علي حماده/الحوار مطلوب لا الاستسلام

266

الحوار مطلوب لا الاستسلام

علي حماده/النهار

27 تشرين الثاني 2014

اذا كان “حزب الله” ينشد الحوار مع “تيار المستقبل” أو أي من مكونات قوى ١٤ آذار من اجل وضع الخلافات على الطاولة للبحث في حلول منطقية فهذا امر جيد في المبدأ. اما اذا كان ينتظر استسلاما لسياسة الامر الواقع التي يمارسها في الداخل والخارج ويفرضها على اللبنانيين ففي وسعه الانتظار طويلا، لأن ايا من مكونات قوى ١٤ آذار لن يجلس الى طاولة حوار مع “حزب الله” ليوقع له “شيكا” على بياض. هذا هو منطلق أي حوار أو نقاش يحصل مع “حزب الله” اليوم وغدا. واذا شارك الرئيس سعد الحريري أو من ينتدبه في الحوار فلإسماع “حزب الله” ما ينبغي ان يسمعه على أكثر من مستوى، وفي اكثر من موضوع. والحوار مع “حزب الله” اذا حصل لا يمكن ان يكون ثنائيا يغيب عنه الشركاء الاستقلاليون، ولن يكون. فلا صفقات ثنائية أو ثلاثية أو رباعية، بل طرح لجملة من المواضيع الخلافية والعميقة التي تقسم البلاد عموديا، وتضعه دائما في مهب رياح الفتنة الوطنية والمذهبية. كما ان الحوار لا يمكن ان يكون نسخة جديدة من الحوار الذي توقف عند نقطة “استراتيجية الدفاع الوطني”، أو عند تنصل الحزب من توقيعه على “اعلان بعبدا” وذهب للقتال في سوريا مستدرجا الى لبنان نيران الازمة السورية ودماءها. ولا يجوز ان يغيّب أي حوار مع “حزب الله” المعارضة الشديدة والدائمة لبقاء سلاحه على ما هو، أي خارجا على الشرعية، والاجماع الوطني. واذا كان الحوار الذي يطالب به “حزب الله” امرا مطلوبا في المبدأ في أي وقت، فإن الشكل مهم جداً، خصوصا ان الحوار الوطني كان يتم عادة برئاسة رئيس الجمهورية الضامن لاحترام الدستور والمؤسسات ورئيس الدولة. و”حزب الله” يتحمل مسؤولية كبرى في الشغور الرئاسي لاسباب لا تخفى على احد. كما ان اقتصار الحوار المطروح راهنا بين اكبر مجموعتين سياسيتين في البلاد لا يمكن في أي حال ان يختصر جميع اللبنانيين، باعتبار ان لبنان بلد مركب، وتسيّره توازنات دقيقة، وان تكن قد تعرضت لاختراقات كبيرة على مر السنوات الماضية بفعل وجود فريق مسلح في البلاد، استخدم ويستخدم سلاحه رافعة سياسية.

الحوار ان حصل لا يمكن ان يقفز فوق احلام اللبنانيين، وتضحيات الاستقلاليين قادةً وجماهير، وان تكن ثمة حاجة الى فتح قنوات حوارية ضرورية لمنع انزلاق لبنان الى نار الاقتتال الداخلي على نحو ما يحصل في الجوار. فالتهدئة التي حصلت مطلع العام كانت ايجابية، حتى لو لم تنتج تسوية. والحال ان الزمن الاقليمي الراهن ليس للتسويات، بل ان افضل الامور هو تحصين التهدئة لاطول مدة ممكنة. اما ما يطرحه “حزب الله” من “تحالف وطني” ضد الارهاب فأمر لا يحتاج الى مشهدية اللقاءات القيادية، وخصوصا ان أي تحالف ينبغي ان يكون تحت لواء الدولة ودعما للجيش وحده بلا شريك. نعم لحوار ولكن لا ينتظرن “حزب الله” استسلاما مقنعا.