طعن عون في القانون يسحبه من السباق الرئاسي التمديد جنّب البلاد المجهول والبحث عن الرئيس التوافقي بدأ
سابين عويس/النهار/10 تشرين الثاني 2014
تم التمديد للمجلس النيابي، لكن البلاد لم تخرج بعد من تداعياته، وخصوصاً أنه لم يفتح الأفق على حركة سياسية واعدة على محوري الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب، من شأنها أن تحيي الأمل بإمكان تقصير الولاية الممددة وإنتخاب رئيس جديد.
تعي القوى السياسية التي عملت على التمديد أن هذا الخيار كان شراً لا بد منه، ليس لخشيتها النتائج المحتملة على رصيدها في المجلس النيابي فحسب، رغم أن البعض منها مثل التحالف الشيعي كان ضامنا الفوز بغالبية مقاعده. لكنه لم يكن مطمئناً الى المقاعد التي سيفوز بها حليفه المسيحي بقيادة رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشال عون، ولكن لإدراكها أنه في ظل الظروف الأمنية المشتعلة تطرفا وارهابا مذهبياً في الداخل كما في الإقليم، تتجه البلاد الى قفزة في المجهول في ما لو مضت في خيار إجراء الانتخابات النيابية.
فالتمديد بحسب قراءة الاوساط السياسية المتابعة، قد إستبعد هذه القفزة التي كان من شأنها، لو أجريت الانتخابات ولم ينجح المجلس المنتخب في انتخاب رئيس له على قاعدة ربط هذا الانتخاب بإنتخاب رئيس للجمهورية، ان تؤدي الى تفريغ رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي من شاغليهما، فيما تتحول حكومة الرئيس تمام سلام الى حكومة تصريف أعمال.
والواقع ان التوافق على التمديد بين القوى السياسية التي سعت له، جاء نتيجة بداية تقارب في ما بينها على ضرورة تلافي المجهول. ويأتي في مقدم هؤلاء فريق الثامن من آذار.
صحيح أن “حزب الله” اعلن موقفه بالسير الى جانب الرئيس نبيه بري في التمديد او الانتخابات، لكنه لم يتخذ الموقف نفسه من حليفه ميشال عون، بل خذله عندما نزل الى المجلس وصوّت الى جانب التمديد.
ومعلوم أن الحزب فصل بين الاستحقاقين النيابي والرئاسي. ففي حين تخلى عن عون في التمديد، تمسك به في الرئاسة، وذلك عندما سماه للمرة الاولى مرشحا لقوى ٨ آذار.
حتى حلفاء عون المسيحيون كان لهم الموقف عينه، إذ مضى “تيار المردة” والطاشناق في الخيار عينه، فيما ذهبت “القوات اللبنانية” خلافاً لاقتناعاتها، الى جانب حليفها “تيار المستقبل” انطلاقا من الخوف من الانزلاق في المجهول.
ولعل أسوأ ما في رفض زعيم التيار البرتقالي للتمديد انه لم يتزامن مع أي إجراء عملي يعبر عن هذا الرفض او يقدم أي مشروع بديل.
أما عزمه على الطعن في القانون فلا يشكل بالنسبة الى الوسط السياسي خطوة كافية إذا لم تقترن مع تخلي نواب “تكتل التغيير والإصلاح” عن مقاعدهم النيابية ورواتبهم، كإجراء عملاني يعكس عدم اعترافهم بالمجلس الممدد له.
وفي رأي الاوساط السياسية المتابعة، ان عون أحرج نفسه عندما خرج عن التفاهم السياسي المسبق وقرر معارضة التمديد، مشيرة الى انه سيضطر الى دفع ثمن ذلك من رصيده الرئاسي.
فكيف للرجل ان يترشح أمام مجلس طعن بشرعيته؟
وكيف له ان يقدم نفسه مرشحا توافقياً بعدما دفع “حزب الله” الى تسميته مرشحا لقوى ٨ آذار؟ وليس خافياً ان الحزب فعل ذلك تعويضاً لعون مقابل التخلي عنه في مسألة التمديد.
وكيف له ان يكون توافقيا وهو على خلاف مع نصف المسيحيين الممثلين بأحزاب وتيارات أخرى؟
لا شك في أن موقف عون سهّل من حيث لا يدري إرساء معادلة جديدة في مشهد الاستحقاق الرئاسي، إذ أتاح لـ”حزب الله” ان يكون في حلٍ من هذا الترشيح بعدما خرج اسم عون عن “هدفه” التوافقي.
وتتوقع الاوساط المتابعة ان تنطلق الحركة السياسية اعتبارا من اليوم، على قاعدة تفاهم مرتكز على ثلاث ثوابت ستكون محور الاتصالات:
– ان التمديد يجب ان يكون خطوة على طريق إنجاز الاستحقاق الرئاسي.
– ان المؤشرات الخارجية، ولا سيما التقاطع الإيراني – السعودي، إلى دعم الجيش توحي إمكان تحقيق تقدم وان بطيء على صعيد انتخاب رئيس جديد
– تُعزّز فرص الرئيس التوافقي بعد خروج المرشحين الحاليين للرئاسة سمير جعجع وميشال عون من السباق.