من المالكي إلى عون… فلنتفاءل
الجمعة 15 آب 2014
بشارة شربل/ليبانون نيوز
رغم الأجواء الكالحة التي تنشرها رايات “داعش” في الأقليم وسلوكيات معطلي قيام الدولة في لبنان، لا بد من تفاؤل قليل.
ليس لأنه “ما أضيق العيش…”، بل لأن اللعبة في مراحل من فصولها تصل إلى نهاية، فيضطر اللاعبون، أو المتآمرون، أو القابضون على مصير بلدان، أن يفتحوا ثغرة تريحهم وتريح من يعمل تحت لوائهم شريكاً محترماً، أو حليفاً معتبراً، أو تابعا صغيراً، أو نابحا على ضفاف القافلة.
هكذا يمكن قراءة استسلام نوري المالكي الذي كان متوقعاً، على أنه اقرار باستحالة أن تتمكن طهران أن تحكم بمفردها وبواسطة أدواتها المباشرة الفظة كل العراق.
اختبر اللاعب المحلي الكبير وزعيم “حزب الدعوة” الأكثر ولاء للجمهورية الإسلامية حدود قدرته على “ممانعة” بسيطة لقرار “الولي الفقيه”. صحيح أن قائد الحرس الثوري هو معلمه الحقيقي وراعيه وصاحب “الملف العراقي”، لكن التطورات التي جعلت المالكي يخوض حرب تكريت بناء على توجيهات قاسم سليماني ويخسرها، وضعت الرجلين في مصاف الخاسرين.
عاد زمن التسويات مع الأميركيين ومع المكونات الأساسية للمجتمع العراقي. قتال “داعش” يحتاج الاميركيين ويستوجب حكومة وحدة وطنية تستعيد السنة وتنفذ مطالبهم وإلا فإن طهران ستغرق في وحل حرب مديدة داخل العراق لا تنفع فيها عنجهية الكلام الانتصاري.
طهران لا تسلم بسهولة. ستحاول أن تبني على “إنجاز” بشار الأسد احتلال المليحة قرب دمشق بعد نكسات شهر تموز الطويلة، لكنها ستكتشف أيضا أن المستنقع الذي اغرقت به الشعب السوري يطفح على حلفائها وعلى مشروعها أيضا، وأن حرب سورية شرحها طويل.
دعونا من كلام الانتصار الحمساوي في غزة. فهو يصلح لقتاة “الجزيرة” وللعاطفيين. تضحيات أهل غزة عاصية على الاستثمار السياسي. الجغرافيا حكمتها بالمبادرة المصرية وبعدو يقتل بغطاء دولي. هناك ليست طهران عنصرا حاسما على حدود إسرائيل.
يبقى لبنان. ممانعته فخر الصناعة الإيرانية تستطيع التعطيل ولا تستطيع الحسم. يمكنها منع قيام الدولة وتعجز عن الانتصار على المؤمنين بقيامها. قادرة على انزال الخسائر بنفسها وبخصومها وفاشلة في الربح إلا على أنقاض الجميع.
طهران أذكى من سياسات الانتحار. تلعب على الحافة وليس الروليت الروسية. هنا الأمل في رؤية ضوء في نهاية نفق الانتخاب الرئاسي.
المالكي المتهور انتهى بإعلانه تقديم مصلحة البلاد على مصلحته الشخصية. الجنرال عون قد يحذو حذو شبيهه العراقي. للعبة حدود، وهو يعرفها. المالكي كاد يفجر بغداد ثم تراجع. عون يقود التعطيل لكنه ليس أقوى من المالكي ولا أقرب الى قلب سليماني، و”حزب الله” جندي في ولاية الفقيه.
فلنأمل…