عون أولاً… وأخيراً
أسعد بشارة
الجمهورية
بإعلانه إعطاء الأولوية للإنتخابات النيابية على حساب الانتخابات الرئاسية، يكون العماد ميشال عون قد كرَّس معادلته الجديدة «عون أولاً»، وهي الأخت الشقيقة للمعادلة الأمّ، «عون أو لا أحد»، التي يتفرَّع منها معادلة عون او الفوضى.
انهارت المفاوضات فبات وحيداً
الاستحقاق الرئاسيالتكتيك العوني الأخير…مَن أقنَع عون بأنّ حظَّه في التعطيل؟يأس “رئاسي” في لبنانالمزيدلو قيّض لعون أن ينجح في إقناع الرئيس سعد الحريري بانتخابه رئيساً، لما كان قال أمس، الانتخابات النيابية أولاً. لقد كان السيناريو العوني قاب قوسين او أدنى من الاحتفال بالجنرال رئيساً، حتى كاد الاعلام العوني قبل الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس، يعلن عون رئيساً، في وقت كان الجنرال يستعدّ لنقل الحاجيات الشخصية الى الجناح الرئاسي في قصر بعبدا.
يومها لم يكن عون في وارد الحديث عن إجراء الانتخابات النيابية، ولا عن تعديل النظام لانتخاب الرئيس من الشعب. كان الهاجس الأكبر إقناع الحريري والمملكة العربية السعودية بانتخابه تحت سقف اتفاق الطائف، أمّا بعد تعذّر هذا الانتخاب، فلم يعد الطائف صالحاً ووجب تغييره. هذا هو عون الذي يربط تغيير النظام بمصلحته السياسية، والذي يقبل بكلّ شيء وفق قاعدة إما هو أو لا طائف.
في العام 1990 استعمل عون سلاح الجيش اللبناني في سياق معركته الرئاسية، وها هو اليوم يستعمل سلاح «حزب الله» في خدمة هذا الهدف. يومها أصدر كقائدٍ للجيش بياناً سياسياً يرفض فيه إسقاط اسم رئيس الجمهورية من الخارج.
وبصرف النظر عن صحّة البيان وعدم جواز صدوره عن موظّف لا يحقّ له الكلام في السياسة، فإنّ المنطق الذي استعمله كان في مكانه. أمّا اليوم كما في العام 2008، فقد راهن على توافقٍ عربي – ودولي لانتخابه رئيساً، على عكس ما أعلنه حينها.
مَن راقب حركة عون منذ اشهر في سعيه لتظهير نفسه كرئيس توافقي، أدرَك تماماً استهتاره بكل تاريخه ومواقفه لا بل بجمهوره الذي ينتقل به بين لحظة وأخرى من النقيض الى النقيض، كأنّه يُحرّك دمية مطواعة.
منذ انفتاحه على الحريري، وعون يسوّق لتفاهم اقليمي على انتخابه. طرَق أبواب المملكة العربية السعودية، ولم ييأس من الجواب، مع أنه شعَر بأنّ الابواب موصدة. نسَف كلّ أمل بلبننة الانتخابات الرئاسية، ووضَعها كلياً في أيدي اللاعبين الاقليميين، على أمل أن يقنع هؤلاء بأنّه الرئيس التوافقي، فنسَف بيده كلّ ما كان يؤسّس لخطابه الرافض وصاية الخارج.
راهن على هذه الوصاية لتأتي به رئيساً، ولمّا رفضته عاد الى لعبة خلط الاوراق طارحاً تغيير النظام. علّق أحد السياسيين المخضرمين على كلام عون بالقول: ليُعلن الجنرال معركته الرئاسية تحت عنوان «عون اولاً»، فيصبح حينها اكثر انسجاماً مع نفسه. وأضاف: «خاض معركته الرئاسية في ظلّ الطائف ووافق عليه، فلماذا نزل نوابه الى الجلسة الاولى، إذا لم يكن موافقاً على الطائف؟
فهل كان الطائف سيصبح جيداً لو انتُخب هو رئيس الطائف؟ بعد انهيار مفاوضاته مع الحريري، أصبح عون وحيداً. طرَح تغيير النظام فبات في مواجهة مع الجميع، خصوصاً مع الكنيسة التي تطالب بانتخاب رئيس للجمهورية فوراً، والتي بات رأسها يتحدّث علناً عن المآرب الشخصية، الكامنة وراء تعطيل جلسات الانتخاب».
يقول سياسي آخر موجِهاً كلامه إلى عون: «تَطرح تغيير النظام، وتعديل الطائف جذرياً فما هي أدواتك وضماناتك في هذا التغيير؟ وماذا تملك غير حنجرة النائب السابق ايلي الفرزلي للاتكال على حصول هذا التغيير، من دون التورّط في خسارة التوازن الذي يَحمي المسيحيين، وماذا تملك من ضمانات لعدم تحوّل هذا المسعى الى هزّ للاستقرار، شبيه بما يعيشه العراق وسوريا؟