الراعي فكّر بجمع الزعماء الموارنة في الفاتيكان إطاحة المالكي تنعش آمالاً في لبنان؟
روزانا بومنصف/النهار
14 آب 2014
اسقط في يد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي لم يستطع رغم كل جهوده اقناع الافرقاء المسيحيين بالتوجه الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الى درجة مقاربته اخيرا فكرة دعوة الزعماء المسيحيين الرئيسيين الى الفاتيكان من اجل جمعهم معا تحت الضغط المعنوي للموقع وما يمثله من اجل اقناعهم للاتفاق على مرشح للرئاسة الاولى وانجاز هذا الاستحقاق . ولا يبدو ان الفكرة حازت اي دعم بل على العكس وسط انتقادات من سياسيين ومرشحين معلنين ومضمرين لاعتبارات متعددة. الا ان المفارقة ان الانظار لم تعد تنشدّ الى بكركي او الديمان اخيرا بمقدار ما انشدت في الايام القليلة الماضية الى ما جرى من تطورات في بغداد علّ الترياق يأتي من العراق. فمع ان تباشير الحلحلة هناك لا تزال في اولى بداياتها وتطوراتها اللاحقة هي على المحك وليس واضحا او مؤكدا اذا كانت ستساهم في اعادة العراق عن شفير الهاوية، فان التسوية الاقليمية – الدولية التي بدت حول العراق رفعت الامال عاليا لدى بعض الاوساط السياسية وانعشت الرهانات على انسحاب هذه التسوية على لبنان انطلاقا من موضوع الرئاسة.
بالنسبة الى البعض، وعلى نقيض ما كانت التطورات العراقية في العام 1989 نذيرا سيئا جدا بالنسبة الى العماد ميشال عون بعد اتفاق الطائف نتيجة اجتياح صدام حسين للكويت والتحالف الدولي الذي شارك فيه الرئيس السوري حافظ الاسد لطرد قوات الرئيس العراقي من الكويت فكان الثمن الذي حصلت عليه سوريا انذاك اطاحتها عون عسكريا ووصايتها على لبنان، يراقب سياسيون حلفاء له اذا كانت التطورات العراقية ستحمل بشرى جيدة له. وهي مفارقة ضخمة ان يلعب العراق مجددا وبعد ربع قرن دورا حاسما في تقرير المصير السياسي لرئيس التكتل العوني.
فمع ان كثرا يعتقدون ان ورقة عون الرئاسية قد طويت نهائيا الى غير رجعة فلم تنجح كل الجهود والمحاولات التي بذلها من اجل تأمين وصوله الى قصر بعبدا، تفيد معلومات ان رصدا دقيقا يهتم به سياسيون موالون لاعتقاد لديهم انه لا يزال يملك فرصة للوصول وانها لم تقفل بعد وذلك من اجل معرفة ما اذا كان يمكن ان يحصل توافق حول وصوله على غرار التوافق ولو غير المعلن على اطاحة فرص نوري المالكي في رئاسة مجلس الوزراء العراقي مرة ثالثة بين المملكة السعودية وايران والولايات المتحدة. اذ ان الدول الثلاث تعاونت من اجل محاولة تأمين عملية انتقال سياسي في العراق ولو لم يجمعها لقاء واحد. فايران التي ضغطت على نوري المالكي من اجل ان يتنحى ويفسح المجال امام مرشح اخر لرئاسة الوزراء في العراق لم تكتف بموقف واحد في اطار دعم حيدر العبادي ودعم جهوده من اجل تأليف حكومة جامعة بسرعة. والمملكة السعودية من جهتها كانت بادرت وعبر موقف مباشر للملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز في الاول من الشهر الجاري وفي كلمة وجهها الى الامتين العربية والاسلامية الى الدعوة الى مواجهة الارهاب والوقوف في وجه من يحاولون اختطاف الاسلام في ما عد رسالة مباشرة للوقوف في وجه امتداد تنظيم الدولة الاسلامية وتأمين غطاء لمحاربته. في حين قدمت الولايات المتحدة مساهمتها في عمليات عسكرية جوية بدأها طيرانها ضد تنظيم الدولة الاسلامية في مناطق سيطرتها قرب اربيل لتهديدها عاصمة كردستان العراقية. وكان موقف وزير الخارجية جون كيري واضحا في ربط استمرار المساعدة في هذه المواجهة بانطلاق عملية سياسية في العراق تستبعد نوري المالكي وتقيم حكومة شاملة ومقبولة.
يضع هؤلاء السياسيون زيارة الوزير جبران باسيل للاردن ومشاركته في مؤتمر التعاون الاسلامي في جدة في اطار العمل جديا على عدم اهدار الفرصة لامكان وصول عون الى الرئاسة اذا كانت متاحة او جعلها فعلا متاحة نظرا الى اعتقاد راسخ لديه ان المملكة هي المتحفظة عن وصوله الى الرئاسة وليس الرئيس سعد الحريري ضرورة. اذ ثمة نظرية سادت قبل بعض الوقت عن ارتباط مصير الرئاسة وفرصة العماد عون في الوصول اليها بمصير المالكي بحيث يتيح الاستغناء عن الاخير تجدد فرص زعيم التيار بناء على جملة امور تكرر ذكرها في الاونة الاخيرة بالنسبة الى اصحاب هذه النظرية.
لكن مصادر سياسية ووزارية معنية لا ترى فرصة لا لهذه الامال ولا لهذه الاجواء في المرحلة الراهنة على رغم اهمية الاستحقاق الرئاسي علما ان البطريرك الراعي لا يني يلح عليه فيما يستأنف النائب وليد جنبلاط تحركه في اتجاه القيادات المسيحية من اجل تحفيزهم على الاتفاق وانجاز الاستحقاق. اذ ان موضوع التمديد لمجلس النواب هو الذي تقدم الى الواجهة السياسية وهو بات يحتل الاولوية بحيث سيستنفذ الحصول على موافقة الجميع وعلى تحديد مدة التمديد التي ستستهلك ولاية كاملة على الارجح اضافة الى تفعيل عمل المجلس وفق ما لمح رئيس المجلس نبيه بري ارتباطا او تبريرا للتمديد. يضاف الى ذلك ان الانهيار في العراق كان مصيريا وملحا على غير ما هو عليه الوضع اللبناني الذي بات لديه هما اخر يتصل بتداعيات احداث عرسال على الجيش اولا وعلى النازحين السوريين تبعا لما حصل هناك وعلى جملة اعتبارات اخرى ذات صلة.