قاسم سليماني الى الواجهة العراقية… الولي الفقيه يلعب أوراقه بوجه داعش و أميركا
سلام حرب / موقع 14 آذار
١٧ تشرين الاول ٢٠١٤
لطالما وصف الجنرال قاسم سليماني بأنّه توأم عماد مغنية الإيراني والذي حرص أن يقضي عشرات السنوات في الظلال بعيداً عن الإعلام والرأي العام، كي يعمل بهدوء في عمليات نقل الأسلحة وتمويل ميليشيات ايران في منطقة الشرق الأوسط. التطور الذي حصل مؤخراً هو الدفع بسليماني الى الأضواء إثراحتدام معركة النظام الايراني مع تنظيم الدولة “داعش”. فخلال الثمانية الماضية ظهر سليماني في الصور ووفق عشرات شهود العيان متنقلاً على خطوط الجبهات العراقية التي تحاول صد تقدم داعش: فمن على قمم جبال شمال العراق الى جانب شيوخ اليزيدية الذين كانوا يواجه شعبهم الإبادة، الى المصافحات مع مقاتلي البشمركة الأكراد الذين كانوا لوقت غير بعيد غير موثوقين أمنياً، الى المليشيات الشيعية العراقية بالطبع التي أشرف شخصياً على انشائها قبل وبعيد الاحتلال الأميركي للعراق ليظهر في الفيديو راقصاً معهم. الصور الأخيرة التي بثها التلفزيون الرسمي الايراني تعتبر من الصور النادرة لقائد ‘فيلق القدس” والتي ظهرت بوضوح خلال معركة أمرلي.
الدفع بقاسم سليماني الى الأضواء هو محاولة تظهير للدور الإيراني في الحرب على الإرهاب الداعشي. فطهران تحاول تهميش الحلمة الامريكية على داعش وتفرض وجودها في العراق من خلال مشاريع منفردة هناو هناك، وكل ذلك استباقاً لعملية قطف ثمار الانتصار قبل تحقيقه. الكشف عن تواجد قائد فيلق قدس في كردستان العراق وفي غيرها من المدن العراقية ما هو الا رسالة واضحة من طهران لكل أطراف النزاع في سوريا والعراق فحواها أنّ إيران متواجدة وبقوة في مناطق نفوذها. ومن خلال سليماني فإنّ خامنئي يلعب أهم اوراقه ولن يسمح لأي تغيير أن يمر عبر تدخل قوات التحالف دون موافقة إيران ضمن مجالها الحيوي. الخاكمنئي من خلال صورة سليماني الذي يصفه المرشد بأنّه شهيد حي ويتلقى اوامره منه مباشرة ، كان سبق له أن أعلن منذ سنتين أنَّ إيران تسيطر على العراق، ولبنان، وسوريا. وبالتالي، فإنّ، سليماني نفسه عليه ان يؤكد على ديمومة هذا الوجود الإيراني.
الإعلام الإيراني ينسب لوجود قاسم سليماني فضل صمود مدن العراق. فقد أعلن مستشار ممثل الولي الفقيه في الحرس الثوري الإيراني يدالله جواني في حوار مع قناة العالم الايرانية أنّ “ما حال دون سقوط بغداد هو وجود المساعدة التي قدمتها الجمهورية الإسلامية. القائد قاسم سليماني وجه معروف عالمياً، وهو من بقية أيام الدفاع المقدس (الحرب العراقية المفروضة على إيران)، وطريقته في القيادة هي نفسها أبان الدفاع المقدس، وكما كان مع غيره من القيادات الشهداء مثل خرازي وهمت وباكري وغيرهم حاضرين في الصف الأول والمقدمة، فإنه حاضر ميدانياً في مناطق العمليات وأثناء تحريرها. ” وقد ترافق هذا التصريح مع نشر اولى صور لسليماني في العراق. وتتابع البروباغندا الإيرانية حين يعلن قائد سلاح الجو الايراني، العميد امير علي حاجي زادة، ان اللواء قاسم سليماني استطاع مع 70 شخصا فقط ان يوقف تقدم تنظيم ‘داعش’ على اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق.
الادارة الأمريكية تعلم ان الدفع بسليماني بهذه الطريقة الى الحرب في العراق هو نقطة تلاقي يطمح لها الإيرانيون. فمرشد الثورة لا يعتزم الا طرح الجمهورية الاسلامية، كما فعل الخميني، من قبل إلا كحلّ مقبول للفوضى، وكحليف محتمل يعتمد عليه في أي وقت على الأرض. ولكن لا ينسى المسؤولون الاميركيون ان سليماني كان وراء مقتل مئات الامريكيين خلال فترى الاحتلال حين تم قنص جنود المارينز وتفجير عرباتهم المدرعة وقصف مواقعهم على يد الميليشيات الشيعية.
وما يزيد من تردد الأمريكيين في القبول بالتعاون مع سليماني ومليشياته الشيعية هي ما نسب من انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان قامت بها هذه المجموعات المسلحة بحق العراقيين السنة خلال الشهرين الماضيين من تعذيب وقتل واعدامات ميدانية. ففي الوقت الذي اطلقت خلاله النفير لقتال داعش، عمدت مليشيات ايران في العراق، التي تسير وفق اوامر قائد فيلق القدس أي سليماني، للتنكيل بالمواطنين السنة العراقيين مستفيدين من حالة الفوضى والغضب وذلك وفق وكالات أنباء غربية وروسية. وبالرغم من كل ما تقدم، فإنّ سليماني كان مهندس للقاءات السرية بين دبلوماسيين ايرانيين وأمريكيين في سويسرا خلال الفترة التي تلت 11 ايلول والتي قربت العمل الميداني بين الطرفين ضد طالبان في افغانستان باعتبارها عدو مشترك. كما حصل منذ 14 سنة، يجد الأمريكيون انفسهم جنباً الى جنب مع الإيرانيين في معركة ض عدو مشترك هو داعش. فهل تتحقق نبوءة هنري كيسنجر بأن تصبح “ايران الحليف الطبيعي للولايات المتحدة” ؟