت الأبيض, علاوة على ذلك, يشترك معها في بعض تلك المصالح, مثل ملاحقة الدولة الإسلامية.
إن حقيقة كون قائد قوة “القدس” قاسم سليماني يعلن حاليا الحرب في أربع عواصم عربية (بيروت , دمشق , بغداد, وصنعاء) تجعله رجل الشرق الأوسط الذي لا يمكن الاستغناء عنه. فمقارنة بأسلوب أوباما في التسوق من مكان واحد في طهران لحل مشكلاته في الشرق الأوسط , ماذا يمكن أن تقدم إسرائيل?
سياسة إدارة أوباما في الشرق الأوسط, كما اتضحت أخيرا في الأسبوع الماضي, تقوم على سوء فهم أساسي للجمهورية الإسلامية. والسؤال هو ما إذا كان البيت الأبيض قد أساء أيضا فهم شخصية رجل (رئيس وزراء إسرائيل) يسخرون من شجاعته.
كبير محرري “ويكلي ستاندرد” وزميل أقدم في معهد “هدسون”, والمقالة نشرت
في “ويكلي ستاندرد”