رياح التغيير تسير عكس ما تشتهي الممانعة
علي الحسيني/المستقبل
18 أيلول/14
يشعر كل من النظامين الإيراني والسوري اليوم بالخطر الداهم الذي يتهددهما، فلا دور بارزاً في المنطقة لهما يمكن أن يلعباه بعدما سُحبت من تحتهما الكرسي التي كانا يديران من عليها بوصلة المنطقة وذلك لمصلحة التحالف الدولي الجديد المدعوم بدول الاعتدال السني لمحاربة تنظيم «داعش». لكن السؤال الأبرز والذي تخشاه قوى «الممانعة» الممتدة من إيران والعراق مروراً بسوريا ووصولاً الى لبنان، «أين يمكن أن تقف حدود الضربات على الإرهاب وهل ستأخذ في طريقها مواقع استراتيجية تابعة للنظام السوري؟».
ضباب كثيف يلف سماء المنطقة وسط تخوّف واضح للأنظمة الاستبدادية من أن تطالها رياح التغيير التي يمكن أن يُحدثها الإئتلاف الدولي الجديد للمنطقة بأسرها والذي أخرج من مهمته هذه كلاً من إيران والنظام السوري اللذين أوكلا مهمة إطلاق النار على هذا التحالف وعلى مؤتمر جدة تحديداً، حتى بدا وكأنهما مُدافع شرس عن الإرهاب بشكل عام وعن «داعش» بشكل خاص، ولذك يسأل البعض عن سبب هذا الخوف غير المبرر منطقياً طالما أن الغاية من الحراك الدولي القضاء على الإرهاب بكافة فروعه.
عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا اعتبر أن «خطوة التحالف الدولي لمواجهة خطر «داعش» هي خطوة متقدمة والجهد الدولي المبذول لوقف الإرهاب في المنطقة أمر مرحّب به وعلى لبنان الدولة أن لا تتردد في القيام بواجبها في هذا الخصوص. وهذه الخطوة يجب أن تنعكس ايجاباً علينا وهذا ما نأمله. أما الكلام عن أن «داعش» أصبح بيننا فهذا يعتبر مبالغة علماً أنه قد يكون هناك مؤيدون له لكننا لم نرَ أي تهديد مباشر في لبنان حتى الآن باستثناء ما حصل في عرسال من معارك وخطف العسكريين. أما محاولة التهويل الحاصلة من قبل إعلام قوى «8 آذار« فهي لتبرير الجرائم التي يرتكبها النظام السوري وتخويف المسيحيين وحشدهم خلف هذا النظام الظالم. هذا مع العلم أننا لم نرَ أي تهديد خصوصاً ضمن المناطق المسيحية ولم نسمع عن تحركات باتجاه أي منطقة لبنانية«.
ولجهة عدم إدخال إيران ضمن التحالف الدولي لمحاربة «داعش» رأى زهرا أن «هذه الخطوة تعطي التحالف مصداقية أكثر وبأنه يهدف فعلاً الى ضرب الإرهاب وليس التفتيش على صفقات وتسويات جانبية. والنظام السوري الغارق بأوهامه والذي يظن نفسه بعيد عما يحصل يمكن أن تصل ضربات التحالف لعدد من مواقعه خصوصاً إذا فكّر هذا النظام في الرد على الضربات التي ستوجه الى المنظمات الإرهابية داخل الأراضي السورية من خلال ادعائه حرصه على السيادة الوطنية وقد نشهد دعماً لهذا النظام البائد من حلفاء له لأنه وكما هو معروف فإن هدف هذه الجوقة بأكملها تبرير جرائم بشار الأسد».
ورأى في هجوم «حزب الله» المركز على التحالف الدولي حتى قبيل انطلاق عملياته بشكل رسمي «سبباً رئيسياً لعدم تقديم الحلف صك براءة للنظامين السوري والإيراني بمسؤولياتهم المباشرة عن دعم الإرهاب كأخوات لداعش وبالتالي ليس هو ما خطط له هذان النظامان بكل عملية انتاجهم سواء بالواسطة أو مباشرة للحركات التكفيرية والإرهابية مثل «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية«.
من جهته رأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب الآن عون أن «استنفار العالم كله لمواجهة عدو الإنسانية والحضارة وعدو كل الناس من دون استثناء مسيحيين أو مسلمين، أمر جيد وينال استحسان جميع الدول، وهذا أمر أساسي ومرحب به. لكن في الوقت عينه علينا أن نتنبه كي لا يتحول مشروع مقاومة هذا التنظيم الإرهابي الى أهداف سياسية ويخلق مشاكل إضافية في المنطقة وبشكل أوضح يجب أن يكون هذا التحالف في خدمة استقرار المنطقة وليس إشعالها»، مضيفاً: «ان هذا الجهد الذي يضم قوى وبلداناً قد لا تكون متفقة بين بعضها على كل شيء وهي بحالة خلاف ولكنها تتفق في موضوع «داعش» يجب أن يصب باتجاه واحد وهو ضرب هذا العدو بمعزل عن الملفات الأخرى أو الإشكاليات الموجودة بين هذه البلدان. ولهذا السبب يجب ألا تُستخدم هذه الحرب باتجاه غير عملية الانتهاء من «داعش» بالمعنى العسكري».
وتابع: «من الطبيعي أن يكون لبنان ضمن هذا التحالف في مواجهة «داعش» لأنه يعاني من إرهاب هذا التنظيم منذ فترة وبشكل أوضح فإن بلدنا يعاني من «داعش» بمختلف متفرعاتها من نهر البارد الى عبرا واليوم عرسال. ولهذا من الطبيعي أن يكون لبنان في طليعة الدول المكافحة للإرهاب وأن يكون على تنسيق مع أي جهة تحارب الإرهاب. في الوقت نفسه لا يمكن لنا أن نكون جزءاً من أي محور ولهذا يطالب لبنان بأن يكون هذا التحالف بغطاء من الأمم المتحدة من دون ان يستثني أحداً، وأن يكون فعلاً تحالف بين الأضداد لكن ضمن قواسم مشتركة لمواجهة الإرهاب. ولذلك فإن لبنان يتعاطى مع هذا الموضوع بشكل دقيق جداً ومتوازن لكي لا يذهب هذا الدعم باتجاهات أخرى».
وحول عدم إدخال إيران ضمن هذا التحالف وما إذا كان يمكن أن يؤثر على عمله، أوضح عون أن ما قاله «ينسحب على إيران وبدليل يمكن أن تكون على خلاف واختلاف مع العديد من الدول المنضوية ضمن هذا التحالف ولكن في الوقت نفسه تعاني من هذا العدو المشترك وبالتالي المطلوب أن تكون إيران شريكة في هذه المواجهة لا أن تكون خارج إطارها». وعن خوف البعض من استهداف التحالف الدولي للنظام السوري وتوجيه ضربات له اعتبر أن عنوان التحالف والمؤشرات الأولية لا توحي بهذا الأمر ولكن، لا استطيع الجزم بأنه لن يحصل وطبعاً أتمنى أن لا تدخل السياسة في المواجهة وأن تبقى حصرياً في موضوع «داعش» وأن يكون هناك مسار سياسي لحل باقي المشكلات سواء في سوريا أو في غير بلدان«.
أما عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش فقد اعتبر بداية أن «خطوة التحالف الدولي «لم تأتِ بشكل مبسط ولم تنشأ عن طريق الصدفة إنما هي نتاج جدلي على مدى الشهرين الماضيين بدأ بمنطق الدخول بتحالفات متجددة مع إيران واتباعها في المنطقة لمواجهة التطرف السني تركت نقزة عند الإدارات الدولية من هذا التوجه لأنه سيؤدي الى المزيد من التطرف واعتبار أن الإسلام السني هو المستهدف وإقصائه من خلال استهداف «داعش» عن طريق غير السني والتحالف اليوم أعاد تصويب البوصلة، وخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز كان مفصلياً حيث أدى الى إعادة تصويب الأمور والذهاب الى تحالف دولي ركنه الأساسي القوى السنية المعتدلة في المنطقة. واعتقد أن خارطة الطريق التي تتوضح شيئاً فشيئاً قد تؤدي الى بروز نظام إقليمي جديد لا تدخل فيه الانظمة الاستبدادية«. ورأى علوش أن «هجوم «الممانعة» على التحالف الدولي جاء على خلفية احباط الأمان الذي كان يتمتع به هذا الحلف فهؤلاء ومنذ التسعينات استخدموا منطق التحالف على الإرهاب السني الذي كانت تمثله «القاعدة» واليوم «داعش» بنجاح وأدى الى تعويم انفسهم إن لجهة مشروع ولاية الفقيه او النظام السوري وبعض الانظمة المتطرفة الاخرى. هؤلاء حاولوا ان يُعيدوا هذا السيناريو من جديد وكان أملهم ان تعود هذه المنظومة لتعوّم نفسها مجدداً لكن المتابعة والاستدراك من قِبَل الأنظمة السنّية المعتدلة أفشلا هذا المخطط، وبطبيعة الحال هم اليوم في حالة من الحرد لإقصائهم من هذا التحالف والذي سيُنبئ بنهاية منظمتهم التي اعتمدوا عليها لعقود من الزمن«.
وتابع: «بمجرد فشل منظومة «ولاية الفقيه» في دخول الحلف الجديد فإن ما تبقى من نظام بشار الأسد سوف يضطر للذهاب الى تسويات قد تكون مجدية، فأنا لا أنبئ بأن يكون دور بشار الاسد قد انتهى لأنني اعتقد ان المنطقة سوف تذهب باتجاه تسويات بعد انقشاع الرؤية لأن ما هو قائم الآن في سوريا الجزء الاكبر منه حرب اهلية ويجب على اي منظومة جديدة ان تحافظ على مكونات الشعب السوري بكل طوائفه. وأعتقد انه من الممكن ان يثور المجتمع العلوي في سوريا على الاسد وينبذه بعد فشله في حمايته لكن بالتأكيد فإن المنظومة القائمة على التسلط والإرهاب الذي ترعاه إيران وبشار الأسد قد اوشك على النهاية«. وعن التهديدات التي تتخوف منها جهات لبنانية محددة في حال دخوله في منظومة التحالف الدولي رأى ان «التهديد الوحيد يمكن ان ينتج عن «حزب الله» الذي يمكن ان يفتعل اي شيء في سبيل تعويم نفسه بعد الحرد لكننا عملياً نحن تحت إرهاب «ولاية الفقيه» منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتحت إرهاب منظمة التسلط منذ دخول النظام السوري الى لبنان. «حزب الله» هو تنظيم يقوم على استمرار واقع المواجهة والأجواء المتشنجة وأي حلول سوف تأتي الى المنطقة ستغير من طبيعة مهماته وبالتأكيد أن منظومة «ولاية الفقيه» قد تفككت منذ اليوم الأول لإعلان الثورة في سوريا».