عودة الحريري الحلقة ما قبل الأخيرة من مسلسل الإرهاب الفارسي
عبدو شامي
09 آب/14
في الفترة الممتدة بين 14/2/2005 و25/5/2008 عُرض الجزء الأول من مسلسل الإرهاب الفارسي الذي تضمنّت حلقاته سلسلة تفجيرات واغتيالات وحرب كبيرة وأخرى صغيرة، طالت الأولى المناطق المسيحية الحرة، وحصدت الثانية خيرة قادة “ثورة الأرز”، وقضت الثالثة على الاقتصاد، وأنهكت الرابعة الجيش في “نهر البارد”، وقد تُوِّج بغزوات أيار الإرهابية… توقف عرض المسلسل فجأة بعد “اتفاق الدوحة” حيث نال حزب الإرهاب المنظم كافة مطالبه من إنهاء حكومة الاستقلال الثاني وتشكيل حكومة ينال فيها الثلث القاتل وقانون انتخاب يرضيه إضافة الى تعيين -لا انتخاب- قائد الجيش السابق ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية.
في الفترة الممتدة بين 9/7/2013 وشباط 2014 عاد مسلسل الإرهاب الفارسي بجزئه الثاني، وتضمّن هذه المرة سلسلة تفجيرات متنقلة بين الضاحية وطرابلس منها الانتحارية وغير الانتحارية كما اغتيل في إحدى حلقاته الوزير السابق “محمد شطح”، وقد توقف عرض هذا الجزء من المسلسل فجأة مع نيل حزب الإرهاب المنظم مطلبه حيث حظي بتغطية “تيار المستقبل” لإرهابه في سوريا واحتلاله لبنان من خلال موافقة “الحريري” على الجلوس مع الحزب في حكومة ائتلافية ولعب دور “مجالس الصحوات” بتسلّمه وزارتي العدل والداخلية.
في الفترة الممتمدة بين 20/6/2014 والمستمرة الى يومنا هذا بدأ عرض الجزء الثالث من مسلسل الإرهاب الفارسي حيث عادت موجة التفجيرات المتنقلة وحرب تهديدات متبادلة لمنظمات وهمية وغير وهمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي كما شهد لبنان معركة عرسال الدموية التي أراد حزب الإرهاب المنظم من خلالها السيطرة على البلدة الاستراتيجية في المكان والمكانة بالنسبة للثورة السورية. ومن المتوقع أن يستمر عرض الجزء الثالث من هذا المسلسل الى حين خضوع 14آذار وقبولها بانتخاب رئيس جمهورية يفرضه حزب الإرهاب مباشرة أو مواربة، وكل المجريات تؤكد من معركة عبرا 2013 الى معركة عرسال 2014 وما بينهما الى أن مرشح الحزب هو العماد “جان قهوجي”.
جديد الحوادث التي لا يمكن -من وجهة نظرنا- عزلها عن مجريات المسلسل الفارسي ومفاعيله هي عودة الرئيس سعد الحريري المفاجئة الى لبنان في 8/8/2014 بعد ثلاثة أعوام وأربعة أشهر من النفي الإرادي والقسري في آن معًا، وفي خلفيات هذه العودة يمكننا قراءة النقاط التالية:
أولاً في الشكل: لا شك أن لبنان هو المكان الطبيعي الذي يجب على الرئيس الحريري أن يتواجد فيه، لكن عجبنا لوصف “الأمانة العامة لقوى 14 آذار” عودته على أنها “عودة شجاعة وبالغة الأهمية”، هي بالغة الأهمية نعم، لكن شجاعة لا، فالشجاعة تكون في عودة الحريري في عز المواجهة ويوم كان مهدّدا لمواقفه الوطنية الاستقلالية المشرّفة كأي قائد يدير المعركة وسط الميدان (وقد ناشده حكيم ثورة الأرز الدكتور سمير جعجع في تلك الأيام بالعودة عدة مرات)، أما اليوم فلا شجاعة أبدًا في عودة كان بإمكان “الحريري” القيام بها منذ بداية العام 2014 عندما زال الخطر عنه بموافقته على تغطية حزب الإرهاب في الحكومة ولعب دور الصحوات خصوصًا أنه أدّاه مع فريق عمله على أكمل وجه حتى وصل به الأمر الى نفي تدخل الحزب في معركة عرسال عشية وصوله الى لبنان رغم نشيد “سيطر ع عرسال” والأفلام المصورة ونعي الحزب لإرهابيين له سقطوا هناك!
ثانيًا في المضمون: تسويق العودة على أنها أتت على خلفية تكليف الملك السعودي للحريري بالإشراف على انفاق هبة المليار دولار للمؤسسات الأمنية غير مقنعة، إذ بإمكان الحريري الإشراف الكامل عليها من الرياض أو باريس، وبالتالي ثمة قطبة مخفية وراء عودته منها ما هو مؤكد ومنها ما هو مرجّح:
فالمؤكد فيها أنها أتت بأمر سعودي لإعادة تفعيل “reactivation” الحريري مجدّدا على الساحة السياسية التي خفت نجمه فيها بفعل تواجده في الخارج، وكذلك الساحة السنية حيث ظهر التململ بوضوح من سياسته الانبطاحية بفعل انقلاباته المتعددة على مواقفه وتعهداته الوطنية المشرفة وخذلانه طائفته في قضاياها المستدامة وبالتالي لا بد من محاولة لاستدراك الأمر ورأب الصدع…
أما المرجّح من العودة فهو أن تكون متصلة بصفقة متكاملة جديدة على منصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وقيادة الجيش ومنصب مفتي الجمهورية (الذي اتضحت معالم تسويته) والانتخابات النيابية، أو بعبارة أكثر صراحة خضوع انبطاحي جديد لحزب الإرهاب على حساب “ثورة الأرز” ومقابل استقرار مزيّف وفتات من المحاصصات يراها الحريري مناسبة، فيما النتيجة استمرار الاحتلال الفارسي للبنان بأقنعة ومظاهر وأدوات مختلفة.
كل ذلك يبقى في دائرة القراءة والتحليل، فهل تكون عودة الحريري الحلقة ما قبل الأخيرة من مسلسل الإرهاب الفارسي؟