اميل خوري/عون ينفِّذ ما قاله في باريس: “إما أن أصبح رئيساً أو أعطّل النظام

285

 عون ينفِّذ ما قاله في باريس: “إما أن أصبح رئيساً أو أعطّل النظام”
اميل خوري/النهار
14 آب 2014

السؤال الذي يحتاج الى جواب ليس من “حزب الله” ولا من العماد ميشال عون حول الانتخابات الرئاسية إنما من إيران، وهو: هل باتت جاهزة لتسهيل إجراء هذه الانتخابات كما سهلت تشكيل حكومة الرئيس تمّام سلام وإن بعد 11 شهراً فسمّاها الرئيس سلام “حكومة المصلحة الوطنية” و”تيار المستقبل” “حكومة ربط نزاع” و”حزب الله” “حكومة التسوية”؟ الجواب عن هذا السؤال هو في إيران، ولكن متى، كي لا يظل لبنان من دون رئيس إلى أجل غير معروف ويفتح ذلك الباب لفراغ شامل يحذّر الرئيس نبيه بري منه، مكبّراً حجم هذا الفراغ على أساس: “إذا ما كبرت ما بتزغر”.

إن مسؤولية استقرار الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان تقع في الوقت الحاضر على إيران كما كانت تقع في الماضي على سوريا لأنها هي التي تملك ورقة تعطيل نصاب جلسات الانتخابات الرئاسية من خلال نواب “حزب الله” ونواب “تكتل التغيير والاصلاح”. ولتبرير استمرار هذا التعطيل فإن “حزب الله” يتمسك بالعماد عون مرشحاً وحيداً للرئاسة الأولى وعون يتمسك باستمراره مرشحاً لا بديل منه، وقد يذهب الى حد ترجمة ما جاء في مذكرة سرية صادرة عن السفارة الاميركية في باريس بتاريخ 7 حزيران 2007 وفيها أن مدير المنظمات الدولية في وزارة الخارجية الفرنسية السفير جان فيليكس باغانيون نقل عن العماد عون قوله للوزير الفرنسي برنار كوشنير: “أنا البطل الحقيقي الوحيد للسيادة اللبنانية، فإما أصبح رئيساً للجمهورية، وإما أعطل النظام في شكل كامل”، وانه مستعد لتبني أي تكتيك يساعده في الفوز برئاسة الجمهورية. فإذا كان هذا هو موقف العماد عون ولم يتغير منذ الانتخابات الرئاسية الماضية حتى الانتخابات الرئاسية اليوم، ومعه “حزب الله”، فكيف الخروج من أزمة الانتخابات الرئاسية التي، في حال تعذّر الخروج منها، كان الفراغ الشامل والفوضى العارمة التي تضرب أكثر من دولة عربية وتفتح الأبواب للحركات الاصولية والتطرف التي تهدد كيان لبنان ووجوده بحيث يصبح لكل طائفة لبنانها، وقد يعود لبنان الكبير صغيراً إذا لم يتفق الزعماء فيه على صيغة جديدة له تحمي العيش المشترك والسلم الاهلي بالاتفاق إما على اللامركزية الواسعة أو الفيديرالية أو الحياد كما حدده “إعلان بعبدا”؟

لذلك فإن أي اتصال أو لقاء يعقد مع “حزب الله” ومع العماد عون قد لا يكون مجدياً إذا لم يكن لإيران موقف واضح من الانتخابات الرئاسية في لبنان وحتى من السياسة فيه، كما كان للدوحة موقف سهّل إخراج لبنان من أزمة انتخاباته الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومة. ولأن ايران هي في هذا الموقع، فكر الوزير الشهيد محمد شطح في توجيه رسالة الى الرئيس الايراني حسن روحاني يوقعها نواب قوى 14 آذار، لفت فيها الى “الاوضاع الاستثنائية والخطيرة بالنسبة إلى لبنان”، وإلى أن “أمنه الداخلي والخارجي مهدد بشكل خطير، بل أن صميم وحدته في خطر حقيقي أيضاً، ومن واجبنا القيام بكل ما يمكننا من أجل حماية لبنان من هذه التهديدات اليوم أكثر من أي وقت مضى، وان خيارات الجمهورية الاسلامية في ايران تلعب دوراً مهماً في تحديد نجاحنا أو فشلنا”.

وختم تلك الرسالة التي قد يكون دفع حياته ثمناً لما جاء فيها: “سنفعل كل ما بوسعنا لحشد الدعم الذي يحتاج إليه لبنان ويستحقه، وان نجاحنا أو فشلنا سيعتمد على القرارات المتخذة، ليس فقط من قبل الشعب اللبناني، ولكن أيضاً من الآخرين بمن في ذلك شخصكم الكريم. فلا يمكن الانكار، ولأسباب مفهومة، أن هناك العديد من المشككين بإيران في لبنان والمنطقة، ونأمل أن تتمكن خيارات إيران في لبنان من أن تثبت أنهم على خطأ”. إن الجواب الذي ينتظره لبنان من إيران منذ أن وضعت تلك المذكرة وظلت في الأدراج، لا يزال لبنان ينتظره إلى الآن لمعرفة أي خيارات تريد إيران في لبنان. هل تريده سيداً حراً مستقلاً ومستقراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً؟ هل تريده حيادياً عن كل ما يجري حوله باستثناء اسرائيل والقضية الفلسطينية؟ إن إيران إذا كانت تريد فعلاً لبنان هذا، فما عليها سوى أن تطلب من “حزب الله” سحب مقاتليه من سوريا لتأكيد سياسة الحياد والنأي بالنفس، وهي السياسة الوحيدة التي تلائمه، وان تساعد على إجراء انتخابات رئاسية تليها انتخابات نيابية، كما ساعدت على تشكيل حكومة. وفي انتظار الخيارات التي ستتخذها ايران بالنسبة الى لبنان، يستطيع عندئذ ان يخرج من فترة انتظار جواب “حزب الله” والعماد عون، وهو جواب لن يأتي قبل جواب ايران، فتفصل ازمة لبنان عن ازمات المنطقة وتجعل الحل في العراق بداية الحل في لبنان، فتلتقي مصالح الدول على مكافحة الارهاب الذي اصبح العدو المشترك للجميع ولا بد من تضافر كل القوى لمكافحته.