عبد الوهاب بدرخان/قضية العسكريّين: خيارات الدولة تتقلّص

167

قضية العسكريّين: خيارات الدولة تتقلّص

عبد الوهاب بدرخان/النهار

10 كانون الأول 2014

لا أحد يريد التدخل في عمل الخلية الأمنية، لكن أحداً لا يعرف ماذا تفعل أو اذا كانت هي نفسها تعرف ما الذي تفعله، بعدما طال الوقت ولم تظهر أي نتائج. فقضية العسكريين المخطوفين تتسلط عليها الأنظار، وكل الخيارات المتاحة في معالجتها ليست جيّدة ولن تكون، لكن تحرير العسكريين كغاية يمكن أن يبرر أي وسيلة. ويُخشى أن تكون الدولة خسرت بعضاً من الخيارات، لأنها أوقعت نفسها في أسر اعتباراتها وفي فخ الانقسام السياسي الذي كان يجب تجاوزه وإنهاء المشكلة في بداياتها. فالإطالة، ولو غير المقصودة، فتحت الأبواب لكل أنواع المخاطر، سواء بلجوء الارهابيين الى تطييف الذبح، أو بتكرار الأشرطة اللاعبة على التناقضات اللبنانية المعروفة، أو بإتاحة الفرصة للمزايدين داخلياً.
ولا أحد يلوم أهالي العسكريين على لوعتهم، أو يرغب في مفاقمة محنتهم، أو يستطيع أن يكون محلهم في مصابهم مهما أحيطوا بمشاعر صادقة ومؤازِرة، وقد وضعهم استشهاد الرقيب علي البزال في إحباط شديد، ولم يعودوا واثقين بأن اعتصاماتهم وحراكاتهم يمكن أن ترضي الارهابيين الخاطفين فتحول دون جرائمهم، أو تضغط على الحكومة لتحسم أمرها بالنسبة الى تبادل المخطوفين بمعتقلين. يتبيّن اليوم أنه كان من الأفضل لو أن الجيش أخذ على عاتقه ملف العسكريين وذويهم ليبقى الأمر في الاطار المناقبي، لأن تركه في الشارع أعطى الخاطفين وسائل لتصعيد الضغوط والتهديدات والابتزازات.
ولا أحد، أيضاً، يستخف بـ “هيبة” الدولة أو يدعوها الى الركوع والخضوع، ولكن، مرّة اخرى، ما هي البدائل؟ نعم، كانت هناك وساطة قطرية، فهل كان يُتوقّع منها تحرير العسكريين من دون مقابل، أو لقاء مبالغ مالية فقط؟ من الواضح أن “جبهة النصرة” و”داعش” لن يرضيا بأقل من اطلاق عدد من أنصارهما المعتقلين. فهل أن الحكومة ترفض لأسباب مبدئية، أم لتعقيدات قضائية، أم لعراقيل تعوّق القرار السياسي؟ تصعب مطالبتها بمصارحة اللبنانيين، لكن التكتم يأكل من رصيدها. وكان هناك مسعى لإقناع تركيا بالتوسّط، وكأن الساعين يجهلون أن أنقرة قايضت رهائنها في الموصل بمعتقلين داعشيين لديها. بل ينسون أن “حزب الله” استعاد أسيراً له بالمقايضة.
لم ينتبه الغاضبون بعد قتل علي البزال الى أن مطالبتهم الدولة بالردّ بإعدام محكومين لديها تحكم بالموت على العسكريين المحتجزين. وفي مناخ الخوف من ردود فعل مذهبية، لم نسمع أي مسؤول يستنكر الانتقامات التي حصلت على رغم أنها جرائم موصوفة قضى فيها عشرة سوريين لا ذنب لهم. وأخيراً، تكررت الانتقادات لـ “ضعف” الدولة، تحديداً من جانب من عملوا على إضعافها، فهم يدعون الى “الحسم ضد الارهاب”، ولعلهم يريدون أن يجرد الجيش حملة في الجرود ظاهرها السعي الى تحرير العسكريين وواقعها الانخراط في الصراع السوري من دون حسم ولا تحرير…