وهم رئاسة عون …إنتهى!
29 تموز/14
يقال نت/مع أن لقاء الأمين العا لحزب الله حسن نصرالله ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كان التطور الوحيد في الجمود الذي يتحكم بالرئاسة، لأنه الاتصال الأول مع «حزب الله» من الفرقاء المعنيين بالوصول إلى رئيس تسوية، فإن العارفين بخلفية هذا اللقاء يقرّون بأنه لم يحمل جديداً على صعيد جهود إنهاء الشغور الرئاسي. بل إن اللقاء انهمك في قراءة الصورة الأشمل من الوضع اللبناني، من زاوية التعقيدات التي طرأت على الوضع الإقليمي الذي يتحكم بمصير الرئاسة، ويحول دون حسمها.
وفي وقت اعتبرت أوساط العماد ميشال عون أن هدف جنبلاط من اللقاء هو العمل على استبعاد زعيم «التيار الوطني» من الرئاسة، فإن أوساط جنبلاط قالت إنه «ليس لديه أي وهم بأن عون ما زال مطروحاً للرئاسة». فهذا الاحتمال انتهى، و«ما حتم اللقاء التطورات الإقليمية وحرب غزة التي تفرض التشاور في ظل الصمت العربي والدولي على المجازر الإسرائيلية».
وتتعامل أوساط الحلقة الضيقة (في الفرقاء جميعاً) مع الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً مما تعتبره وقائع سياسية باتت ثابتة كالآتي:
– إن إنهاء الشغور الرئاسي مرتبط بتسوية إقليمية تسمح بالتوافق على رئيس تسوية من خارج المرشحين الثلاثة المطروحين، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وزعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون وعضو «اللقاء النيابي الديموقراطي» هنري حلو.
– إنه مع إبداء استعداد جعجع للانسحاب من السباق الرئاسي، وعدم القبول بحلو مرشح تسوية، فإن أياً من المرشحين الأقطاب المسيحيين الثلاثة الآخرين أي رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وعون بات مستبعداً. وبقاء ترشح عون معلقاً لا يعني أنه يبقى وارداً، بل إن حلفاءه مثل خصومه حسموا أمرهم باســتبعاده، وهذا ينطبق ضمناً على «حزب الله» وتيار «المستقبل». وكل منهما ينتظر الآخر لاعلان ذلك.
– إن «حزب الله» يعلّق إنهاء الشغور على وضوح الوضع الإقليمي نظراً إلى أن ما سترسو عليه المعادلة الإقليمية سيحدد هوية الرئيس التسوية. وهو يستظل إصرار عون على الرئاسة لإطالة أمد الفراغ في انتظار التسوية التي تعكس المعادلة الإقليمية.
ويعتبر أحد أقطاب الحلقة الضيقة أن لا رئيس جديداً إلا بإعلان عدم ترشح عون، كإشارة إلى الاستعداد لإنهاء الشغور. وبعدها قد يتطلب الاتفاق على الرئيس التسوية أياماً أو أسبوعين أو ثلاثة على أبعد تقدير، حيث يكون «حزب الله» حسم أمره استناداً إلى المعادلة الإقليمية، فهو الذي يمسك بمسألة الشغور الرئاسي.
ويستند بعض الحلقة الضيقة المعنية بالرئاسة في لبنان في هذا الاستنتاج، إلى نتائج الاتصالات التي أجريت مع طهران لدعوتها إلى بذل جهودها لانتخاب رئيس في لبنان، وآخرها الجهود الفرنسية، حيث كان الجواب أن ليس لديها ما تقدمه في هذا المجال لأن القرار لدى «حزب الله». وفي مجال آخر كان جواب القيادة الإيرانية أنها تترك الأمر للتنسيق بين «حزب الله» والرئيس السوري بشار الأسد، وفهم المتصلون بالجانب الإيراني من ذلك أنها ليست في وارد تسهيل إنهاء الشغور الرئاسي في هذه الظروف.
تراجع دور طهران وتمسكها بالاوراق
وتساءل مراقبون يدركون التعقيدات الإقليمية المحيطة بالرئاسة، عما إذا كانت التسويات التي تقبل عليها طهران في العراق بتعديل موقفها بعد تطورات 10 حزيران (يونيو) الماضي، والتي كانت ضربة لنفوذها في السلطة فيه، وقبولها بتغيير رئيس الوزراء نوري المالكي، يمكن أن ينسحب على لبنان، بحيث تسهل انتخاب رئيس تسوية فيه.
وانطلق هؤلاء من أن إيران، ومعها «حزب الله»، تحتاج إلى تفكيك العقد التي برزت أمام امتداد نفوذها الإقليمي، في بلاد الرافدين، حيث تقاطعت مصالح إقليمية عدة في وجه هذا الامتداد، تركية وقطرية وسعودية، يضاف إليها عدم قدرتها على تثمير نجاحها في تثبيت نظام الأسد في سورية بدليل عجزه عن القيام بأي مبادرة تعيده طرفاً في تسوية ما، بعد إعادة انتخابه رئيساً، وبدليل اضطرار «حزب الله» للعودة إلى خوض معارك شرسة مع المعارضين السوريين في منطقة القلمون، بعدما اعتبر أنه حقق انتصاراً فيها بالسيطرة عليها مع الجيش النظامي، واستجلابه باستمرار تدخله في سورية أصناف الإرهاب إلى الداخل اللبناني. هذا فضلاً عن ان حرب غزة اظهرت تراجع دور ايران في البحث عن وقف النار لمصلحة الدول المذكورة إضافة الى مصر.
إلا أن هذا التساؤل عن إمكان إقدام طهران على تسويات في العراق مع الحالة السنّية المتمردة على نفوذها العلني فيه، تنعكس على الوضع اللبناني بقراءة معاكسة ترى أن الجانب الإيراني مع استعداده للتخلي عن المالكي في العراق يتبع مناورة، تخفي تشدده في مسألة نفوذه هناك، إذ يطرح بدلاء له قد يكونون مثله متصلبين (او اكثر) إزاء الحالة السنّية العراقية، ما يجعل الافتراض بأن التساهل في العراق قد ينعكس لبنانياً، غير وارد. هذا فضلاً عن أن هذه القراءة تعتبر أن طهران تتمسك بأوراقها على رغم ما أصابها لعلها تدفع الإدارة الأميركية إلى التعاون معها على إدارة الوضع العراقي تحت عنوان مواجهة «داعش» والإرهاب، بعدما رفضت واشنطن ذلك بحجة عدم استعدادها لمشاركة طهران في معركة هدفها تثبيت نفوذها في العراق.