ماثيو ماكينيس/الرئيس الإيراني لا يزال رجل آية الله خامنئي

317

الرئيس الإيراني لا يزال رجل آية الله خامنئي

ماثيو ماكينيس/السياسة

28 أيلول/14

تحدث الرئيس الايراني حسن روحاني من على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة, فبعد عامين على ولايته الرئاسية, لا يزال كثيرون في الغرب يحدوهم الأمل انه سيدفع ايران نحو التحديث على الصعيد المحلي, وانه سيعتمد نهجا اقل تصادما مع الخارج. ينظر الى رورحاني على انه داهية ومعتدل, فهو يتولى الدفة وسط كتلة من المتشددين في طهران من جهة والمرشد الأعلى الراسخ علي خامنئي من جهة اخرى لكن هذه طريقة خاطئة لفهم روحاني ومن المرجح انها تعكس ما نتمناه من جانبنا. في مواجهة الأزمات الجسام والتحديات السياسية خلال العام الماضي وقف الرئيس بقوة في الوسط السياسي الايراني ملتزما ومرتبطا ارتباطا وثيقا مع خامنئي وهذا ينبغي ألا يكون مفاجئا فبعد انتخابات العام 2009 المضطربة وعبر الصراع السياسي الداخلي الذي ميز السنوات الأخيرة من ادارة محمود احمدي نجاد كان خامنئي ربما مسرورا لرؤية احد ممن يثق بهم يصعد الى الرئاسة في الواقع شارك روحاني المقرب من النظام منذ فترة طويلة عن كثب في البرنامج النووي في البلاد وساعد في تنفيذ حملة شرسة على احتجاجات طلابية كبيرة وقعت في العام 1999 .

في قضايا خطيرة مثل مواجهة “الدولة الاسلامية” تمكن روحاني ببراعة من ادارة ديبلوماسية الجمهورية الاسلامية وعلاقاتها العامة ففي مقابلة مع مراسل صحافي اميركي, وصف روحاني الضربات الجوية ضد “الدولة الاسلامية” يوم 22 سبتمبر الجاري بأنها غير قانونية وفي وقت سابق قال إنه رفض الائتلاق الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الاسلامية, واصفا ذلك بانه “سخيف” ثمة شكوك متوازنة, في ايران وفي الغرب, بان البعض في معسكر الرئيس كان يضغط من أجل توسيع نطاق التعاون مع واشنطن, وهذا الجهد من شأنه ان يأتي ضد معارضة المرشد الأعلى الايديولوجية العنيدة لاي تحول من هذا القبيل. لا تبدو قوة العلاقة بين خامنئي وروحاني اكثر وضوحا مما هي عليه في موضوع المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني عندما اشارت طهران العام الماضي انها مستعدة لجولة جديدة من المحادثات النووية, اطلق خامنئي بضعة تصريحات غير عادية عن “المرونة البطولية” التي ستكون مطلوبة من جانب ايران كان عليه ان يعد شعبه, وخصوصا نخب النظام – للمفاوضات العامة والتنازلات المحتملة للولايات المتحدة التي سيكون من الصعب هضمها, ومنذ ذلك الحين ظل دعم خامنئي لتأمين التوصل الى اتفاق شامل قويا وثابتا وهذا يكذب المخاوف من أن دعمه لروحاني كان ضعيفا تحت ضغط شديد من المحافظين في صفوف النظام.

ما اقنع خامنئي بأن الاتفاق النووي يستحق المتابعة – في الواقع, ان صفقة مواتية لطهران يمكن التوصل لها بالتأكيد كان ذلك اكثر من مجرد اقناع روحاني, كانت الضغوط الاقتصادية على ايران واضحة, خصوصا بعد ان فرضت اوروبا حظرا على النفط في العام 2012 لكن القضايا الحيوية الاخرى كانت ايضا موجودة على الساحة. التهديد المتزايد من جانب المتطرفين السنة, والصراع الطائفي الاقليمي الناجم عن الحرب في سورية اصبحا من اهم المشكلات الستراتيجية المهيمنة والمكلفة بالنسبة لايران وقد برز هذا التحدي بشكل واضح في العام 2014 مع صعود الدولة الاسلامية في الشام والعراق “داعش”. في الوقت نفسه, فان القيمة الردعية للسلاح النووي الايراني المحتمل اخذة في الانخفاض فالقدرات النووية عديمة الفائدة ضد الجهات الفاعلة غير الحكومية, كما ان قوة طهران الصاروخية والبحرية المتزايدة في الخليج العربي تقلص من الحاجة الملحة للخيار النووي. أما بالنسبة للولايات المتحدة فان ادارة الرئيس باراك اوباما, على ما يبدو, تحول موقفها فهي على استعداد الان لقبول قدر من تخصيب اليورانيوم الايراني, ويحتمل ان خامنئي لمس الاهمية التي يوليها الرئيس اوباما لفكرة التوصل الى اتفاق, وبالتالي فهو يتفهم رغبة الولايات المتحدة في الا يتجاوز الاتفاق, في ظل ظروف مناسبة الخطوط الحمر السابقة غير القابلة للتفاوض.

ربما الاهم من ذلك, ان ايران حققت بحلول العام 2013 مستوى من الكفاءة التقنية النووية التي لم تعد قادرة ان تتراجع عنها بسهولة, فبعد وصولها الى هذا الحد, يمكن لايران الان ان تتحدث عن التنازل عن بعض اليورانيوم المخصب, مع العلم ان لديها القدرة على انتاج المزيد منه وقد حان الوقت لايران لعقد صفقة مع الغرب. وبما ان المفاوضات تقدمت هذا العام, فبشكل لا يثير الدهشة اصبح حجر العثرة الحقيقي امام اي اتفاق واقعي مع الغرب البحث النووي والتنمية والبنية التحتية في ايران, اكثر من اليورانيوم المخصب او الرصد. ان اي ابطال لقدرة ايران وكفاءتها الفنية لابد ان يقوض الحافز الموجود عند خامنئ للدخول في محادثات جادة. لقد استمر خامنئي في دعم واضح لجهود روحاني المبذولة في سبيل التوصل الى اتفاق, رغم أن اية الله يشك في استعداد الولايات المتحدة وصدقها في هذا السياق. ان التهديد الذي تشكله الدولة الاسلامية, والتوقعات الاقتصادية القاتمة بالنسبة لايران تدفع للاستمرار في بذل الجهود للوصول الى حل وسط قابل للحياة, ولكن من المرجح ان الحل لن يأتي على حساب قدرة ايران التي اكتسبتها بشق الانفس, والتي تتطور على نحو متزايد من اجل تخصيب اليورانيم محليا, وهذا الامر يبقى صعبا للغاية بالنسبة للغرب.

ايا كان القرار من المحادثات في خريف هذا العام وكيفما تطورت المعركة ضد الدولة الاسلامية فان موقف روحاني مع خامنئي يتوقع بشكل مؤكد ان يبقى آمنا طالما ان الرئيس مبحر في الاصلاحات الاقتصادية الحرجة – بتخفيف العقوبات او من دون تخفيفها – وطالما انه يساعد في ادارة الازمات الاقليمية. واشنطن والقوى العالمية الاخرى ينبغي الا تعيش في اي اوهام, فروحاني في نهاية المطاف صنيعة هذا النظام , وعلى هذا النحو, سوف تهدف سياساته الداخلية وعلاقاته الديبلوماسية حتما الى الحفاظ على الجمهورية الاسلامية وليس تغييرها من الداخل. عن “ريال كلير وورلد” * الكاتب زميل مقيم في معهد أميركان انتربرايز والمقالة نشرت في “ريال كلير وورلد”