المفاوضات الإيرانية-الأميركية مستمرة لكن ما بعد 24 نوفمبر أصعب
أسعد حيدر/المستقبل/11.11.14
سواء نجحت مفاوضات عُمان بين الايرانيين والأميركيين، أم فشلت، فإن جسور الحوار ستبقى قائمة. لا يمكن تدمير جهود ضخمة بذلت، للعبور من مرحلة العداء الشامل الى مرحلة التفهم والخطوات الاختبارية المتبادلة، لأن الاتفاق لم يقع في الموعد المحدد. لا توجد في مفاوضات بحجم ما جرى ويجري بين واشنطن وطهران، مواعيد مقدسة. ما يؤكد ذلك أن العاصمتين بحاجة فعلية للتفهم والتفاهم. العالم يتغيّر، من الطبيعي جداً، أن تتغير طبيعة العداوات والتحالفات. لكن لكل تعديل أو تغيير ثمنه. السؤال هل الطرفان مستعدان لدفع الثمن؟
بعيداً عن العقد التقنية المرتبطة بطبيعة البرنامج النووي الايراني نفسه. السؤال الأساسي يدور حول الطبيعة السلمية أو العسكرية للمشروع الايراني، وكيفية الثقة والتأكد الجازم بتعهد الطرف الايراني. أما العقدة الكبيرة والتي تكاد مثل قمة جبل الجليد التي تخفي الجبل في الأعماق فهي العقوبات. طهران تريد إلغاء واشنطن للعقوبات الدولية وأساساً الأميركية منها، فوراً دون تردد ودون ربطها بأي مطلب. واشنطن تريد إلغاء العقوبات بعمليات بطيئة جداً. طهران بحاجة ماسة لمثل هذا القرار، حتى يتوقف اطلاق «السهام»، على اقتصادها الذي هو «عقدة أخيل» في «جسمها« التي تعتبرها – وفي هذا شيء كبير من الحقيقة والواقع عملية مستمرة لإسقاط النظام بالنقاط عبر حرب استنزاف واسعة. واشنطن لا ترغب برفع العقوبات فوراً، حتى يبقى النظام الايراني تحت المراقبة الطويلة الأجل، وفي الوقت نفسه لتستمر عملية ليّ «اليد» الايرانية، لأخذ تنازلات ضرورية أو ملحّة أو منتجة من القيادة الايرانية تبعاً لقاعدة حماية الشعب والنظام معاً.
كل ذلك لا يعني أن 24 نوفمبر ليس موعداً مهماً وحتى خطراً. سيجد الأميركيون والايرانيون اسباباً لتحقيق اختراق يبرر تمديد فترة المفاوضات. ولكن ما قبل 24 نوفمبر ليس كما بعده. أصبح الطرفان الأوبامي والخامنئي مقيدين بالتركيبة السياسية الداخلية. وقد يكون المرشد آية الله علي خامنئي أكثر حرية، لأن الدولة الايرانية تاريخياً وخصوصاً في مرحلة الولي الفقيه شديدة المركزية. حتى لو صدرت مواقف أو توجيهات معارضة قاسية، فإن القرار النهائي يبقى بيده. في واشنطن، صلاحيات رئيس الجمهورية واسعة يمكنه من التعامل ببرودة مع قرارات الكونغرس خصوصاً إذا كانت تنقض مواقفه وقراره. لكن الرئيس باراك أوباما لا يمكنه بسهولة أن يقول لمعارضة الكونغرس القوية: «وصلتني رسالتكم. شكراً لكم». البديل لكلمة شكراً، اثباته أنه لا يستسلم طلباً للاتفاق. اذن المفاوضات بعد 24 نوفمبر ستكون أصعب وأكثر تدقيقاً.
تصعيد المواقف في المفاوضات، لن يمر ميدانياً بسلام. ما يعزز ذلك أن قاعدة الخلاف هي: «هل يكون الاتفاق الاقليمي قبل أو بعد الاتفاق النووي«. طهران تريده بعد رفع العقوبات والاتفاق، لتفاوض بحرية وقوة. واشنطن تؤكد على الاقليمي والنووي معاً. حتى 24 نوفمبر كان الحوار بين طهران وواشنطن مع ضغوط داخلية محدودة، فيما بعد 24 نوفمبر ستكون فاعلة أو مؤثرة في مسار المفاوضات. أوباما، كان يملك الأغلبية وخامنئي وضع خطوطاً حمراء للمفاوضين والمعارضين لا يمكن كسرها، لكن ذلك لم يحل دون تصعيد المحافظين المتشددين لعرقلة أي اتفاق يمنح الرئيس روحاني والمعتدلين نقاطاً اضافية تجعلهم يربحون الانتخابات القادمة. الآن أوباما عليه التعامل مع أغلبية في الكونغرس معارضة له، ولطبيعة الاتفاق النووي مع إيران. المعارضة «الجمهورية« الأميركية تريد تسجيل انتصار حقيقي لتكسب الانتخابات الرئاسية القادمة. المأزق نفسه في طهران وواشنطن. الرئيسان أوباما وروحاني، يعانيان مواجهة المعارضة لهما. مأزق روحاني أكبر، لأنه سيواجه استحقاقاً تشريعياً أولاً ورئاسياً ثانياً. أما أوباما فمن واجبه انقاذ حزبه الديمقراطي من الاستحقاقات القادمة فقط.
في جميع الأحوال، التسديد في واشنطن وطهران و»اللعب» الدموي في الشرق. منذ الآن يقول أوباما للإيرانيين لا تعبثوا معي في العراق»، لكن أوباما لم يقل شيئاً عن سوريا. لذلك الحرب مفتوحة بلا حساب للخسائر.