• الفئة الأولى، أي الخبثاء، وهي تضم باقة من النواب المسيحيين ممن يدركون جيداً أن التمديد لمجلس النواب شرّ لا بد منه لتجنب الفراغ شبه المؤكد و”أبغض الحلال في الديموقراطية” بحسب تعبير رئيس مجلس النواب نبيه بري، وإنه لمن دواعي أسفي أن أكون مع مقاربة “الإستيذ” هذه المرة. كان هؤلاء الخبثاء يعلمون مسبقاً، أن الموانع الحائلة دون إجراء الانتخابات النيابية تتخطى هذه المرة القانون المعمول به وحسابات الربح والخسارة في هذه الدائرة أو تلك، بل كانوا متأكدين من حتمية التمديد فقرروا الاعتراض ليس لإسقاطه، بل كي يظهروا أمام قواعدهم الشعبية أنهم مبدئيون، (وبعض المبدئيين تيوسٌ في العناد)، وأنهم ممن لا يتقلّبون في مواقفهم، وأنهم الأحرص من سواهم على المصلحة الوطنية، وأنهم حماة الدستور، وأنهم الضمير الحي…ألخ. أتى اعتراضهم، حضوراً ومقاطعة للجلسة، ليتكامل مع اعتراض الغاضبين من مجموعات “العراك” المدني من جهة ومع النواب المزايدين مسيحياً من جهة ثانية. يا ملكوت السماوات والأرض ما أشد خبثهم. • الفئة الثانية تضم نجوم الغوغاء، ومن مترادفات الغوغاء الضَّجَّةُ والفوضى. منذ ربع قرن يضجون. يجعجعون. يمطّون الشعارت الخادعة يبيعون الناس شعارات وطروحات وأحلاماً ونظافة كف ووطنيات ونظريات واجتهادات. هم في حقيقة الأمر واحد بجموع كثيرة. مايسترو يدير تياراً. جنرال يقود أمة.
قائد جموح طموح مسكون بهاجس القوة الشعبية الفائضة وهدفه الوحيد أن يحكم بأي ثمن. إذا كان التعطيل يعزز فرص وصوله يعطّل. إذا كان تحريك غرائز الجمهور الحبيب (استرجاع حقوق المسيحيين، المناصفة الحقيقية…) يؤدي إلى النتيجة نفسها يحرّكها. إذا كان التملق للخصوم يفتح نافذة أمل يتملّق. حتماً لو وَجد الجنرال في التمديد بصيص أمل لتولّي الحكم لوجد الحجة المقنعة ليمدد. فعل في الماضي أسوأ. حل الميليشيات وهو عاجز عن حل شبكة كلمات متقاطعة. وحلّ مجلس النواب وكان في وقتها عاجزاً عن إجراء انتخابات في جزء من قضاء المتن الشمالي. أحسن ما لدى الغوغائيين ألسنة قاطعة كالمناشير ولغة شعبوية وخصم سياسي يلقون عليه فشل رهاناتهم وخياراتهم وحساباتهم وتحالفاتهم.
الديماغوجي بركان ضد التمديد. وهناك في أحد بلاد الاغتراب بركان آخر يقدم صنوفاً من حمم الخطابة واستنهاض الهمم.
• الفئة الثالثة المعارضة التمديد ومفاعيله، تضم البراءة بعينها. مبادرون أنقياء من المجتمع الأهلي.
سلاحهم الشعارات (النواب حرامية، ثم حرامية ونص) والبيض والبندورة وأعلام لبنان والإعلام التلفزيوني الحليف، ويساندهم في المعركة رجال وستات قانون يرون في التمديد جريمة كبرى، والتمديد بأي حال لا يُدافع عنه سوى بوصفه مخالفة تنقذ لبنان من الفراغ والجنون الكامل. نزل الأبرياء الأنقياء إلى الساح وحولوا الحراك إلى عراك علّهم يحظون بهراوة أو بكعب بندقية تجعل منهم أبطال حريات. سمعت في إحدى نشرات الأربعاء سيدة فاضلة تقول: يحلّوا عنا بقا. لو عذبت نفسها وقرأت أسماء المرشحين الـ 514 للانتخابات المُغتالة لعرفت أننا لنوابنا ولنوابنا راجعون. “انطبل” رأسي بالغوغاء والخبثاء والأنقياء . وأنتم؟