سمير منصور/بين الدعوة إلى احترام الدستور أو عقد جديد ماذا في الكلام السياسي في زمن التصعيد؟

350

بين الدعوة إلى احترام الدستور أو عقد جديد ماذا في الكلام السياسي في زمن التصعيد؟
سمير منصور /النهار

24 أيلول 2014

في ظل تفاقم الازمات سياسياً وأمنياً، تتصاعد، من حين الى آخر، اصوات سياسية وحزبية متعددة، منها ما يدعو للعودة الى الدستور والقانون، ومنها ما يذكّر بضرورة تطبيق وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف قبل نحو ربع قرن، ومنها ما يدعو الى عقد وطني جديد أو هيئة تأسيسية وما شابه، مما يعني دعوة الى تغيير الدستور او تعديله، وكل ذلك تحت عنوان كبير هو: كيف السبيل الى الخروج من الأزمة، بل من الأزمات التي تمتد من السياسة الى الأمن؟

لئن يكن الخلاف بين طرفي الاصطفاف السياسي قد بلغ ذروته على كل صعيد، فان من يعمل من اجل مصلحة الوطن – كما يدعي الجميع من دون استثناء – عليه ان يبحث في هذه المرحلة خصوصا، عن نقاط التلاقي والعناوين التي لا تشكل خلافا، وأولاها وقف اعتداءات المجموعات المسلحة التي ظهرت فجأة واستهدفت الجيش ولا تزال، وتحرض بأشكال مختلفة على الفتنة الطائفية والمذهبية، ولو كان الموقف اللبناني واحدا أقله في هذا الصدد – لما عجزت الدولة عن مواجهة أبشع عملية ابتزاز وإجرام، وهي خطف عدد من العسكريين وارتكاب جرائم قتل ثلاثة منهم، عدا عن استهداف مواقع الجيش. وما دامت عملية تحرير العسكريين لم تحصل بعد، فإن من يتحمل مسؤولية استمرار خطفهم، هو من يعرقل اطلاق مفاوضات جديّة على كل المستويات، ولا سيما مع جهات تمون على الخاطفين في ما يسمى “داعش” و”النصرة” وما شابه، وفي طليعة هذه الجهات، تركيا، المطلوب بالتأكيد حركة جدية، في موازاة اسقاط أي حجة قد يتذرع بها الخاطفون، ومنها التعجيل في محاكمة من عرفوا بـ”الاسلاميين” والموقوفين في سجن رومية منذ سنوات من دون محاكمة. ويرى مسؤول سابق ان شعار الجميع في هذه المرحلة يجب ان يكون: لا صوت يعلو فوق صوت العمل على اطلاق العسكريين، وليتوقف البعض عن اختراع البطولات الوهمية على حساب مصير العسكريين واعصاب امهاتهم وعائلاتهم.

وعن دعوة البعض الى عقد وطني جديد او هيئة تأسيسية، بين فترة واخرى، يقول مرجع سياسي مستقل واكب، وعن قرب، اجتماعات الطائف التي انبثق منها الدستور: قبل الحديث عن دستور جديد من خلال عبارات متعددة، فلننفذ بنود الدستور أولا. ويضرب مثلا: “الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية التي دعت اليها وثيقة الوفاق الوطني، انطلاقا من ان الطائفية كانت ولا تزال تشكل الآفة الكبرى في الحياة السياسية وسببا للانقسامات التي تفرق بين اللبنانيين ولا سيما في القضايا المصيرية والوطنية، ومنها الازمة التي تواجهها البلاد اليوم على خلفية تداعيات الحرب الدائرة في سوريا، ولان الطائفية والمذهبية، كانتا ولا تزالان تشكلان مصدر العصبيات المدمرة التي تهدد الوحدة الوطنية، والاداة التي طالما سخّرها المتآمرون على لبنان في تنفيذ مخططاتهم، وما يحصل في هذه المرحلة اكبر دليل. بعد ربع قرن على إقرار الدستور لم تشكل هذه الهيئة التي يقضي تشكيلها بالعمل منهجيا على تجاوز الحالة الطائفية السائدة في البلاد على مراحل. وكذلك نصت وثيقة الوفاق الوطني على استحداث مجلس الشيوخ المفترض ان يراعى فيه التوازن الطائفي المعهود، الى جانب مجلس نواب يكون تم انتخابه لاطائفياً. وبالطبع لم ينشأ مجلس الشيوخ لان مجلس النواب المشار اليه لم يولد بعد، واين نحن منه في ظل تصاعد الانقسامات طائفيا ومذهبيا وتباهي بعض “نواب الأمة” بعدم الحصول على صوت واحد من خارج الطائفة او المذهب! وللمناسبة، فان اتفاق الطائف نص على اعتماد المحافظات دوائر انتخابية بقصد الحرص على توسيع الدوائر وتنوعها، بحيث يكون خطاب المرشحين والنواب وطنيا لا طائفيا”…

وهل يعني ذلك ان العودة الى الدستور الآن، تعيد العسكريين المخطوفين وتوقف الحرب على لبنان وتبعده عن تداعيات الحرب السورية؟

يُجيب المرجع المذكور: “جوهر الدستور هو قيام الدولة، وفي ظل الشرذمة بين “الدويلات” عبثا نحاول، ولا مجال للتوصل الى الاستقرار في البلاد”.

وقد يبدو من السذاجة الحديث في هذا الزمن عن احترام الدستور والعودة الى احكامه وإعادة بناء المؤسسات بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت، او الدعوة الى قانون انتخاب يضمن سلامة الوحدة الوطنية… ولكن ما البديل؟ هل يدري المتحكّمون في مصائر الناس الى أين يأخذون البلد؟ وهل بين هؤلاء من لديه جرأة الاجابة عن هذا السؤال؟