المشنوق يعترف: نحن صحوات والمستقبل لا يملك قراره عبدو شامي/21 تشرين الأول/14
“نرفض تحويلنا الى صحوات لبنانية على غرار الصحوات العراقية متخصصين في فرض الأمن على قسم من اللبنانيين فيما القسم الآخر ينعم بالحصانة الحزبية… إن تعثّر الخطة الأمنية يعود لأسباب سياسية… ماذا لو وضع حزب الله امكاناته بتصرف الدولة بدل التفرّد بالقرار، فهل كان وضعنا أفضل أم أسوأ؟”. التوقيع: وزير الداخلية نهاد المشنوق 18/10/2014.
هجوم مفاجئ وغير مسبوق من الوزير الذي لطالما داهن “حزب الإرهاب المنظم” وجامله الى حد الانبطاح منذ أول يوم تولى فيه زمام وزارته؛ فمَن تعامل مع هذا الكلام بشعبوية وسطحية وسذاجة ربما اعتبر أن “تيار المستقبل” عبْر هذا الوزير “القبضاي” انتفض في وجه “حزب الإرهاب المنظم” فعبّر عن عن الأزمة الحقيقية التي يعانيها المجتمع السني اللبناني جرّاء الاستكبار والاضطهاد الذي يمارسه ضده الحزب الإرهابي بالتواطؤ مع بعض الأجهزة الأمنية. ومَن كان أكثر وعيًا وتعمُّقًا، ربما وضع هذا الكلام في خانة تأنيب الضمير وعُقدة الذنب خصوصًا أن المشنوق ألقى خطابه في الذكرى الثانية لاغتيال اللواء”وسام الحسن”، فكأنه بشكل أو بآخر ومن خلال رفع النبرة يعتذر من اللواء الحسن على تكريمه قاتليه من خلال إجلاسهم مكانه في اجتماع أمني رسمي آخى فيه “المستقبل” بين الشرعية والإرهاب واغتال الشهيد مرتَين.
بالنسبة إلينا فإننا لا نوافق التحليل الأول لأن الهوّة بين “المستقبل” وبين ما يشعر به ويعاني منه مجتمعه السني بعيدة وعميقة جدًا والتيار لن يجرؤ على التعبير عن وجع بيئته لأنه يخجل من ذكر طائفته حفاظًا على علمانيته؛ كما لا نوافق التحليل الثاني (وإن كنّا مُفترضيه) فالسياسة في لبنان في الغالب لا تعترف بالآداب ولا الأخلاقيات ولا مكان فيها لتأنيب الضمير، ولو كان “المستقبل” يشعر بعقدة الذنب فعلا لكان اعتذاره من الشهيد “رفيق الحريري” أولى من اعتذاره من الشهيد “وسام الحسن” ولن نهدر حبرنا على التذكير بوقائع زيارة “سعد الحريري” دمشق عام 2010 وعزائم “السحور” والنزهات الثناية الودية التي قام بها بسيارة المجرم “بشار الأسد”، والاعتراف بوجود “شهود زور أساؤوا الى العلاقة مع سوريا”.
الموضوع بصراحة وببساطة هو انعكاس “لبناني” لصدى التوتر السعودي-الإيراني الذي طرأ في 13/10/2014 مع انتقاد وزير الخارجية “سعود الفيصل” إيران بشدّة ودعوته إياها الى “سحب قواتها المحتلة من سوريا وكذلك في العراق واليمن” معتبرًا انه في كثير من النزاعات إيران جزء من المشكلة وليست جزءًا من الحل”، وقد تضاعفت حدّة التوتر بين البلدين في 15/10/2014 على خلفية حكم القضاء السعودي بالإعدام على الشيخ السعودي الشيعي “نمر النمر”، هذا المفتِن الذي حاول إثارة الفتنة في المملكة على غرار ما يفعله كل يوم “نصر الله” وجوقته ومرتزقته في لبنان و”الحوثي” في اليمن غيرَ أن لا دول هنا تحاسِب! وإذا عرفنا دوافع “عاصفة” المشنوق وأنها لا تتعدى “فنجان السعودية” ماذا تصبح مدلولات كلامه؟
باختصار لقد أقرّ “المشنوق” أوّلاً بتصريحه هذا شاء أم أبى أنه مارس فعلاً وحقيقة دور “الصحوات” لصالح “حزب الإرهاب المنظم” لأن كلامه لا يتناول حادثة يعينها إنما هو بمثابة تقييم لعمله في وزارته منذ توليه حقيبتها، وكفى بذلك عارًا عليه وعلى تياره. واعترف المشنوق ثانيًا أن “تيار المستقبل” لا يملك قراره بل هو خاضع للإملاءات السعودية بالكامل لا يحيد عنها قيد أنملة، فعندما تأتيه الأوامر “الملكية” بالانبطاح ينقلب على تعهداته ووعوده فورًا وفجأة كيوم إعلان “الحريري” ومن “لاهاي” عقب الجلسة الافتتاحية المدوية للمحكمة الدولية بما ترمز وتمثل عن موافقته على الجلوس مع الحزب في حكومة ائتلافية… واليوم في سياق تلك “الفجائية” الحريرية ذاتها، ها قد وصلت أوامر التصعيد الكلامي فبادر المشنوق بمهاجمة الحزب الإرهابي الذي قدّم له الخدمات “الصحوية” الجليلة بكل إخلاص طيلة الفترة الماضية ولا يزال.
قلنا ذلك في السابق ونكرره اليوم، لا قيامة لقوى 14آذار ولا عودة لروحية واندفاعة وصفاء “ثورة الأرز” إلا بتقوية خاصرتها الرخوة ونقطة ضعفها، أي بتبني “الحريري” شعار “لبنان أولاً” قولا وفعلا وتخليه بالتالي عن شعاره المضمَر “السعودية أولاً” المثبت والموثق بعشرات الوقائع منذ عام 2005، فبالتبعية وتسليم القرار للخارج أيًا كان هذا الخارج لن نستطيع أن نبني بلد الـ 10452 كلم2 الذي نحلم فيه، وإلا فليتَ “الحريري” يستطيع الالتزام بتصريحه الأخير “لو حصلت الانتخابات النيابية قبل الرئاسية فلن يشارك فيها تيار المستقبل” على الأقل يكون بذلك أسدى خدمة عظيمة لـ14آذار عبر تحرير قرارها بإتاحته الفرصة لنواب غير مُستزلمين للخارج أن يمثلوا الشارع السني ويعبّروا عن بيئتهم بكل فخر واعتزاز وبوطنية عالية دائمة شاء السعودية أم أبت اختفلت مع إيران أم اتفقت.