اتيان صقر ـ أبو أرز/وأخيراً… العروبة تلفظ انفاسها

137

وأخيراً… العروبة تلفظ انفاسها.
اتيان صقر ـ أبو أرز/17 كانون الأول/2020
بيان صادر عن حزب حراس الأرز- حركة القومية اللبنانية

الان، و بعد انضمام المملكة المغربية الى مسلسل اتفاقيات السلام التي وقعتها مؤخراً دولة الأمارات العربية والبحرين والسودان مع دولة إسرائيل، نستطيع القول ان العروبة بدأت تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن كانت في “الكوما” لسنوات عديدة اي منذ أن انسحبت مصر من منظومة دول المواجهة العام ١٩٧٨، ورفعت راية السلام مع أسرائيل، ثم لحقت بها المملكة الأردنية في ما بعد.

وللتأكيد نقول أن هذه الحركة العروبية التي ملأت الدنيا زعيقاً وقرقعةً وشعاراتٍ فارغة على مدى قرنٍ من الزمن، قد وصلت اليوم إلى نهاية الطريق بعد أن فقدت مبررات وجودها وأهدافها الأساسية، وهي:

الهدف الاول ايديولوجي، ويرمي إلى توحيد البلاد الواقعة بين “الخليج الثائر والمحيط الهادر” في قومية واحدة اسمها القومية العربية، ولكن سرعان ما سقط هذا الوهم مع سقوط الوحدة بين مصر و سوريا العام ١٩٥٨-١٩٦١ على يد رائد العروبة وحامل لواءها جمال عبد الناصر.

الهدف الثاني عسكري، ويرمي إلى تحرير فلسطين من “النهر الى البحر”، وقد سقط هو الأخر سقوطاً مخزياً خصوصا في حرب الأيام الستة العام ١٩٦٧ وعلى يد عبد الناصر أيضاً.

الهدف الثالث سياسي، أعلنته الجامعة العربية في قمة الخرطوم بعد الهزيمة العسكرية المذكورة أعلاه و يقوم على ثلاث لاءات: لا للتفاوض، لا للأعتراف، لا للسلام، فأصبحت اليوم : نعم للتفاوض، نعم للأعتراف، نعم للسلام… زائد نعم للتطبيع.

وهكذا لم يبقَ من هذه الحركة الوهمية سوى هذه الجثة المسماة جامعة الدول العربية التي لم تجد بعد من يدفنها.

هناك من يخلط بين العرب والعروبة، ومأخذنا هو على العروبة كحركة سياسية جرّت على لبنان كل انواع المآسي والحروب والكثير من الدماء والدموع:

1- بأسم العروبة حاولوا طمس هوية لبنان اللبنانية، ودمج القومية اللبنانية “بالقومية العربية”، والمؤسف ان تزوير التاريخ على هذا النحو الفاقع والخطير أصبح اليوم مُشرعناً في دستور الطائف، ولن نهدأ قبل إلغائه.

2- وبأسم العروبة حاول عبد الناصر ضم لبنان الى الوحدة المصرية- السورية ١٩٥٨، فقاومناه في حربٍ قاسية كلفتنا الكثير، ولم تتوقف ألا بعد تدخل الأسطول السادس الأميركي بطلبٍ من الرئيس كميل شمعون.

3- و بأسم العروبة اتانا أبو عمار وعصاباته الأرهابية العام ١٩٦٩ ليحرر فلسطين من جبهة الجنوب، ثم عاد و”استحلى” ان يحررها من جبهة عيون السيمان وجونية وعينطورا وزحلة وعكار… الخ ، ولم ينسَ ان يعرّج على الدامور وشكا والعيشية وغيرها من القرى النائية ليترك فيها بصماته الدموية البالغة الوحشة؛ هذا مع العلم ان كافة أنظمة الدول العربية” الشقيقة” ساندت هذا الغازي في حربه على” شقيقهم” الأصغر ودعمته في كافة المجالات.

4- و بأسم هذه العروبة وبقرار من قمة الرياض ١٩٧٦ جاءَتنا “الشقيقة” سوريا لتمعن في “شقيقها” الأصغر قتلاً وذبحاً وقصفاً وتدميراً ونهباً وتنكيلاً وتهجيرا طوال ٣٠سنة، وعلى مرأى ومسمع من جميع “الأشقاء” من دون أن نسمع منهم اعتراضاً واحداً او استنكاراً او تنديداً.

واليوم، و في عز أزمتنا الوجودية، وفيما لبنان يترنح بين الحياة والموت، يقف “الأشقاء” العرب مكتوفي الأيدي غير مبالين وربما شامتين، متحججين بتحالف السلطة اللبنانية مع المحور الأيراني رغم علمهم اليقين ان هذه السلطة الفاسدة والمارقة لا تمثل شعبها أبداً ولا تشبهه في شيء، وقد أعلن هذا الشعب في تظاهراته المليونية وبالصوت العالي رفضه لهذا التحالف ولسلاح” حزب الله” غير الشرعي، ولكن لا حياة لمن تنادي.

الخلاصة؛
منذ حوالي نصف قرن أعلنا الثوابت السياسية القادرة على انتشال لبنان من الدوامة الجهنمية المزمنة التي يتخبط فيها، وكررنا هذه الثوابت مئات المرات وفي كل المناسبات، واليوم نعيد تكرارها علّه في الأعادة إفادة:

١- لبنان كان ويبقى وسيبقى لبنانياً.
٢- هوية لبنان هي لبنانية وترفض اي نعت إضافي يأتيها من الخارج.
٣- ضرورة سحب لبنان مما يسمى “بالجامعة العربية” في أقرب فرصة ممكنة.
٤- إبعاد لبنان نهائياً عن سياسة المحاور الخارجية، إقليمية كانت ام دولية.
٥- إعلان حياد لبنان التام بحسب النموذج السويسري وتحت إشراف ورعاية الأمم المتحدة، هذا الحياد الذي لم نكف عن المطالبة بتحقيقه منذ عقود، والذي تبنته بكركي مشكورةً ولو متأخرة.

أن هذه الثوابت التي ناضلنا طويلاً من أجل تحقيقها، واقسمنا لها يمين الولاء، وحملنا السلاح ذوداً عنها، ودفعنا ثمنها دماً غالياً كريماً وعزيزاً،.. نضعها اليوم في عهدة اجيالنا الجديدة لكي يتابعوا المسيرة وصولاً الى بناء دولةٍ حديثة تليق باحلامهم وبتاريخ وطنهم وتراثه الفينيقي العظيم.

لبيك لبنان
اتيان صقر ـ أبو أرز.