“لواء أحرار السنّة”=أبو عدس إلكتروني
محمد سلام، الجمعة 15 آب 2014
شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي حققت إنجازاً أمنياً إستباقياً كبيراً يتجاوز بأشواط مجرد توقيف غلام بتهمة تشغيل حساب تويتر بإسم “لواء أحرار السنّة-بعلبك”، وأفشلت مخطط إغتيالات خطير كان بإستطاعته، لو نُفِّذ، تفتيت البلد برمّته وليس تدميره فقط.
“لواء أحرار السنّة-بعلبك” لم تكن مهمته تهديد المسيحيين، مع إحترامنا لمن يصدّقون هذه النظرية، ولم تكن مهمّته تهديد السنّة، أيضاً مع إحترامنا لمن يصدق هذه النظرية.
“لواء أحرار السنّة-بعلبك” أيضاً لم تكن مهمته تقتصر على تشويه صورة السنّة، كما يعتقد البعض.
“لواء أحرار السنّة-بعلبك” لم يكن يديره الغلام الموقوف حسين شامان الحسين، الذي لم يكن أكثر من مشغّل يقتصر دوره على تحميل المواد التي تسلّم إليه على حساب التويتر المخصص لهذه المهمة.
فماذا كانت مهمة “لواء أحرار السنّة-بعلبك”؟
للإجابة عن السؤال لا بد من سرد الحاجة إلى هذا الحساب. لماذا وجد أساساً؟
قاتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن معه ومن سبقه وتبعه على طريق الإغتيال السياسي إكتشف أنه ليس أنشتاين إطلاقاً، إكتشف أنه حمار. وسبب حمرنته هو أنه ظهّر القاتل الذي يريد إلصاق التهمة به (أي المسكين أبو عدس) بعد الجريمة، فجاءت حجته ركيكه، حاول تطعيمها بنظرية الحجاج الإستراليين لتقويتها، ولكنها بقيت ركيكة وتزايدت ركاكتها حتى صارت مسخرة شعبية، خصوصاً بعدما أثبتت التحقيقات الجنائية-العدلية الدولية عدم وجود أي أثر للضحية أبو عدس في موقع الجريمة.
وبما أن المجرم الحمار يريد أن يستمر في القتل، قرر أن يتذاكى لعله يسترد كرامته فيستعيد مرتبة أنشتاين التي تدغدغ غطرسته. وبما أن تكنولوجيا الإتصالات قد تطوّرت، ولم يعد بحاجة إلى شريط فيديو، وإلى شخص يضعه في شجرة، وشخص يتصل بمحطة تلفزيون للعثور عليه وترويجه، قرر تطوير أبو عدس إلى حساب إلكتروني أسماه “لواء أحرار السنّة-بعلبك”.
هكذا وجد حساب “لواء أحرار السنّة-بعلبك” ولكن ما هي مهمته؟
مهمته الإيحاء لكل من يصدق أكاذيبه وتلفيقاته وحملاته التحريضية بأنه يوجد “تنظيم إرهابي سني” يقتل … وجاهز للمزيد من القتل.
وهذه، في علم تكوين الرأي العام والدعاية السياسية، إسمها “تأسيس قناعة راسخة” لدى الرأي العام.
كيف تتم الإستفادة من هذه القناعة؟؟؟
بأن يعلن الحساب مسؤوليته عن عملية إغتيال كبرى تستهدف شخصية لبنانية يؤدي رد الفعل على قتلها إلى … قتل البلد برمته.
منذ إغتيال الرئيس الشهيد كان همّ القاتل أن ينسب الجريمة إلى “أصولي سني” فإخترع أبو عدس، وكانت التهمة واسعة على المسكين الذي يبدو أنه كان من ضحايا الجريمة وليس من منفذيها.
ومع “لواء أحرار السنّة-بعلبك” صار أبو عدس حساباً إلكترونياً جاهزاً. صار القاتل الذي ستنسب إليه جريمة إغتيال معروفاً، مشهوراً، معمماً. والأخطر، وصار الرأي العام يعرفه، ويقتنع بأنه المجرم. صار الرأي العام جاهزاً لقبول تبني هذا الحساب مسؤولية أي عملية إغتيال.
هذه كانت مهمة هذا الحساب القذر الذي يرجّح أن مشغّله الغلام لا يعرف الهدف من ورائه.
وحده القاتل، الذي سبق أن قتل، والذي لا يرى أسلوباً لتعطيل أي حل في البلد سوى القتل، وحده يعرف مهمة هذا الحساب.
الآن، خسر القاتل حسابه. أسقطته شعبة المعلومات، ولكن هذا لا يعني أنه لن يجدد سعيه للقتل، لأنه … قاتل.
(صفحة كلام سلام)