لن يتحرك حسن نصر الله لنصرة غزة ورب الكعبة
داود البصري/السياسة
02 آب/14
في تساؤل أطلقته بعض قيادات حركة “حماس” حول موقف “حزب الله” اللبناني مما يجري من مذابح صهيونية بشعة في غزة, وتدمير شامل للحياة هناك وللبنية التحتية, تخوف البعض من أن لا تتدخل إيران ولا “حزب الله” لنصرة غزة إلا بعد سقوطها لا سمح الله, ويكون التدخل لفظيا طبعا, وبأقصى عبارات التهديد والشجب, والاستنكار, ومحاربة الشياطين الكبار والصغار طبعا.
اعتقد جازما أن المراهنة على فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل من جنوب لبنان, أو من أي جبهة عربية أخرى, لتخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي على غزة هي مراهنة بائسة وغير واقعية, فهذه الحرب, رغم بشاعتها, هي أول حرب حقيقية يعتمد فيها شعب فلسطين على قواه الذاتية بعيدا عن الأنظمة العربية العاجزة والمتواطئة التي تكتفي بالتفرج, ومن ثم اللطم والعويل والبكاء, تماما كحال ملوك الطوائف في الأندلس المفقود. إنهم يطلبون الدعم الأميركي والضغط الدولي, وكله مرتبط وموجه لخدمة إسرائيل وطغمتها الفاشية الحاكمة, رغم أن شعوب الغرب تعيش اليوم هول الصدمة الصاعقة وهي تشاهد مناظر ذبح أطفال فلسطين, بالجملة والمفرق, من على شاشات الدنيا, فإسرائيل, وقد أخذتها الهستيريا العدوانية النازية المريضة, تضايقت كثيرا من حجم الخسائر البشرية بين صفوف قوات نخبتها وهو الأمر الذي لم يفعله أي جيش عربي, بما فيه جيوش عربية عريقة مصممة على إفراغ كل شحنات حقدها وكراهيتها وعدوانيتها في الجسد الفلسطيني, بل أنها مصرة, وأمام كاميرات الدنيا, على اقتراف المجازر الإنسانية البشعة في استهتار فظ وعدواني بكل القيم والشعوب, وبما أكد الطبيعة النازية للكيان الإسرائيلي التي سوقت كثيرا أكاذيب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان, وبوصفها الكيان الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط, وهي الكذبة التي تساقطت كأوراق الخريف اليابسة في أوحال غزة.
لقد أوقع المقاومون الفلسطينيون بشجاعتهم, وتكتيكاتهم, وأساليبهم القتالية, المتطورة والمتجددة, خسائر كبرى في الجيش الإسرائيلي ستؤدي في المحصلة الى إسقاط السفاح نتانياهو وزمرته النازية, وستترك انطباعا لكل المهاجرين من يهود العالم لإسرائيل بأن خيار الهجرة الى هناك هو خيار بائس وسقيم لأنه رحيل نحو جحيم حقيقي و مباشر, فلن ينعم المهاجرون بالسلام كون أبنائهم قد تحولوا آلة قتل وعدوان.
الجيش الإسرائيلي يمارس اليوم في غزة حرب إبادة نازية مقرفة, والعالم العربي يتفرج على تلك المجزرة ويتهيأ من جديد لمواسم جديدة من “ستار أكاديمي” و”عرب فويس” و”عرب تالنت” و غيرها من النشاطات الجهادية! أما أهل الجهاد والشعارات بمطاردة الشيطان الأكبر حول العالم فقد أخذتهم الصعقة وسكتوا عن الفعل الصريح وأكتفوا كما فعل مولانا الرفيق علي خامنئي بتوجيه النصائح والمشورة, وابتعدوا عن صداع الرأس لكونهم مشغولين لشوشتهم في محارق العراق و الشام, ف¯”حزب الله” اللبناني الذي يطالب البعض بتدخله عبر تحريك جبهة الجنوب اللبناني لن يفعل أبدا ذلك الشيء لكونه لا يستطيع التحرك بوجود القوات الدولية أولا, ثم أن قوات نخبته في حالة انشغال بذبح أطفال الشام ومساندة نظام دمشق, وهي مهمة ستراتيجية من أجل تثبيت نظام حزب البعث السوري المثير للسخرية, إضافة الى كون قرار الحرب والسلم ليس بيد نصر الله شخصيا, فالرجل مجرد عبد المأمور, و من يقرر التحرك علي خامنئي الذي تجاهل دعوات قائد حرسه الثوري محمد علي جعفري لإصدار فتوى جهادية كفائية “بالستية” عابرة للقارات قد ترعب إسرائيل, فإيران قد طالت خطوط تورطها كثيرا في العراق, وقوات نخبتها هي اليوم تقاتل في شوارع العراق, وتمارس الطائرات الإيرانية مهمة ذبح أطفال الفلوجة والرمادي في المدن العراقية المختلفة تماما كما تفعل الطائرات الإسرائيلية, كما أن طبيعة المهمات المتداخلة تجعل من أي تدخل إيراني فعلي وحقيقي مجرد وهم!
الإيرانيون لا يغامرون بنظامهم وإطلاق صواريخهم ورصاصهم على إسرائيل يعني تدمير نظام طهران وهم لا يريدون تكرار نسخة إيرانية لمصير صدام حسين, ثم أن الحرب مع إسرائيل هي آخر اهتمامات وخيارات النظام الإيراني, فحربهم إعلامية محضة, أو عبر وكلاء, ولتحقيق غايات وأهداف ميكافيللية محضة ومصلحية خاصة, وحسن نصر الله في النهاية مجرد دركي إيراني مرتعب لا يقوى على الحديث إلا من خلف شاشات ال¯”بلازما” العملاقة ومن سردابه الدمشقي التابع لفرع مخابرات القوى الجوية السوري!
لن يتحرك لا العرب ولا العجم لنصرة غزة, والمجرم الصهيوني بنيامين نتانياهو يعرف هذه الحقيقة جيدا, لذلك فهو مستمر في جرائمه البشعة مستخفا بكل القرارات والمنظمات الدولية, ورغم خسائره الشنيعة فإن توقفه عن القتل يعني هزيمة مباشره له ولحزبه, فالدم الفلسطيني وأجساد الأطفال هي للأسف بضاعة في بورصة انتخابية حقيرة.
سواعد أبطال فلسطين هي وحدها من يقوم الأمور ومن يجعل قادة الصهاينة يتلقون درسا تاريخيا في الهزيمة… حسن نصر الله لن يتحرك أبدا… أبدا… وسينتصر أحرار فلسطين لكون الحق معهم, وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون, فمعركة الحرية في العراق والشام وفلسطين واحدة… وقائمة الأعداء واحدة أيضا… هذه هي الحقيقة العارية.