حزب الإرهاب تكفيري أيضًا
عبدو شامي
23/8/2014
“بعد عودة الحريري، كيف سيتعاون الحريري ونصرالله لمواجهة الإرهاب”؟! سؤال مُذهل طرحته مذيعة مخضرمة على ضيفها عبر إذاعة تابعة لـ”رئيس مجلس الصحوات” سعد الحريري. أَوَصَلوا الى هذه الدرجة من السفالة في استخدام أساليب غسل الأدمغة لقلب المفاهيم وتغيير المسمَّيات واستغباء الجماهير والاستخفاف بعقول الناس ومحاولة محو ذاكرتهم؟!
“مواجهة الإرهاب ومحاربة التكفيريين”، وحدة حال وانسجام تام في الخطاب اليومي يلاحظه مَن يتابع تصريحات الحكومة رئاسة ووزراء وكذلك معظم السياسيين وقيادة الجيش، معظمهم تبنى خطاب “حزب الإرهاب المنظم” الذي يسوّق له منذ عام 2012 -سنة إعلانه دخول الحرب في سوريا الى جانب الطاغية “بشار الأسد”؛ وكانت “داعش” محور خطاب “حسن نصرالله” في 15/8/2014، حيث حذّر من أنها “تشكّل خطرًا حقيقيًا على السنة والشيعة والمسيحيين”، و”خطرًا وجوديًا على لبنان وعلى دول المنطقة”. وهنا نسأل المتحمّسين لمواجهة الإرهاب والتكفيريين أليس الحزب المذكور إرهابيًا بل تكفيري أيضًا؟
بالنسبة للإرهاب حدّث ولا حرج، فمنذ تأسيسه على الفكر الدموي الإجرامي “الخُميني” عام 1982 وتاريخه حافل بالإجرام، وكي لا نعود كثيرًا الى الوراء حسبنا أن نذكر اغتيال “رفيق الحريري” وقافلة شهداء “ثورة الأرز”، مرورًا بغزوات 7و11أيار واغتيال النقيب “سامر حنا” وصولاً الى مشاركته في ذبح الشعب السوري وما بين تلك التواريخ من حوادث وخطف وتفجيرات واغتيالات وقتل للدستور وانتهاك للقوانين وتعطيل للحياة السياسية واغتيال للديمقراطية واضطهاد للطوائف واحتلال للكنائس(لاسا) والمساجد (صور وبعلبك) وتعدٍ على الأوقاف السنية والمسيحية، وعبث بالتوزيع الديموغرافي ومصادرة للحريات وانتزاع لمكاسب سياسية وفرض للإرادة الخارجية… كل ذلك بقوة السلاح الميليشيوي الذي يحتل لبنان. هذا في لبنان، أما في المنطقة فتصدير الفكر الخميني المتطرّف لم يترك بلدًا من شرّه، سواء في مصر أو دول الخليج حيث تُكتشف المخططات والشبكات الإرهابية الحزبية والإيرانية باستمرار؛ بعد ذلك كله يحذرنا ذاك الزعيم الإرهابي من الخطر الوجودي لـ”داعش” على لبنان والمنطقة فيما هو ومحوره أمّ الخطر وأبوه.
أما فيما يتعلّق بالفكر التكفيري فالحزب تكفيري أيضًا، والأمر جلي بالنسبة لمن اطلع على المصادر التي يستقي منها فكره الدموي المتطرّف، غير أننا لن نعود إليها بل سنُدينه من فمِه مستندين الى تصريحَين؛ الأول صدر عن رئيس الهيئة الشرعية في الحزب الشيخ “محمد يزبك” في 8/10/2012 بعد تشييع أحد عناصر حزبه الذي هلك أثناء قتله الشعب السوري، فقد أعلنه “شهيد الواجب والدفاع عن الأمّة، وقد استُشهد في معركة كان يُدافع فيها عن كرامة الإسلام والمسلمين”!! ما يعني أنه وحزبه احتكروا الإسلام وكفّروا الشعب السوري -ذا الغالبية المسلمة السنية- بكامله، إذ من غير المعقول الدفاع عن كرامة الإسلام والمسلمين من خلال قتل المسلمين! ورئيس “الهيئة الشرعية” -عشرة خطوط تحت هذه الصفة- يدرك تمامًا معاني وأبعاد مصطلحاته. أما التصريح الثاني فقد صدر 4/8/2014 عبر يبان نعى فيه الحزب إرهابيين له هلكوا في معركة عرسال وجرودها جاء فيه: “استشهد فرسان جدد أثناء قيامهم بواجبهم الجهادي ضد مرتزقة الكفر الوهابية دفاعًا عن سيادة لبنان…”، وهذا تكفير صريح للـ”وهّابية” مع العلم أن هؤلاء محسوبون على أهل السنة والجماعة ولم تفتِ بكفرهم أية مرجعية إسلامية معتبَرة بما في ذلك “الأزهر الشريف”.
لا بد من الاعتراف بأسف شديد، نعم لقد نجح “حزب الإرهاب المنظم” في حملته الإعلانية-الدعائية-الترويجية فوجد أناسًا يتبنون خطابه متغافلين عن أنه بعد سقوط أقنعة “مقاومة” إسرائيل ومعاداتها ودعم القضية الفلسطينية التي تاجرَ بها منذ تأسيسه لسَتر خيانته، صنَع محور الشر السوري-الإيراني الوحش “داعش” ووضع فيه أبشع أنواع الإرهاب والفظائع لتشويه صورة السنّة ووأد الثورة السورية، وقبل ذلك ليغسل صورته القذرة بصورة توازيها قذارة ويسوّق نفسه على أنه حامي الأقليات -حتى السنة!- من هذا الوحش الكاسر. هو رأسمال دسم وتجارة رابحة استثمر فيهما الحزب الإرهابي والنظام الأسدي دوليًا ومسيحيًا واعلاميا وسياسيًا (وقريبًا عبر مؤتمر مسيحي مريب) لتلميع صورتهما عبر ذر الرماد في العيون… فأضاع كثيرون البوصلة! فيما البوصلة السليمة تشير الى حقيقة واحدة هي أن العقل الاستخباراتي الذي صنع “داعش” على وحشيّتها وبربريّتها هو بلا شك عقل يضاهيها قذارة وإرهابًا واجرامًا وتكفيرًا، وبالتالي علينا مواجهة العلة الحقيقية التي هي محور الشر الإرهابي المتهالك الذي يحتل لبنان وسوريا والعراق وإيران وليس إضاعة الوقت في محاولة علاج العارض “الداعشي” الناجم عنها فقط. هذه هي البوصلة فأعيدوا تصويبها ولا تضيّعوها أيها الاستقلاليون.