علي حماده/لعبة البوكر في عين العرب وما بعدها

390

لعبة البوكر في عين العرب وما بعدها

علي حماده/النهار

09تشرين الأول 2014

كبيرة هي لعبة “البوكر” بين اللاعبين المؤثرين على مصير عين العرب (كوباني) ولا سيما بين اللاعبين الرئيسيين تركيا والولايات المتحدة، فكلا القوتين العظمى والاقليمية تناور لكسب اللعبة التي تناسبهما، بأقل التنازلات الممكنة. الاميركيون يريدون تدخلا تركيا داعما من الخطوط الخلفية يمنع سقوط عين العرب، وان اقترن بدخول محدود لقطعات الجيش التركي، لكنهم يرفضون الى الآن الاجندة التركية التي تشدد على الربط الآلي بين الحرب ضد “داعش” واسقاط نظام بشار الاسد، فضلا عن انهم اعلنوا البارحة بلسان الناطق باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) ان موضوع اقامة المنطقة العازلة غير مطروح في الوقت الحالي، وان المطروح هو عمليات عسكرية فقط. اما الطرف التركي الذي يناور من أجل جلب التحالف الدولي الى صف رؤيته، وانتزاع قرار بالمنطقة العازلة، والعمل بجدية على اسقاط نظام بشار الاسد فيمارس سياسة الانتظار الثقيل رافضا الرؤية الاميركية الضيقة للحرب ضد “داعش”. هذا لا يعني ان خيار الاميركيين يقضي بالابقاء على النظام في سوريا، حيث الخلاف ليس على النهاية بل على التوقيت، وخصوصا ان النظام يعاني حالة اهتراء متقدمة في كل مكان، في وقت يتكون شعور لدى العديد من المراقبين بأن المعارضة السورية على اختلاف فصائلها تنتعش مجددا.

وإذا كانت أنقره تصرّ على وضع خريطة طريق واضحة في وجه خريطة الطريق الاميركية الغامضة، فإن هذا الامر يستدعي موقفا عربياً جدياً يبدأ بالدخول في لعبة “البوكر” الكبيرة، عبر فتح قنوات التواصل الجدية مع الاتراك، كي لا يستفيد الايرانيون من تشتت القوى الداعمة للتغيير في سوريا. من هنا فإن صمت الدول العربية المعنية، وانكفاءها عن اللعبة غير منتج، بل ان نتائجه ستكون عكسية، باعتبار أن الاميركيين يوحون أنهم يتحدثون نيابة عنهم، وأنهم هم من يلعبون أوراقهم على طاولة “البوكر” الكبيرة في الاقليم. حان الوقت لكي يجلس العرب الى الطاولة فلا يقتصر دورهم على الاشتراك في الغارات الجوية في سوريا. ويقيننا ان تفعيل التواصل مع تركيا في هذه المرحلة بالتحديد يفوّت على الايرانيين فرصة استعادة المبادرة التي فقدوها في المرحلة الاخيرة.

كما أنه يقيد حركة الرئيس الاميركي بارك اوباما الذي يضع مسألة التفاوض حول النووي الايراني فوق كل اعتبار، بل انه يوحي أنه يراهن على صفقة تاريخية اميركية – ايرانية تذكر بتلك التي عقدها الرئيس السابق ريتشارد نيكسون مع الصين قبل اربعة عقود اثر زيارته التاريخية لبكين. ولعلّ أوباما يطمح الى أن يدخل التاريخ على انه الرئيس الاميركي الذي أنهى صراعاً مع إيران دام أكثر من خمسة وثلاثين عاما. في مطلق الاحوال تبدو هوامش المناورة ضيقة في لعبة “البوكر” حول عين العرب وما بعد عين العرب. المهم أن يجد داعمو الثورة السورية مساحة مشتركة يقفون فوقها لموازنة حيوية الايرانيين ومناورات الاميركيين