المحامي عبد الحميد الاحدب/هل ظاهرة داعش شواذ؟

805

هل ظاهرة داعش شواذ؟
 المحامي عبد الحميد الاحدب

17 تشرين الأول/14

لماذا ليس لدينا نحن المسلمين ما نقدّمه الى العالم والإنسانية وإلى بقية الطوائف هذه الأيام سوى القتل والدماء؟ هذا ما سأله الكاتب الكويتي فؤاد الهاشم في الصحافة الكويتية.

راجعوا التاريخ وانظروا إلى أحوال العالم والطوائف، هل تجدون أتباع دين أو مذهب في كل العالم يعتقدون أنهم سيحصلون على النعيم والجنة إذا قتلوا عشرات الأبرياء من الرجال والنساء والأطفال، غير المسلمين وحتى المسلمين؟

هل سمعتم عن يهودي أو مسيحي أو بوذي أو هندوسي أو ملحد، أو غير ذلك من الأديان، قام بعملية تفجير انتحارية لقتل مصلين في مسجد أو كنيسة أو معبد؟

هل هناك طائفة في العالم غير الاسلام تؤمن بأن قتل الناس بشكل جماعي، الفقراء والنساء والأطفال، هو فعل من يرجو تقرباً الى الله ورغبة في الجنة؟

هل هناك في هذا العالم من تتشابه أفعاله مع ما يفعله المسلمون تقرباً إلى ربهم الظالم المجرم؟!

رجاء لا تقولوا لي إنّ هؤلاء شواذ لا يمثلون الاسلام. فالشواذ كلمة تطلق على ظاهرة خاصة لا على عشرات الآلاف من الانتحاريين، ومن ورائهم مئات الآلاف من الأعوان، ومن خلفهم ملايين المؤيدين والقائلين إنهم (مجاهدون) و(شهداء) وثوار وبعدهم عشرات الملايين من الراضين المبرِّرين.

الشواذ في العادة يكون أهله معزولين من مجتمعهم مرفوضين مطرودين، في حين ما نلاحظه هو العكس تماماً فهم يتصدرون المشهد الحياتي بيننا، لذا فهؤلاء ليسوا شواذاً، بل ظاهرة عامة عند المسلمين.

هل رأيتم تحركاً من زعماء أو شيوخ من المسلمين لمحاصرة هذه الظاهرة، و البحث في العيوب والخلل في الفكر الاسلامي الذي أوصل أبناء الطائفة الى هذا “الشذوذ”؟

العالم شرقاً وغرباً يئن من الإرهاب (الاسلامي) فمن قطع رؤوس القرويين المسيحيين في الفيلبين الى قطع رؤوس تلميذات المدارس بيد أتباع “أبو سياف”، الى قتل السياح في اندونيسيا الى تفجيرات الهند التي تستهدف الأبرياء، الى تفجيرات المساجد الشيعية والحسينيات في باكستان، الى مذابح مزار الشريف التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، الى تفجيرات شرم الشيخ وسيناء، الى مذابح الجزائر المروعة في التسعينات التي ذهب ضحيتها مئات آلاف الجزائريين العزل، الى التفجيرات التي تستهدف المدنيين في مدن أوروبا وأميركا، الى الهجوم الارهابي على نيويورك وواشنطن، الى ذبح الصحافيين امام شاشات التلفزيون على وقع صيحات الله اكبر، الى جرائم “بوكو حرام” التي يندى لها الجبين… والقائمة تطول وتطول، و ليس آخرها المذبحة التي لا تتوقف منذ ١٢ سنة في العراق والتي تستهدف الجميع من شيعة وأكراد ومسيحيين والايزيديين والتركمان وحتى الطير والشجر والحجر.

لماذا هذا الانحدار الى الزوال؟ لماذا؟

فأيام عمر وأبو بكر وعثمان وعلي وأيام صلاح الدين لم يكن الاسلام… هو هذا الاسلام!

ماذا جرى… وكيف؟

لأنّ ثقافة الاسلام تغيرت صارت محصورة بـ(سيّد قطب) والحنبلية…

يصف ثقافتنا نزار قباني في قصيدة منعت من النشر، وهذا ضوء يلقي على العتمة التي أطاحت ثقافتنا الاسلامية… يقول نزار:

“ثقافتنا فقاقيع من الصابون والوحل

فما زالت بداخلنا رواسب من أبي جهل

نرجع آخر الليل، نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل

نمارسه خلال دقائق خمس بلا شوق ولا ذوق ولا ميل

ونرقد بعدها موتى، ونتركهنّ وسط النار، وسط الطين والوحل

قتيلات بلا قتل. بنصف الدرب نتركهن

قضينا العمر في المخدع

وجيش حريمنا معنا، وصكّ زواجنا معنا، وقلنا: الله قد شرّع.

ليالينا موزعة على زوجاتنا الأربع

هنا شفة، هنا ساق، هنا ظفر، هنا اصبع

وزوّرنا كلام الله بالشكل الذي ينفع، ولم نخجل بما نصنع!

عبثنا في قداسته، نسينا نبل غايته، ولم نذكر سوى المضجع”.

اذاً، بقي باب الاجتهاد مقفلاً والحنبلية وسيد قطب هما ركنا الثقافة الاسلامية، فإن “داعش” سيعيش قروناً طويلة، لأن البيئة الثقافية ستبقى حاضنة له.