ادعموا الجيش بوجه المتورطين في سوريا
علي حماده/النهار/5 آب 2014
الوقوف خلف الجيش اللبناني في المحنة التي تتعرض لها البلاد من بوابة بلدة عرسال الحبيبة واجب كل لبناني، مثلما هو الوقوف مع الذات، فالجيش هو كما نريده احدى القلاع الأخيرة الواقفة سداً أمام تفتيت البلاد على النحو الذي حصل ويحصل في بلدان الجوار. ففي سوريا أدت دموية آل الاسد وافراطهم في قتل الناس الى تكسير البلد فوق رؤوس الجميع وانهيار الجيش السوري. وفي العراق أدى جنوح رئيس الحكومة نوري المالكي واستخدامه الجيش الفيديرالي في قمع السنة الى انهيار العراق الموحد، ومعه الجيش الذي سقط في أقل من أربع وعشرين ساعة. أما في لبنان فالتوازنات الدقيقة التي يقوم عليها البلد، والصيغة التي لا تزال وحدها تحميه جعلت من الجيش اللبناني اقل الجيوش في المنطقة جنوحاً الى ارتكاب أخطاء لا يمكن الرجوع عنها. وبالرغم من مآخذ على قيادة الجيش و بعض الأجهزة الأمنية التابعة له، يمكن القول إن الجيش بقي الى حد معين يتصرف تحت سقف التوازنات و الصيغة اللبنانية الحساسة جداً. في قضية عرسال لا يختلف اثنان حول دعم الجيش. ولكن الالتفاف خلف المؤسسة العسكرية، لا يعني أن علينا تغييب أسس المشكلة التي لا تقتصر على دخول مسلحين سوريين بلدة عرسال واستيلائهم عليها، بقدر ما تتعلق بالسبب الاول لاستدراج الازمة السورية الى لبنان امنياً وعسكرياً، عنينا تورط “حزب الله” العلني في قتل السوريين على أرضهم طوال عامين ونيف. واذا كانت من محاسبة بعد محاسبة المسلحين الذين دخلوا عرسال، فقد وجب توجيهها صوب السياسة الجهنمية التي يمارسها “حزب الله” في سوريا كما في الداخل اللبناني، كونه استدرج عمليات تفجير ضد بيئته الحاضنة، مثلما يستدرج اليوم من خلال حروبه “القلمونية” دخول مسلحين سوريين كان “حزب الله” شن عليهم حرباً على ارضهم في الشهور الماضية. و لذلك فإن من يتحمل وزر دماء شهداء الجيش، وعذابات عرسال هو “حزب الله” واجندته الخارجية، مثلما يتحمل المسؤولون في “حكومة المصلحة الوطنية” (اقله الاستقلاليون والوسطيون) قسطاً من المسؤولية بسكوتهم عن مواصلة “حزب الله” حربه في سوريا، فضلاً عن تغاضيهم على الكثير من الممارسات التي قامت بها أجهزة أمنية لبنانية مخترقة من الحزب، في حين أدت هذه الممارسات الى تظهير صورة غير صحيحة عن الجيش اللبناني مفادها انه يمارس دور الظهير لحملات “حزب الله” في سوريا. اننا مع الجيش، والأهم اننا مع حمايته من ارتكابات “حزب الله”، ومع منع اختراقه في السياسة من قبل ميليشيا ليست سوى الوجه الآخر لـ”داعش”. التكفيريون ليسوا في الموصل ودير الزور والقلمون ومرتفعات عرسال وحدها، بل انهم هنا على بعد امتار معدودة من قلب بيروت، بل انهم في قلبها مارسوا ويمارسون الارهاب والترهيب منذ أعوام طويلة. لنكن مع الجيش، ولنحمه ممن ورطوا البلاد في الدم اللبناني والدم السوري.