هبة إيرانية للجيش أم لحزب نصر الله؟
محمد سلام/الخميس 23 تشرين الأول 2014
تعرف إيران جيداً أن قبول الهبة التي تعرضها ليس من صلاحية الجيش. الجيش لا صلاحية لدية لقبول أو رفض أي هبة. الصلاحية هي بيد الحكومة حصراً، وصلاحية الجيش محصورة بتنفيذ ما تقرره الحكومة. تدرك إيران جيداً أن الجيش ليس سلطة، بل هو إدارة تنفذ قرارات السلطة، التي هي الحكومة والمجلس النيابي. لذلك تسعى، عبر أدواتها السياسية في لبنان، إلى تكون “سليطة” شبيهة بسليطة أربيل لقبول هبتها، علماً بأن لبنان، رسمياً على الأقل، هو دولة، فيما أربيل هي عاصمة منطقة حكم ذاتي في دولة العراق إسمها كردستان. وتعلم إيران علم اليقين أن لبنان ليس بحاجة إلى أسلحتها، بل هو بحاجة إلى أسلحة “نوعية” جديدة-متطورة تناسب المهمة الجديدة، غير التقليدية، لجيشه التي هي أمنية-رصدية في غالبيتها، وليست عسكرية بالمفهوم الكلاسيكي. وتعلم إيران جيداً أن لبنان يحصل على مثل هذه الأسلحة من دول الغرب، أميركا وفرنسا وغيرها، وهو ليس بحاجة إلى سلاحها.
وتعلم إيران أن لبنان لا يستطيع أن يقبل “هبتها” لأنه بذلك سيخالف قرارات الحظر الدولية المفروضة على إيران، وسيخسر ما يأتيه من سلاح، وغير سلاح، عبر الطرق الشرعية القانونية. ولكن، لماذا تريد إيران أن تهب لبنان سلاحاً، تعلم هي أنه لا يحتاجه، ولا يريده، وليس قادراً على قبوله؟؟ لأنها لا تريد أن تقدم هبة للبنان، بل لحزبها الإرهابي المسلح الذي بدأت مخازنة تنضب منذ قطع تنظيم الدولة الإسلامية طرق إمداده البرية عبر العراق وسوريا. إيران تريد أن تستخدم لبنان مخزناً لسلاحها، كي ينقضّ عليه حزبها ويضع يده عليه في مخازنه عندما يحين وقت تنفيذ مهمة كشف القناع وإحتلال البلد علناً، تماماً كما إستولى الحوثيون في اليمن على أسلحة “الدولة” وقواها. وقد يسأل البعض: ألا يستطيع حزب إيران الإرهابي المسلح الإستيلاء على أسلحة الجيش اللبناني غير الإيرانية المنشأ من مخازن الجيش إذا أراد ذلك؟؟
الجواب: كلا. لأن أسلحة الجيش هي من مصادر غربية، وقد سلّمت إلى لبنان مقرونة بشرط إلزامي يمنع تحويلها إلى حزب حسن نصر الله وأمثاله، لذلك فإن من صلاحية دول منشأ السلاح أن تأمر سلاحها الجوي بتمدير مخازن هذا السلاح لحظة يتبين لها أن طرفاً محظوراً يريد الإستيلاء عليه. هذه لم تحصل في اليمن، غير السعيد، لأنه منشأ سلاحه روسي، وروسيا تدعم إيران.
لكل ذلك، لا تريد إيران تقديم هبة عسكرية للبنان، بل تريد تخزين سلاح في مستودعات لبنان لحساب حزبها الإرهابي بقيادة حسن نصر الله. وكان لافتاً ومعبّراً ما نشرته صحيفة الأخبار اليوم، بغض النظر عن صحته، من أن “الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، استقبل قبل أسابيع قائد الجيش العماد جان قهوجي، وبحث معه في المواضيع كافة، وأكد له استعداد المقاومة للدفاع عن الحدود اللبنانية جنوباً وشمالاً وشرقاً إلى جانب الجيش. وكرر أمامه أن الحزب يدعم ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.”
وكان لافتاً أكثر وأكثر، ومثيراً لسيل من التساؤلات، ما نقلته صحيفة النهار عن وزير الداخلية نهاد المشنوق إذ قال: “أنا معني بالحدود وبكل أرض لبنانية كما انني معني بأمن كل اللبنانيين وأمانهم”. وأضاف: “ان الوضع الامني والسياسي في البلاد يحتمل التشاور حول مشاركة حزب الله في الدفاع عن الحدود وان يكون موضع نقاش وربما اجماع بين الاطراف اللبنانيين”.!! هل يبشّر المشنوق بإجماع حكومة المصلحة على “مشاركة حزب الله في الدفاع عن الحدود” في عكار والبقاع الشمالي والبقاع الشرقي؟
هل تريد حكومة المصلحة إنقاذ حزب نصر الله من هزيمته “وحيداً” في بريتال؟ هل تريد حكومة المصلحة أن تقول للبنانيين: “سأرسل أولادكم إلى الحرب ليموتوا دفاعاً عن حزب إيران الذي يحتل الأرض اللبنانية، ويخطف مواطنيها، ويقتل قادتها؟؟ هل يريد المشنوق أن “يقونن” مطالبة قوى 14 آذار بتوسيع مفاعيل القرار الأممي 1701 ليشمل حدودنا مع سوريا بحيث ينفّذ شرقاً وشمالاً، كما ينفّذ جنوباً، أي بالسماح لحزب إيران بخرقه ميدانياً عندما يشاء؟ هل قرر “لبنان-الدولة” أن ينتحر لحساب إيران وحزبها؟ من يستطيع أن يقول: كلا؟