شكراً وائل ابو فاعور
حـازم الأميـن/12 .11.14
“أعلنت الحكومة اللبنانية انها أوقفت المساعدات للاجئين السوريين الفارين الى لبنان، بما في ذلك استقبال الجرحى والمرضى في المستشفيات”. فظاظة هذا الإعلان تنطوي على مشاعر ثأرية، ذاك ان مساعدات الحكومة للاجئين لم تكن يوماً على مستوى يليق بإعلان وقفها. وبهذا المعنى هو إعلان سياسي يطمح للقول إن هؤلاء الجرحى والمرضى، وتلك العائلات التي غادرت قراها ومدنها ومنازلها خوفاً من القتل، غير مرحب بهم في بلدنا، بلد الحكومة التي تمثل نصف الشعب اللبناني، في أحسن أحوالها.
الإعلان جاء متزامناً مع ذكرى مرور ست سنوات على حرب تموز، تلك الحرب التي استقبل فيها السوريون نحو مئتي ألف لبناني نزحوا الى سورية هرباً من القصف الإسرائيلي. واللافت أيضاً ان من تولى تخريج الموقف “المشرف” لحكومة “نصف الشعب اللبناني ناقص واحد” هو وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، المنتمي الى الحزب التقدمي الاشتراكي، أي الحزب الذي انتقل من حضن النظام السوري البارد الى حضن الثورة الدافئ.
قال الوزير الشاب: “لقد تم تجميد تغطية تكاليف الرعاية الصحية للنازحين السوريين ولم يتم توقيفها لإعادة بلورة وضع آلية جديدة تضمن عدم حصول استغلال”.
خاف الوزير وخافت حكومته على المبالغ الضئيلة التي تدفعها حكومة بواخر النفط وتبييض الأموال الى بعض المرضى والجرحى السوريين. الشفافية والنزاهة في لحظة يقظة استثنائية، اما مروءة اسعاف الجريح، فهذه ما لا قوة لأحد على هز قواعدها في أخلاق ابن الجبل، وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور، الذي تولى تخريج القرار من دون ان يشعر برغبة في الاستقالة.
القرار انتقامي وليس سياسياً او تقنياً. في السياسة، لن يضير حكومة موالية لسورية ان يُعالج جرحى ومرضى سوريون معارضون، فربما كان ذلك ستراً لبعض العورة.
وتقنياً، فان الهدر وسوء ادارة مبالغ طفيفة، اذا كان هذا الأمر صحيحاً، ليس سوى غيض من فيض الهدر العام. ثم ان الخسائر الناجمة عن المضمون اللاأخلاقي للقرار تفوق بمئات الأضعاف الخسائر الناجمة عن “فوضى تغطية التكاليف”.
هناك حكومة قررت وقف استقبال جرحى قد يموتون جراء عدم استقبالهم في المستشفيات. لا شيء أكثر وطأة من إشهار قرار كهذا. الوضوح هنا يكشف وجهاً للمأساة، لم يكشفه مستوى الإجرام الممارس في حق هؤلاء الناس في بلدهم. “لن نستقبل جرحى سوريين”، من تجرأ قبل الحكومة اللبنانية على قول ذلك؟ من المؤكد ان كثيرين مارسوا هذا الفعل، لكنهم لم يتجرأوا على إشهاره وإعلانه وتخريجه بمراسيم وقوانين، وعقد مؤتمرات صحافية لتظهيره. والأسوأ من كل هذا ان يتولى وزراء يقولون انهم مع الثورة في سورية تنفيذه.
ربما علينا تقريب صورة الحكومة من اللبنانيين بعد هذا القرار، ففي يوم من الأيام القريبة جداً سيصل جريح من سورية، ربما كان طفلاً وربما رجلاً وربما امرأة، الى أمام مستشفى في عكار، وسيقول له العاملون في المستشفى: عفواً لا نستطيع استقبالك… انتظر في الخارج حتى تموت. سينفذ الجريح السوري ما طلب منه، وسينتظر في الخارج، وسيموت على نحو بطيء وعادي.
شكراً للحكومة اللبنانية، وشكراً لوائل ابو فاعور ولنجيب ميقاتي.
اما “حزب الله” وحركة “أمل”، فعلينا ان لا ننسى ان حكومتهم أوقفت علاج الجرحى السوريين في ذكرى حرب تموز، تلك الحرب التي قالوا بعدها: “شكراً قطر”.